استقالة بلير كبير مسؤولي الاستخبارات الأميركية

بعد إخفاقات قاعدة فورت هود وديترويت ونيويورك

الأدميرال دنيس بلير (رويترز)
TT

أعلن مدير الاستخبارات الأميركية دنيس بلير أمس استقالته من منصبه اعتبارا من أول من أمس، في أول استقالة في صفوف كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وذلك بعد سلسلة أخطاء سجلت لدى هذه الأجهزة وتوترات داخلية. وقال بلير، الذي ينسق عمل 16 وكالة حكومية تضم نحو 200 ألف شخص وتبلغ موازنتها 75 مليار دولار، في بيان «لقد أبلغت الرئيس اليوم (أول من أمس الخميس) بكل أسف بأنني سأستقيل من منصبي كمدير للاستخبارات اعتبارا من الجمعة 28 مايو (أيار)». وأضاف «لم يكن لدي شرف أو سعادة أعظم من إدارة عمل الرجال والنساء الوطنيين والموهوبين جدا في أجهزة الاستخبارات». وتابع «لقد عملتم يوميا من دون كلل لتأمين الدعم الاستخباراتي لحربين ولمنع هجوم على وطننا». وأصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما بيانا أشاد فيه «بأداء بلير اللافت»، مؤكدا أن مدير الاستخبارات أنجز مهمته على رأس الاستخبارات الأميركية «بكل نزاهة وفاعلية»، مشيدا «بوطنيته». لكن شائعات كثيرة سرت في الأشهر الماضية أشارت إلى أن الأميرال المتقاعد بلير قد يكون فقد ثقة البيت الأبيض. وقال مسؤول في الإدارة الأميركية رافضا الكشف عن اسمه إنه تم اختيار «عدة مرشحين أقوياء» لكي يتولى أحدهم هذا المنصب خلفا له.

وتأتي استقالة بلير إثر فترة اضطراب شديد شهدتها أجهزة الاستخبارات الأميركية، لا سيما بعد عملية القتل في قاعدة فورت هود في تكساس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والاعتداءين اللذين تم إحباطهما على متن طائرة في يوم عيد الميلاد وفي ساحة تايمز سكوير في نيويورك في الأول من مايو الحالي. وقد تم تسليط الضوء على خلل خطير في عمل أجهزة الاستخبارات الأميركية في تقرير نشر الثلاثاء الماضي حول محاولة الاعتداء في يوم عيد الميلاد. فقد اعتبرت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ أن «ثغرات منهجية» أتاحت للمشتبه به في هذه القضية الشاب النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب أن يستقل الطائرة، ثم يحاول استخدام المتفجرات. وانتقد البيت الأبيض آنذاك بشدة عمل وكالات الاستخبارات، مستهجنا النقص في عملية التدقيق في المعلومات وسوء الاتصالات بين مختلف الأجهزة. وقبل هذه القضية فإن إطلاق النار الذي ارتكبه عنصر من سلاح البر في قاعدة فورت هود العسكرية في تكساس في نوفمبر، وأدى إلى سقوط 13 قتيلا أثار آنذاك انتقادات أيضا لأجهزة الاستخبارات. وأخذ على أجهزة الاستخبارات الأميركية عدم تمكنها من رصد المؤشرات على اتجاهه لارتكاب هذا العمل في الوقت المناسب، لا سيما أن منفذ عملية القتل الجماعي هذه كان على اتصال مع إمام إسلامي متطرف.

وإلى جانب الإخفاقات الأخيرة لأجهزة الاستخبارات الأميركية فإن استقالة بلير يمكن أن تثير نقاشا حول أسس خلق هذا المنصب الذي تم في عام 2004 بعد فشل الأجهزة في قضية أسلحة الدمار الشامل التي لم يعثر عليها في العراق. وخلق هذا المنصب لكي تكون هناك إدارة موحدة وقوية لبيروقراطية واسعة جدا ولضمان التنسيق بين الأجهزة التي كانت تتنافس في ما بينها في بعض الأحيان، لكن في المقابل فإن مدير هذه الاستخبارات لم يحظ أبدا بسلطة مباشرة على الأعضاء ولا على موازنة مختلف الأجهزة ولا على مهمات التجسس التي تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وفيما كان بلير يسعى للحصول على سيطرة أكبر على وكالة التجسس الشهيرة لانغلي (فيرجينيا شرق) لا سيما حول الضربات التي تقوم بها الطائرات الأميركية من دون طيار في باكستان، حسم البيت الأبيض الأمر في نهاية ديسمبر (كانون الأول) لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وأبقى سلطتها المباشرة على المهمات السرية التي تجرى في الخارج بحسب الصحافة الأميركية.