د. حسام بدراوي لـ «الشرق الأوسط» : البرادعي «رجل محترم» لكني لن أنتخبه.. ولا يوجد شيء اسمه «جماعة جمال مبارك» داخل الحزب

القيادي البارز في الحزب الوطني الحاكم في مصر يرحب بالرقابة على الانتخابات حرصا على الشفافية والنزاهة (1)

د. حسام بدراوي عضو الأمانة العامة للحزب الحاكم في مصر («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الدكتور حسام بدراوي، عضو مجلس الشورى المصري عضو الأمانة العامة للحزب الوطني الحاكم في مصر، أن الفرصة ما زالت متاحة لحدوث إجراء يطمئن الناس ويعيد إليهم الثقة في الانتخابات المقبلة، ويرى أن الرقابة الدولية على الانتخابات الثلاثة المهمة المزمع انعقادها خلال الشهور المقبلة لا تضر بل تفيد الجميع، وأوضح أن هذه الرقابة ليست تدخلا أجنبيا في شؤون الدولة ما دام ذلك يتم برضاها وبدعوة رسمية منها، وهو إجراء قد يبعث الطمأنينة في نفوس الناخبين ويدفعهم إلى مزيد من الإيجابية في ممارسة العمل السياسي من خلال اختيارهم لمرشحيهم سواء في الانتخابات البرلمانية (مجلسي الشورى والشعب) هذا العام أو في انتخابات الرئاسة التي ستجري العام المقبل.

وعلق بدراوي في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في القاهرة على التصريح الأخير للرئيس المصري حسني مبارك حول خليفته في حكم مصر، والذي قال فيه إنه «يفضل من يفضله الله»، أن هذا الرد يعكس تلقائية الرئيس وبساطته، في إطار الثقافة المصرية. وأكد أن هذا لا يعني الاتكال على السلطة الإلهية في اختيار الخليفة ولا يعني توجها سياسيا، لأن الرئيس مبارك هو الأكثر حرصا على الديمقراطية وأن يكون الاختيار للشعب.

وحول إمكانية اندماج جماعة الإخوان المسلمين (المحظورة) داخل النسيج السياسي المصري، قال بدراوي إن الدستور المصري لا يسمح باستخدام الدين كميزة سياسية، وإن من يرغب في العمل السياسي عليه احترام المواطنة، فالمرأة مثل الرجل، والقبطي مثل المسلم في جميع الحقوق، والمواطنون سواء. كما دعا بدراوي، الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس الجمعية المصرية للتغيير، إلى الانضمام إلى حزب سياسي شرعي كي يحقق أهدافه.. وهنا نص الحوار.

* تطلع الكثيرون لإلغاء قانون الطوارئ وسط توقعات باستبدال قانون مكافحة الإرهاب به، ولكن البرلمان المصري أقر التمديد لعامين.. إلى أي مدى خسر النظام الحاكم في مصر بسبب إصراره على استمرار العمل بهذا القانون؟

- كل بلاد العالم فيها قوانين للطوارئ ولا يمكن إلغاء قانون الطوارئ، وما نود إلغاءه هو حالة الطوارئ وليس القانون، هناك فرق كبير بين الأمرين، فحالة الطوارئ تعلن فيستخدم قانون الطوارئ.. إما لفترة زمنية بعينها.. وإما في منطقة جغرافية بعينها، ويتم ذلك في إطار جزئي أو كلي، لكن يظل قانون الطوارئ هو شيء يتم استخدمه عند الاحتياج إليه عند وقوع ظروف طارئة، فالمسألة ليست في إلغاء القانون.. وعلى غير ما يتوقع الناس، أنا متخوف من قانون مكافحة الإرهاب، لأن أي قانون لمكافحة الإرهاب هو بالقطع يعطي السلطات مزيدا من القدرة على انتهاك حقوق الخصوصية للمواطنين بهدف استباق الأحداث، حتى قوانين مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة وفي أوروبا أراها فيها انتهاك أيضا لحقوق المواطنين.

