اليازغي: إيران طلبت من دولة خليجية التوسط لحل خلافها مع المغرب

وزير الدولة المغربي قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إنه لا حل في الأفق لنزاع الصحراء

محمد اليازغي يتحدث لـ«الشرق الأوسط» في الرباط (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

كشف محمد اليازغي وزير الدولة المغربي (بمثابة نائب رئيس وزراء)، لأول مرة، عن تفاصيل مثيرة حول لقاء تم بينه وبين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، على هامش القمة الاقتصادية والاجتماعية الإسلامية التي عقدت في تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وكان ذلك اللقاء هو أول اتصال مغربي - إيراني بعد أن قطعت الرباط علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في مارس (آذار) من العام الماضي، بسبب تأييد المغرب للبحرين، وكانت الخارجية المغربية أصدرت بيانا في ذلك الوقت تقول فيه إن السلطات الإيرانية «سمحت لنفسها التعامل بطريقة متفردة وغير ودية، ونشر بيان تضمن تعبيرات غير مقبولة في حق المغرب، إثر تضامنه مع البحرين، على غرار الكثير من الدول، بشأن رفض المساس بسيادة هذا البلد ووحدة أراضيه».

وتطرق اليازغي، وهو أيضا قيادي بارز في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى علاقات حزبه العربية، وما يتردد حول انحسار هذه العلاقات. وتحدث اليازغي، الذي تتسم تصريحاته دائما بالجرأة ويستعمل خلالها لغة سياسية مباشرة، إلى الخلاف المغربي - الجزائري ونزاع الصحراء، وقال إن المسؤولين الجزائريين لم يعودوا يزورون المغرب. وأطلق اليازغي وصفا جديدا على البوليساريو، وقال إنه «حزب سياسي» يفتقد إلى الديمقراطية الداخلية.

كما تحدث اليازغي عن المستشار الملكي الراحل عبد العزيز مزيان بلفقيه، وكشف النقاب لأول مرة عن أن بلفقيه كان يرغب في الترشح باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في انتخابات جرت في التسعينات، لكن الملك الحسن الثاني لم يقبل الفكرة. وقال اليازغي إن مفهوم التكنوقراط الذي ساد في «سنوات الرصاص» لم يعد مقبولا الآن. وفيما يلي الحوار الذي أجري في الرباط مع محمد اليازغي.

* أثار لقاؤك مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في القمة الإسلامية الاقتصادية والاجتماعية التي عقدت في تركيا عدة تساؤلات لكن لم تصدر أي توضيحات منذ ذلك الوقت حول ما جرى بينكما، ماذا قال لك الرئيس الإيراني؟ وهل ستشهد العلاقات المغربية - الإيرانية انفراجا وبالتالي استئنافا للعلاقات الدبلوماسية؟

- تم اللقاء مع الرئيس الإيراني محمود أحمد نجاد صدفة، كنت ممثلا رسميا لملك المغرب في القمة الإسلامية التي انعقدت في إسطنبول، بعد أن دخلت الوفود إلى قاعة الاجتماعات، استقبلنا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ثم مر بجانبي وزير الخارجية الإيراني الذي أعرفه جيدا، قدمني للرئيس الإيراني الذي تحدث معي بلغة عربية سليمة وقال لي «نحن نحبكم، نحبكم، نحبكم» وكررها ثلاث مرات. وأضاف «ليست لنا مشكلات معكم». أجبته نحن أيضا نحبكم ولكن وجهتم لنا إهانة باستدعاء القائم بالأعمال المغربي في طهران في حين لم تقوموا بالشيء نفسه مع 40 دولة عبرت عن تضامنها مع البحرين، إذ استدعيتم ممثل المغرب وحده وهذا غير عادل. أجابني الرئيس نجاد، والآن ما العمل؟ قلت له، الأمر بين أيديكم نحن نريد رد الاعتبار. بعد ذلك مضى كل واحد منا إلى حال سبيله. لكن حتى الآن لم تقم إيران بأي مبادرة لرد الاعتبار للمغرب، على الرغم من أنهم طلبوا من دولة خليجية التوسط معنا، لكن لم تكن هناك أي نتيجة. أعتقد أن الإيرانيين نادمون على ما فعلوا بنا، أظن أن ما قامت به إيران ضدنا تم على مستوى من المستويات داخل النظام الإيراني حيث سعت جهة ما، لتخريب العلاقات المغربية - الإيرانية، الأمر الذي دفعنا لقطع العلاقات الدبلوماسية، لكن الملاحظ أنه منذ ذلك الوقت لم تعد إيران تهاجمنا وهذا أمر مهم.

