الجيش الأميركي في العراق يطلق إيرانيين اثنين.. وحكومة المالكي تنفي ان يكون لها دور في اطلاقهما

واشنطن تناشد طهران إطلاق المعتقلين الثلاثة لديها للحصول على «احترام العالم»

TT

أكد مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أمس، قيام الجيش الأميركي بإطلاق سراح إيرانيين اثنين كان يحتجزهما في العراق.

وقال علي الموسوي، المستشار الإعلامي للمالكي، لـ«الشرق الأوسط» إنه «تم إطلاق سراح الإيرانيين بعد أن أنهيا محكوميتهما البالغة ثلاث سنوات إثر دخولهما العراق بطريقة غير شرعية»، مضيفا أن «اتصالات أجرتها الجهات العراقية مع السفارة الإيرانية لغرض ترتيب أوراق عبورهما إلى إيران لأنهما لا يمتلكان جوازات سفر». ونفى الموسوي بشدة أن يكون للحكومة العراقية أي دور في إطلاق سراح الإيرانيين.

وكان دبلوماسي إيراني، رفض الكشف عن اسمه، قد أبلغ وكالة الصحافة الفرنسية أن الجيش الأميركي قد أفرج عن «إيرانيين اثنين إثر تعاون مع مكتب رئيس الوزراء (العراقي) نوري المالكي والسفارة الإيرانية».

ورفض الدبلوماسي إعطاء مزيد من التفاصيل وتوضيح ما إذا كان الإفراج عن الإيرانيين على علاقة بالجهود الأميركية المبذولة للإفراج عن ثلاثة أميركيين اعتقلتهم السلطات الإيرانية بالقرب من الحدود مع إقليم كردستان العراق منذ 10 أشهر بتهمة التجسس. ومن جانبه، لم يدل الجيش الأميركي أيضا بأي تعليق في هذا الصدد.

وتحاول الولايات المتحدة عدم تسييس قضية احتجاز إيران للأميركيين الثلاثة لكنها في الوقت نفسه تقول: إن حاولت إيران الحصول على «احترام العالم» فعليها إطلاقهم. وبعدما التقت أمهات المعتقلين بهم في طهران، أكدت واشنطن استعدادها للتعاون مع الحكومة الإيرانية لمنح أي معتقلين إيرانيين حق اللقاء مع عائلاتهم والحصول على المساعدة القنصلية.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية بي جي كراولي: «إن إيران ترغب في الاحترام من العالم كله، ونحن نعتقد أن الخطوة المناسبة ستكون السماح لهؤلاء الشباب بالعودة إلى وطنهم». وحول زيارة أمهات المعتقلين لطهران، علق كراولي: «نحن بالطبع مسرورون لرؤية صور أمهات المشاة الثلاثة وهن يزرن أبناءهن للمرة الأولى منذ احتجازهم في إيران قبل نحو 10 أشهر». وأضاف أن هؤلاء الأميركيين «سياح أبرياء احتجزوا بغير حق من دون توجيه تهم رسمية لهم أو الحصول على التمثيل القضائي». وشدد كراولي على أن «الوقت قد حان لإيران لتفعل ما هو صائب بإطلاق هؤلاء الأميركيين الشباب الثلاثة، والسماح لهم بالعودة إلى منازلهم والانضمام إلى عائلاتهم».

ومنذ اعتقال جوش فاتال وسارة شرود وشين باور على الحدود العراقية، تسعى واشنطن إلى عدم ربط تلك القضية بالأزمة السياسية مع إيران، وخاصة الملف النووي. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «نأمل ألا يستخدموا (الإيرانيين) هذه القضية كأداة سياسية، ولكن هذا الخوف دائما موجود». ومع تصاعد الأزمة السياسية مع إيران وسعي الولايات المتحدة وأوروبا إلى إصدار قانون جديد في مجلس الأمن لفرض عقوبات على طهران، حذر مصدر أميركي من ربط القضيتين معا. وأضاف المسؤول: «حتى الآن تبدو الزيارة وكأنها تسير على ما يرام، ونحن نأمل في إطلاقهم بأسرع وقت ممكن».