* هل كان هناك خلاف داخل الحزب حول التمديد لحالة الطوارئ؟

- عندما جاء وقت التمديد دارت مناقشات داخل الحزب، كانت فيها أجنحة متعددة، منها جناح أنتمي إليه وهو الجناح الذي يرغب في رفع حالة الطوارئ، خصوصا في المرحلة المقبلة التي تجري فيها انتخابات مهمة، كما أرى أيضا أهمية الوفاء بالوعود، وفي مقابل ذلك كانت هناك تصورات من الجهات المسؤولة عن الأمن، تقول إن مصر لا تزال معرضة لمخاطر الإرهاب، وأن هناك الكثير من القضايا التي يتم وأدها قبل حدوثها وهذا هو السبب الرئيسي وراء استخدام قانون الطوارئ، فوصلت الحكومة إلى حل وسط مؤقت؛ هذا الحل الوسط المؤقت يعطي الحق التشريعي للدولة في استخدام جزء من قانون الطوارئ وليس كله، وهو الخاص بعمليات الإرهاب وتمويلها، ويقيد السلطة حتى في هذه الجزئية، وهذا ليس أفضل الحلول، فالحل الأفضل هو القانون الطبيعي، لكن ذلك يعد خطوة إلى الأمام.

* خلال السنوات الأخيرة أعطى الحزب انطباعا بأن قانون مكافحة الإرهاب على وشك الصدور، وهو ما أعطى إحساسا بأنه الأفضل، فما تعليقك؟

- إن قانون مكافحة الإرهاب كما ذكرت سيعطي بشكل دائم الحق للسلطة التنفيذية في انتهاك حقوق الخصوصية والمسكن والمال، فإذا أقر قانون بهذا الشكل، فإنه سيكون إجراء دائما ومستمرا على المواطنين وليس ظرفا استثنائيا كما هو الحال الآن، فلما عرضت الحكومة مسودة قانون مكافحة الإرهاب حتى بالنموذج المشابه لما أقرته الأمم المتحدة والنماذج المختلفة لقوانين مكافحة الإرهاب في العالم، كل المهتمين بحقوق الإنسان اعترضوا عليه، وأنا واحد منهم. وعليه فإن الصورة الجديدة لتطبيق حالة الطوارئ وبالتخصيص الذي تم في إطارين محددين وبتقليص السلطات المتاحة، قد يكون أفضل من قانون مكافحة الإرهاب ويظل رفع حالة الطوارئ نهائيا هو هدفنا.

* ولكن متى يحق للشعب المصري العيش في إطار قانون طبيعي.. وما هي الظروف والعوامل التي تحقق هذا في الإطار الشرعي وبالشكل الدستوري؟

- أعتقد أنه يمكننا أن نبدأ فورا.. ويتحقق ذلك من خلال ثلاث خطوات؛ الأولى أن تكون هناك إرادة سياسية هدفها رفع حالة الطوارئ، وأعتقد أن هذا متوفر، الثانية تطبيق حاسم وحازم للقانون الطبيعي، وأقصد تطبيق القانون القائم وليس إصدار تشريع جديد لأن هناك كثيرا من التشريعات إذا لم تطبَّق يصبح هناك فوضى، أما الثالثة فهي حدوث طفرة تنموية في المجتمع تسمح بالثقة التي تجعل المواطنين شركاء حقيقيين مكافحين فعلا للإرهاب مع الدولة ومع حكومتهم، وهذا لا يحدث إلا بتوسيع الدائرة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. وبتحقيق العناصر الثلاثة، نصل للمناخ الطبيعي.

* المشهد السياسي الراهن أقرب إلى الفنون العبثية، حزب حاكم مسيطر.. تيار ديني محظور يحظى بشعبية متزايدة.. أحزاب سياسية.. بالتوازي صخب سياسي افتراضي على جمهورية (الفيس بوك) بكل تفاصيله من مرشحين للرئاسة وحركات شعبية وجمعيات وطنية وخلافه، وثلاثة انتخابات تجرى خلال 16 شهرا، تشكل مستقبل مصر خلال السنوات المقبلة.. هل تتفق مع ما يقال بأن سيناريو الانتخابات الثلاثة مكتوب بالفعل ومعروف للجميع بكل تفاصيله؟