* مراقبون يقولون إن علاقات حزبكم مع العالم العربي تراجعت نوعا ما. كانت لديكم علاقات مع القوى السياسية في سورية والعراق ودول أخرى، لماذا تراجعت علاقتكم مع العالم العربي؟

- لم تتراجع علاقتنا، حاليا العراق يعاني مشكلات جديدة، عراق الأمس ليس هو عراق اليوم، البلد الآن محتل وفيه صراع طائفي معقد. على جميع العرب أن يدفعوا في اتجاه أن يسترجع العراق حريته وأن يتجه إلى علاقات عقلانية مع مختلف طوائفه، العراق يعاني أثار حرب مدمرة قتلت فيه القيادة السابقة وحل الجيش. هل تتصور الحالة التي وصل إليها العراق الآن، تلزمنا عدة سنوات لنسج علاقات جديدة مع هذا البلد، لكن ما زلنا نحتفظ بعلاقات مع الأحزاب الكردية التي لديها عضوية في الأممية الاشتراكية، وسبق أن التقينا الرئيس جلال طالباني، أعتقد أن المرحلة التي يعيشها العراق الآن تحتاج إلى مجهودات الحكومات وليس الأحزاب، وبعد أن يسترجع البلد حريته ويحل أبناؤه مشكلاتهم بالطرق الديمقراطية آنذاك يمكننا العمل. منذ سنوات لم تستطع الأحزاب العربية الاجتماع كما كان في السابق بسبب الخلافات، لكن على الرغم من ذلك ستستمر علاقتنا نحن في الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال مع الأحزاب العربية.

* يتردد أن وفدا من حزبكم سيزور الجزائر، ما مدى صحة هذا الأمر؟

- لا علم لي بذلك، نحن كحزب سياسي لم يسبق أن قطعنا علاقتنا مع الجزائر، كلما دعينا لزيارة الجزائر إلا ونلبي الدعوة، نحضر دائما اللقاءات التي ينظمونها سواء كانت على المستوى الحكومي أو الحزبي، بينما العكس صحيح. لم يعد يزور المغرب أي مسؤول جزائري، وحتى من يأتي منهم لبلادنا يكونون في غالب الأحيان إما رجال أعمال أو مثقفين أو أكاديميين.

* في رأيك هل هناك أمل في إيجاد حل لقضية الصحراء؟

- هناك الكثير من المغالطات حول قضية الصحراء، المغرب ليس متضايقا لأن القضية لم تجد لها حلا يجب أن نعي ذلك، المغرب موجود على أرضه وأغلبية سكان الصحراء هم الآن داخل أرض الوطن، لكن مع الأسف هناك مشكلة اللاجئين الموجودين في المخيمات، المفروض أن يطالب الآخرون بحل القضية وليس نحن، واقتراح الحكم الذاتي يشكل حلا حقيقيا، لكن قيادة البوليساريو ومعها الجزائر تفتقدان للشجاعة والرؤية البعيدة لحل هذه المشكلة، رحب بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة بمقترحات المغرب، لكنه ذكر مقترحات البوليساريو دون أن يعلق عليها وهذا خطأ في رأيي. يبدو أنه لا حل قريبا في الأفق. بان كي مون سبق أن دعا جميع الأطراف للنقاش بواقعية وحكمة، وإذا أراد مجلس الأمن حلا للقضية، أعتقد أن الاقتراح المغربي هو الأرضية والحل الوحيد للمفاوضات. على قادة البوليساريو التحلي بالشجاعة والتخلي عن وهم الاستقلال. 35 سنة وهم يقولون بالاستقلال لكن لم يحدث أي شيء. القادة السياسيون في العالم تلزمهم الشجاعة للتخلي عن مطالبهم، الأمر متوقف على مدى رغبة قيادة البوليساريو، أنا أعتبرهم حزبا سياسيا، السؤال المطروح هو مدى توفر الديمقراطية داخل هذا الحزب التي ستسمح لكل عنصر منهم لا يتفق مع وهم الانفصال بتحديد موقفه، يجب عليهم أن يغادروا أو أن يلتحقوا بالمغرب أو بالخارج.

