زيارة الحريري إلى واشنطن تشعل سجالا لبنانيا قبل حصولها

صقر يؤكد: سيقول هناك ما يقوله في بيروت... وحزب الله يريد منه «إظهار الثوابت»

سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني لدى استقباله السفير السعودي علي عواض عسيري في بيروت أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

ستكون زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري واشنطن محط جدل لبناني بدأ منذ لحظة الكشف عنها بطريقة غير رسمية، واستمر بعد الإعلان الرسمي، ويتوقع أن يتصاعد مع اقتراب موعدها الفعلي في 24 الحالي، فيما أعادت هذه الرحلة موضوع «زيارة» الحريري لسورية إلى الواجهة مع تسريب معلومات عن طبيعة العلاقة بين الحرير ودمشق وإعلان الأخير أنه قد يزورها قبل واشنطن. لكن مصادر لبنانية مواكبة للاتصالات بين بيروت ودمشق أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن لا جدول أعمال محددا حتى الساعة، مشيرة في المقابل إلى أن الأجواء بين الحريري ودمشق «ليست عاطلة» كما يتم الترويج لبنانيا.

وفيما قال النائب علي فياض، أحد أعضاء كتلة نواب حزب الله إن «هناك ثوابت لبنانية يلتقي عليها الجميع، ويجب إظهارها في مختلف المواقف والزيارات الرسمية»، مشيرا إلى أنه يأتي في طليعة هذه الثوابت التمسك بالمقاومة، والتحذير من الاعتداءات الإسرائيلية، ورفض التدخل في شؤوننا الداخلية»، رفض عضو كتلة الحريري النائب عقاب صقر محاولات التشويش على الزيارة قبل انطلاقتها. واستغرب صقر ما يشاع عن مواقف الحريري، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها مواقف ثابتة وراسخة، وما قاله في لبنان سيقوله في واشنطن وفي باريس وفي سورية»، مشددا على تمسك الحريري بـ«الثوابت» نفسها، وأنه مع قيام أفضل العلاقات مع الدول الصديقة انطلاقا من مراعاة مصلحة لبنان أولا.

وقال صقر إن التطورات الأخيرة التي حصلت في لبنان في ما خص ملف الدعم الأميركي والمساعدات الأميركية للبنان أدت إلى اهتزاز في هذا الملف، موضحا أن الحريري سوف يعمل على إعادة إرساء ملف الدعم على قواعد وأسس ثابتة تراعي المصلحة اللبنانية أولا وأخيرا. مشددا على أن الحريري سوف يؤكد من خلال منبر مجلس الأمن على ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل، معتبرا أن هذه الزيارة هي جزء من تحرك دول الاعتدال العربي في الخارج لدعم عملية السلام انطلاقا من المبادرة العربية.

وأكد مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق محمد شطح أن الحريري يذهب إلى واشنطن رئيس حكومة لبنان وليس فريقا سياسيا. وواشنطن ليست المكان لمناقشة ملف حزب الله إنما على طاولة الحوار. وأشار إلى أن ما سيقوله الرئيس الحريري هو أن اللبنانيين يتناقشون في هذا الموضوع ويبحثون عن السبيل الأسلم لحماية بلدهم. ومع اختلافهم على سلاح حزب الله ودوره، هم متفقون على أن إسرائيل عدو، وهم سيقررون عبر الحوار أفضل طريقة لمواجهتها.

إلى ذلك، قال وزير الدولة جان أوغاسبيان إن «رئيس الحكومة سعد الحريري أبلغ مجلس الوزراء عزمه القيام بزيارات للدول العربية ومن بعدها سيتوجه إلى الولايات المتحدة الأميركية، وأن سورية ستكون من بين الدول العربية التي يعتزم زيارتها، لكن المواعيد لم تحدد بعد لأنها مرتبطة برؤساء الدول العربية وبتنظيم الزيارة»، مشيرا إلى أن «المعلومات التي أعرفها أن العلاقة جيدة مع سورية وهناك تواصل دائم ومستمر والشق المتعلق بالاتفاقيات يأخذ طريقه الطبيعي». وأضاف: «هناك سبق إعلامي حول موضوع العلاقة مع سورية وهذا ليس بجديد فهذا موجود منذ عام 1975». وختم قائلا: «لُبّ العلاقة مع سورية يكون في العلاقة بين المؤسسات وهذا ما نريده».

وكان رئيس حزب «التوحيد» اللبناني الوزير الأسبق وئام وهاب المقرب من حزب الله قال إن زيارة الحريري لن تحمل جديدا ولن تفضي إلى نتائج على صعيد الملفات المهمة، مشيرا إلى أنها قد تكون للذكرى وأخذ الصور، واصفا إياها بأنها «بلا طعمة». ورأى وهاب أن مشكلة الشرق الأوسط لم تعد أولوية لدى الإدارة الأميركية، مؤكدا أن مأزق أميركا في العراق وأفغانستان دعاها لتأجيل مشكلات فلسطين ولبنان، معتبرا أن الانفتاح الروسي على المنطقة وتناغم المواقف السورية الإيرانية والتركية ستعيد خلط الأوراق في المنطقة وستضع أميركا أمام خيارات صعبة، خصوصا مع عجز حلفائها من عرب الاعتدال عن تغيير الواقع.

ورأى القيادي في «تيار المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش أن «توجيه الانتقاد إلى زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى واشنطن، دليل على استمرار الانقسام الداخلي على مختلف الصعد، لا سيما على مستوى السياسة الخارجية للبنان، وذلك على الرغم من مشاركة الجميع في حكومة الوحدة الوطنية». واستغرب علوش هذا المنطق، معتبرا أنه «يؤكد سوء الخيار في إدخال المعارضة والأكثرية في نفس الحكومة، لأن كل طرف سيستمر في التصويب على الآخر». وقال: «هذا الانتقاد لزيارة الحريري واشنطن دليل أيضا، على استمرار تأزم الوضع الإقليمي بسبب تعثّر عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط والملف النووي الإيراني إضافة إلى الاختلافات الواضحة لجهة تطبيق القرار 1701 في الوقت الراهن».

وشدّد علوش على «أهمية زيارة الحريري الولايات المتحدة، لا سيما أن لبنان يمثّل المجموعة العربية في مجلس الأمن»، مرجّحا أن يزور الحريري عددا من العواصم العربية قبل توجّهه إلى واشنطن». ولفت إلى أن «حديث الحريري خلال جولته الأميركية سيكون مستوعبا للرأي العام العربي وبخاصة الدول العربية الكبرى».