- قد أختلف في وصف المشهد، لكن عادة في الدول الديمقراطية هذا النوع من العبث ينتهي في لحظة أو عند خط فاصل، هو الانتخابات، لأنه يمكن أن يبقى صوت الأقلية عاليا، ويمكن لمجموعة بعينها أن تثير الضجيج، لكن ما يفصل ما بين الناس وبعضهم البعض هو صندوق الانتخاب، فإذا قالت معارضة إن الحزب الوطني له أغلبية مفتعلة، أو إذا قال الحزب الوطني إن جماعة (الفيس بوك) أقلية وصوتهم عال.. هنا يكون الخط الفاصل بين الجميع هو الأصوات داخل الانتخابات، فهذا الخط ينقلك إلى مرحلة أخرى، وأتمنى أن تكون الانتخابات المقبلة هي نقطة النهاية في هذا الأمر. وكواحد في الحزب الحاكم أو كمواطن مصري (مش في أي حزب)، هذا الخط بالنسبة لي هو خط الأمان، حتى لا تكون الأقليات المحظورة التي تدعي الأغلبية، أو الأقليات ذات الصوت الصاخب، أو الأغلبية التي تدعي عدم وجود أقلية، كل هؤلاء يفصل بينهم وجود انتخابات نزيهة، سواء برلمانية أو رئاسية. وأدعو كل مصري إلى أن يذهب ويدلي بصوته ولا يفرط في حقه الانتخابي، كما أدعو حكومتي أن تكون نزيهة في إجراء الانتخابات لأن هذا يخلصنا من العبث ومن الضجيج.

* وكيف نضمن نزاهة هذه الانتخابات وشفافيتها؟

- خاصة مع اعتقاد الناس بأن السيناريو مكتوب كما قلت في سؤالك السابق، أرى أنه لضمان النزاهة يجب علينا أن نتخذ الخطوات التالية: يجب أن تُظهر اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات استقلالها عن الحكومة وحيادها، وأن تكون مسؤوليتها مطلقة بعيدا عن جهاز الشرطة، بالإضافة إلى ضرورة وجود رقابة داخلية محلية من جمعيات حقوق الإنسان والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وتظهر واضحة أمام المجتمع أنها تقوم بعملها في إطار مهني وحقيقي، وأخيرا أتمنى - والفرصة ما زالت متاحة - حدوث إجراء يطمئن الناس ويعيد لهم الثقة، فعادة الاتهام بعدم نزاهة الانتخابات مرتبط بالعاملين في الإجراءات، ويمكن أن يحدث ذلك باستخدام التكنولوجيا في التعرف على الناخبين وفي فرز الأصوات بما يعطي للمجتمع انطباعا إيجابيا حول الحيدة والنزاهة.

* ذكرت من قبل أنك لا تمانع في وجود رقابة أجنبية على الانتخابات المقبلة؟ وهو موقف معارض للاتجاه الرسمي للحزب الوطني الذي يرى أن هذه الرقابة تمس سيادة الدولة.. ما تعليقك؟

- على الرغم من عدم موافقة حزبي على ذلك، لكني أري أن الرقابة الدولية على الانتخابات لا تضر بل تفيد الجميع، وهى ليست تدخلا أجنبيا. وهناك معايير ومؤشرات لهذه الرقابة الدولية، فهي لا تأتي كفرض على الدولة، بل تأتي كدعوة منها لمؤسسات عُرفت عنها النزاهة والحيدة. ومن المهم أن نفرق بين الرقابة الأجنبية وعمل وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المختلفة، فهذه الرقابة لها تدريبات ولها معايير متفق عليها، وهي لا تتدخل في عمل الانتخابات، ولكن تعمل في إطار محددات معروفة مسبقا وفي مناطق جغرافية تختارها مع الدولة، وإذا اختارت الدولة ذلك بإرادتها الحرة فهي تعطي ميزة لنزاهة الانتخابات. ومن مناقشاتنا داخل الحزب، فإن هناك قرارا جماعيا بأن تكون الانتخابات المقبلة نزيهة حتى لو خسر الحزب مقاعد في البرلمان.