المغرب مستعد أن يبقى مائة سنة أخرى على هذا الوضع، دون أن يكون لذلك أي انعكاس سلبي عليه، مع الأسف هناك ضرر سيلحق باللاجئين في مخيمات تندوف. هؤلاء يعيشون ظروفا إنسانية سيئة. (إنهم) محاصرون وعليهم رقابة وليست لديهم حرية التنقل، على الرغم من أن الأمين العام الأممي دعا إلى ضرورة إحصائهم، لكن لا يبدو أن قيادة البوليساريو والجزائر سيقبلون الأمر.

* هناك من يعتقد أن أزمة الصحراء ربما تعود في بعض جوانبها إلى ضعف الأداء الحزبي، كيف ترون هذا الأمر؟

- لولا الأحزاب المغربية لما استطاع المغرب استرجاع صحرائه، ثم لا ننسى أنه عندما قرر الحاكم العسكري الإسباني فرانكو تنظيم استفتاء عام 1974، كانت الأمم المتحدة على وشك قبول تنظيم هذا الاستفتاء لتقرير مصير السكان، كانت النتيجة ستؤول لصالح الطرف الآخر لا محالة، حزبنا هو من كان وراء لجوء المغرب لمحكمة العدل الدولية، إذ اقترحنا على الملك الحسن الثاني أن نعرض الأمر على الأمم المتحدة ووافق، الإسبان كانوا يدعون أن الصحراء كانت أرضا خلاء لا مالك لها، لكن كانت لنا كل الحجج التاريخية التي برهنت على وجود علاقات متينة بين القبائل الصحراوية وملوك المغرب، ربطت بينهم في إطار المجتمع الإسلامي آنذاك، وبفضل اقتراح الاتحاد الاشتراكي تمكن المغرب آنذاك أن يربح سنة كاملة، كانت كافية لإعداد نفسه واللجوء لمحكمة العدل الدولية، والتي اعترفت بوجود روابط البيعة بين القبائل الصحراوية وملوك المغرب، ودعت أيضا إلى تنظيم الاستفتاء بعد أن خضعت للضغط الجزائري، لكن المغرب نظم المسيرة الخضراء لإبلاغ رسالته للأطراف الأخرى، فاوض المغرب إسبانيا، والفضل يعود للأحزاب الوطنية التي كانت وراء حصول اتفاق مع موريتانيا وأفشلت الخطة الإسبانية، خصوم المغرب كانوا يدعون بأن الصحراء قضية متنازع عليها بين المغرب وموريتانيا، لكن المغرب أفشل ذلك، حتى إن الرئيس الجزائري هواري بومدين قال في اجتماع القمة العربية إنه يبارك الاتفاق المغربي - الموريتاني، ولم تمنع خلافاتنا الداخلية مع الراحل الحسن الثاني منذ 1974 أن يكون حزبنا دائم الحضور في قضية الصحراء، ثم لولا وجود حزب الاتحاد الاشتراكي داخل الأممية الاشتراكية لما كان الوضع كما ترونه الآن، على الرغم من انضمام البوليساريو لها بصفة مراقب، ولولا جهودنا الحزبية لاعترفت جميع الحكومات الاشتراكية في العالم «بالجمهورية الصحراوية» وليس فقط في أفريقيا التي تخضع لضغوط جزائرية واضحة.