وتمكنت أمهات الأميركيين الثلاثة المعتقلين من لقائهم مجددا أمس في طهران. وأثناء لقائهن أولادهن صباح أول من أمس في فندق بالعاصمة الإيرانية، توسلت أمهات الأميركيين الثلاثة إلى السلطات للإفراج عنهم، مطالبات بـ«مبادرة إنسانية». وأعلن المحامي مسعود شافعي لوكالة الصحافة الفرنسية: «تمكنت الأمهات من مقابلة أولادهن مرة ثانية أمس»، من دون إضافة تفاصيل أخرى. وفي نهاية اللقاء أول من أمس مع أمهاتهم، الذي استمر خمس ساعات، أعيد المعتقلون الذين بدا عليهم التعب، ولكنهم في صحة جيدة، إلى سجن «أيوين» في طهران.

واعتقل الأميركيون الثلاثة في 31 يوليو (تموز) 2009 في الأراضي الإيرانية قرب الحدود العراقية التي تقول السلطات الأميركية، إنهم عبروها خطأ أثناء قيامهم برحلة في كردستان العراق. واتهموا مرارا بالدخول بطريقة غير شرعية إلى إيران وبالتجسس، وقد نفت واشنطن على الدوام تهمة التجسس مطالبة بإطلاق سراحهم. وقال شافعي لوكالة الصحافة الفرنسية: إنه لم يتمكن أيضا من الاطلاع على ملفهم، لكن السلطات القضائية «أبلغته أنهم متهمون بالدخول بصورة غير شرعية إلى البلاد»، مضيفا أنه لا يملك «أي معلومات بشأن أي تهمة بالتجسس». ويذكر أن هناك مخاوف من أن توجه تهم رسمية بالتجسس للمعتقلين الثلاثة، مما سيصعب إطلاقهم.

وكان وزير الاستخبارات الإيراني، حيدر مصلحي، قد أعلن الأربعاء الماضي مجددا أن طهران تعتبر السياح الثلاثة «جواسيس». وأثار مجددا قضية الإيرانيين الـ11 الذين تتهم طهران واشنطن باحتجازهم بصفة غير شرعية، بعدما «خطفتهم» أو أوقفتهم في الخارج.وتحاول إيران الربط بين الأميركيين الثلاثة وعدد من المعتقلين الإيرانيين في السجون الأميركية، والعمل على صفقة «تبادل»، الأمر الذي ترفضه علنا الولايات المتحدة. وأكد كراولي أنه «لم يتم حجب حق التواصل مع مسؤولين قنصليين أو أعضاء عائلات الإيرانيين في سجون أميركية». وأضاف في مؤتمر صحافي: «بل لقد أُكد مرات عدة بأنه إذا كانت إيران ترغب في تحديد لقاءات مع مسؤولين قنصليين، أو زيارة عائلات (المعتقلين الإيرانيين) فنحن سنكون سعيدين للعمل بتعاون وبشكل بناء معهم». إلا أنه أردف قائلا: «أذكر بأنه لا يوجد أي تساو بين المشاة الثلاثة الذي عبروا حدودا غير محددة وأشخاص في السجون الأميركية، الذين خضعوا لمحاكمة شفافة، وتم الحكم عليهم في معظم الحالات بتهمة تهريب السلاح». وبينما يشير مسؤولون إيرانيون إلى الـ11 محتجزا إيرانيا في السجون الأميركية، لم تؤكد واشنطن هذا العدد، مؤكدة أن بإمكان إيران الوصول إلى رعاياها من خلال السفارة الباكستانية في واشنطن، المسؤولة عن رعاية المصالح الإيرانية في الولايات المتحدة.