أعتقد أيضا أن حوار الأحزاب الوطنية مع أبناء الصحراء لم يكن كافيا، ينتظرنا الكثير من العمل، وعلى الأحزاب أن تكون حاضرة في المناطق الصحراوية. ماذا لو طبق نظام الحكم الذاتي منذ الغد، هذا الأمر سيحتاج إلى طاقات وكفاءات كبيرة للتسيير، هذه مهمة الأحزاب، إما ستتمكن من تحمل هذه المسؤولية الكبيرة، وإما ستكون النتيجة ضعيفة. نزاع الصحراء يحتاج إلى تعبئة دائمة لأن الحكام ورجال السياسة في العالم يتغيرون وبالتالي لا توجد قضية الصحراء على رأس الأولويات لديهم، على المغاربة أن يتواصلوا باستمرار مع قادة العالم لتذكيرهم بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب والمغرب العربي وأفريقيا، ويجب أن يستمر هذا العمل، الأطراف السياسية تتغير باستمرار وعلى المغاربة أن يتجندوا للتعريف بقضيتهم، مثلا لا أعتقد أن قضية الصحراء توجد ضمن أولويات رئيس الوزراء البريطاني الجديد، في الحالة البريطانية على الأحزاب الليبرالية واليمينية المغربية أن تقوم بهذا الدور، نحن في حزب الاتحاد الاشتراكي كنا دائما في حوار مستمر مع حزب العمال البريطاني الحاكم سابقا، من خلال منظمة الأممية الاشتراكية.

* أطلق الاتحاد الاشتراكي مؤخرا منتدى الاشتراكيين المغاربة الناطقين بالإسبانية كيف هي علاقتكم بإسبانيا وأميركا اللاتينية؟

- إطلاق هذا المنتدى جاء في وقته المناسب، هناك 30 في المائة من المغاربة يتحدثون بالإسبانية وهذا رصيد نسعى لاستغلاله، المغرب هو البلد العربي الوحيد الذي يضم هذا العدد الكبير من المتحدثين باللغة الإسبانية، ولا ننسى أن أطروحة الانفصاليين، ومزاعم انتهاك حقوق الإنسان في المغرب وقضية أميناتو حيدر كلها مواضيع لقيت صدى في إسبانيا وبعض دول أميركا اللاتينية، وكان الرأي العام هناك يعاني التضليل ونقص المعطيات وبالتالي تبنى مواقف عدائية ضد بلادنا، أعتقد أنه بفضل المنتدى والمثقفين والمناضلين المغاربة الناطقين باللغة الإسبانية نستطيع أن نوصل الصورة الحقيقية للمغرب وأيضا حقيقة الأوضاع والتطورات التي يعيشها المغرب، ونضال المغاربة من أجل الديمقراطية والحرية.

* لفت الانتباه حضورك مؤخرا مؤتمر حزب «اليسار الأخضر» هل حضرته بصفتك الشخصية أم بصفتك الحكومية؟

- أنا لا أفرق بين صفتي الحكومية وصفتي كمواطن. تلقيت دعوة شخصية من حزب «اليسار الأخضر» بصفتي وزيرا للدولة، وحضوري كان رمزيا، فأنا أؤمن بقضايا البيئة والنضال من أجل بيئة سليمة.

* هل تعتقد أن غياب المستشار الملكي عبد العزيز مزيان بلفقيه سيؤدي إلى تراجع ظاهرة هيمنة التكنوقراط على الدولة المغربية؟

- يجب مراجعة أطروحة التكنوقراط، أعتقد أن المغرب دخل مرحلة سياسية جديدة بعد حكومة التناوب، والتكنوقراط يؤدون عملا سياسيا لتحديث المغرب وإشاعة الديمقراطية في المؤسسات وكذلك النهوض بقضايا التنمية الاقتصادية وحل المشكلات الاجتماعية، ذهب زمن التكنوقراط الذين كانوا يهيمنون على المشهد السياسي خلال سنوات الرصاص، أما الآن فإنهم يؤدون مهاما تقنية فقط لا علاقة لها بالأمور السياسية، هناك تكنوقراط أدوا مهمتهم وانتهى دورهم.

بالنسبة للراحل مزيان بلفقيه لا ننسى أنه كان متعاطفا مع الاتحاديين (حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) عندما كان شابا يدرس بفرنسا، وعندما أنهى دراسته في باريس تعرفت عليه من خلال العربي عجول (عضو المكتب السياسي في الاتحاد الاشتراكي) منذ ذلك الوقت ظل بلفقيه على اتصال بالسياسيين، وهو لم يكن تكنوقراطيا مثل الآخرين، تحمل الكثير من المسؤوليات في الصحراء وكان وزيرا للأشغال ووزيرا للفلاحة، وعلاقته معي ومع الاتحاد الاشتراكي كانت مستمرة، لم يكن إنسانا منغلقا بل بالعكس، كان من التكنوقراط الذين يتمتعون بحس سياسي.

سأروي لك حادثة وقعت عام 1993 حين طلب الملك الحسن الثاني من بعض الشخصيات الذين يعملون إلى جانبه، أن يترشحوا للانتخابات، وفي هذا الإطار قبل محمد القباج الترشح باسم الاتحاد الدستوري، أما عبد العزيز مزيان بلفقيه فطلب من الملك أن يترشح إما باسم الاتحاد الاشتراكي أو باسم حزب الاستقلال، لكن الحسن الثاني رفض طلبه، وامتنع أيضا علال سيناصر عن الترشح. شجع بلفقيه التكنوقراط والمهندسين ووضع فيهم ثقته للعمل في قطاع الأشغال، لكن يجب أن لا ننسى أن هؤلاء التقنيين والمهندسين يشتغلون في مغرب ما بعد التناوب التوافقي، المغرب منخرط في مسار سياسي لتحديث البلاد والمجتمع وحل المشكلات الاقتصادية.

* الحديث ما زال يتردد حول وجود حكومة موازية مع تعدد مهام المستشارين، والمؤسسات التابعة مباشرة للديوان الملكي، هل فعلا هناك حكومة موازية لحكومة عباس الفاسي؟

- لا أظن أنه توجد حكومتان، لو كان هذا الوضع موجودا في أي دولة سيكون الأمر مدمرا، لا يمكن لأي بلد أن يعيش بشكل طبيعي إذا كانت فيه حكومتان، طبعا يتيح الدستور للملك إنشاء الكثير من المؤسسات، كما هو الحال بالنسبة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والهيئة العليا للقطاع السمعي والبصري، وحتى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وهذه المؤسسات كلها ذات طابع استشاري، والملك له كامل الحق في أن يكون لديه ديوان ومستشارون، لكن كل ما أعلم وحسب تجربتي، المستشارون لا يقومون بأي شيء إلا بعد أن يطلب منهم الملك ذلك، وجميع المشاريع التي تنجز الحكومة لها علاقة بها، وهي التي تعد هذه المشاريع، ثم لا ننسى أن الحكومة هي حكومة الملك، الجانب الشخصي له أهميته وبالطبع الأشخاص يلعبون دورا أساسيا سواء أكانوا مستشارين أو كانوا أعضاء في الحكومة.

* البيان الذي ألقاه عباس الفاسي في البرلمان بمناسبة مرور نصف المدة الزمنية للولاية الحالية، هل هو مبادرة من رئيس الحكومة أم استجابة لطلب حزب الأصالة والمعاصرة؟

- إلقاء بيان في البرلمان كان مقررا منذ مدة، ثانيا هو تقليد بدأ العمل به منذ عهد رئيسي الوزراء السابقين عبد الرحمن اليوسفي وإدريس جطو، لا يمكن لأي كان أن يلزم رئيس الوزراء بالحضور إلى البرلمان، ولا يحتاج عباس الفاسي أن يطلب منه الحضور لإلقاء بيان، هذا الأمر نابع من إرادة رئيس الوزراء والقرار كان معد سلفا.

* هناك من يقول إن حزب الأصالة والمعاصرة أصبح يخاطب الأطراف الحكومية وأحزاب الأغلبية بلهجة حادة، كيف تفسرون ذلك؟

- قرر حزب الأصالة والمعاصرة العمل من صفوف المعارضة، وله وحده أن يقرر تصعيد أو تخفيف خطابه السياسي، وهذا الأمر متعلق بخطته السياسية، نحن في الحكومة نقبل النقد شريطة أن يكون نقدا بناء. هم يقولون إنهم معارضة بناءة، خلافا للمعارضات الأخرى، سنرى ذلك من خلال الممارسة على أرض الواقع، لكن الملاحظ أن أعضاء الحزب ليست لهم نفس اللهجة، ابحثوا أنتم عن العناصر التي اختارت التصعيد. خطابهم غير موحد، في مجلس النواب يتحدثون بلهجة مغايرة عن تلك التي يتحدثون بها في مجلس المستشارين رغم أنهم حزب واحد.

* عبد الواحد الراضي، الأمين العام للاتحاد الاشتراكي ورئيس مجلس النواب، قال في وقت سابق إن تطوير الأداء الحكومي، لن يتأتى إلا بخلق جو سياسي أفضل، كيف ترون الجو السياسي حاليا؟

- الجو السياسي يتغير بالإصلاحات، الذي حصل في انتخابات 2007 و2009، أظهر وجود ثغرات ونقائص كبيرة، لتغيير الجو السياسي لا بد من إصلاح القانون الانتخابي، وقانون الأحزاب، وضبط قضية تنقل النواب من حزب لآخر، ومحاربة المال الحرام أثناء الانتخابات، وإذا تم إصلاح هذه المواضيع ستدفع بالمغرب إلى الأمام في انتخابات عام 2012.

* أين وصلت مطالب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حول تعديل الدستور؟

- أصدرنا في الاتحاد الاشتراكي مذكرة تدعو إلى إصلاحات سياسية ودستورية وسلمناها إلى الملك قبل الانتخابات البلدية في العام الماضي، أعتقد أن جواب الملك كان بطريقة غير مباشرة عندما أعلن عن تأسيس ثلاث مؤسسات، أولا تم إنشاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وهو منصوص عليه في الدستور رغم أن قانونه التنظيمي لم يكن تم بعد، ثانيا إصلاح قطاع العدل، وعندما كان عبد الواحد الراضي وزيرا للعدل أعد جميع المشاريع الموجودة حاليا أمام وزير العدل الحالي. ثالثا أعلن الملك عن إطلاق «الجهوية الموسعة» وهي خطوة مهمة للإصلاح الدستوري والسياسي.

* ما رأيكم في قرار ثلاثة قياديين من حزبكم وهم محمد الأشعري والعربي عجول وعلي بوعبيد مقاطعة اجتماعات المكتب السياسي، وتجميد نشاطهم إلى حين انعقاد مؤتمر الحزب؟

- عليك أن تسألهم، لا يمكنني الإجابة نيابة عنهم.

* هل هناك احتمال انشقاق داخل الاتحاد الاشتراكي؟

- الاتحاد الاشتراكي حزب حي، وسبق للمؤتمر الثامن للحزب أن طرح مسألة الحوار مع جميع الأطراف الديمقراطية، مهمتنا هي جمع اليسار وليس تشتيته.

* ماذا عن تحالفات الحزب مع الأحزاب اليسارية، هل هناك فعلا توجه لإنشاء حزب اشتراكي كبير؟

- لدي رأي شخصي ربما لا يشاطرني فيه بعض الناس، تشكيل قطب يساري كبير يقتضي اندماج الأطراف الأخرى في حزبنا، ولا يوجد حل آخر، بطبيعة الحال طالما أن فصائل اليسار متعددة، سيبادر المكتب السياسي للحزب فتح حوار مع مختلف فصائل اليسار في الأسابيع المقبلة، آنذاك سنختار الصيغة المناسبة، هل هي الاندماج في حزب اشتراكي كبير، أنا شخصيا أفضل هذا الخيار، أو القيام بعمل وحدوي بين هذه الفصائل مثل التنسيق في الميادين الاجتماعية والنقابية والثقافية، ربما تتبلور آراء هذه الفصائل بعد أن نلتقي، هناك ربما من سيندمج في حزبنا، أو سيقوم فقط بالتنسيق معنا، أو القيام بأعمال مشتركة.

* ما هو الدور الذي تفكرون في القيام به بعد عام 2012؟

- لا يزال عام 2012 أمامي، ولدي كامل الوقت للتفكير في مستقبلي، أنا أولا مناضل في حزب الاتحاد الاشتراكي وبالتالي لن أتخلى عن انتمائي وعملي في القاعدة الحزبية كباقي المناضلين، لكن سأرى إن شاء الله ما الذي سأفعله بعد عام 2012، أنا مستعد للقيام بكل شيء ينفع وطني والشعب المغربي.