* وهل هناك احتمال أن يغير الحزب موقفه تجاه الرقابة الأجنبية على الانتخابات المقبلة؟

- إلى الآن لا يوجد أي اتجاه في الحزب لتغيير رأيه، لأن أي قرار يأتي نتيجة حوار وضغوط، ولو كانت الضغوط المطالبة بالرقابة الدولية تمثل حجما يحرك القرار، فقد يُتخذ. هذه الديناميكية موجودة داخل الحزب. لكن هل حجم الحراك أدى إلى صدور هذا القرار؟ لا، لهذا لم يصدر قرار بدعوة مراقبين دوليين للانتخابات، وأقول هذا الكلام وأنا عضو في الهيئة العليا للحزب وأحترم هذا القرار وألتزم به، ولكن هذا لا يمنع أن أقول رأيي.

* ما حقيقة ما يقال عن حرس قديم وجديد داخل الحزب؟ وهل اختلاف الأجيال بين المجموعة التي تقود العمل في الحزب يضيف إلى مسيرة العمل، أم أن حجم الخلافات قد أثر بشكل ملحوظ على نجاح الحزب في الوصول إلى الجماهير؟

- مسألة الحرس القديم والجديد لم تعد موجودة كما كانت في 2002، لأن قيادات الحزب تغيرت، وكثير من أعضاء الحزب أصبحوا أعضاء في الحكومة.

وأعتقد أن الحزب شيد بالفعل بناءً مؤسسيا أكثر احتراما ووثق رؤيته السياسية في سياسات معلنة ومتفق عليها يمكن الاطلاع عليها ومراجعتها ويمكن محاسبة الحكومة عليها، وهذا لم يكن موجودا قبل عام 2002، وصحيح أن تطبيق هذه السياسات لا يتم بالقدر الذي نتمناه، لكن بالقطع أستطيع أن أقول ما هي سياستي التعليمية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، أو في الرعاية الصحية، وأصبحت في الحزب نسبة كبيرة من الشباب والمتعلمين. ولا أعتقد أن هناك حزبا سياسيا آخر في مصر فعل ما فعله الحزب الوطني في هذا الإطار، لكن في نهاية الأمر رغبة الناس منطقية في التغيير، لأنه شعور إنساني طبيعي، وإما أن تغير الناس السلطة الحاكمة أو تغير السلطة الحاكمة نفسها أمام الشعب، لهذا كان من المهم أن يحدث هذا التغيير داخل الحزب أمام الجمهور.

* رددت بعض وسائل الإعلام أن هناك تهميشا لـ«جماعة جمال مبارك» في عملية اختيار مرشحي الحزب لانتخابات مجلس الشورى، بماذا تفسر ذلك؟

- لا يوجد شيء اسمه «جماعة جمال مبارك».. فهذا الأمر من الصور الذهنية التي كونها الناس ورددوها بشكل خاطئ، لأن أمانة السياسات التي يرأسها جمال مبارك فيها عدد محدود من الأشخاص الموجودين في الحكومة، مثل يوسف بطرس ورشيد ومحمود محيي الدين، وفيها أنا ومحمد كمال في الأمانة العامة، أي لا توجد مجموعة خاصة.

* ولكن كانت هناك خلافات في اختيار المرشحين؟

- بالقطع، كانت هناك خلافات، عندما يتقدم لك آلاف الناس للحصول على عدد محدود من المقاعد في المجلس، فإنه من الطبيعي أن تحدث خلافات.. فكل الراغبين في الترشح يرون أحقيتهم في ذلك، وزيادة العدد لها وجهان، الإيجابي معناه أن هناك أعضاء كثيرين مؤهلين، والسلبي معناه أنك يجب أن تختار واحدا فقط وتترك الآخرين، وهو ما يخلق الخلافات، لذلك كانت هناك ثلاثة معايير لاختيار مرشح الحزب في كل دائرة انتخابية؛ الأول: أن يكون حاصلا على أعلى الأصوات في المجمع الانتخابي بدائرته، الثاني: استطلاعات رأي الجمهور، الثالث: وهو معيار سياسي بحت يحدث عندما تقرر أن تقف مع مرشح لأنك تريده في البرلمان ممثلا لفكر معين.

* صرح الرئيس مبارك في روما قبل أيام عندما سئل عن خليفته قائلا: إنه يفضل من يفضله الله، في رأيك من في الهيئة العليا للحزب الوطني يصلح لرئاسة مصر خلفا للرئيس مبارك – في حال غيابه لا قدر الله - باعتبار أن هذه الهيئة وفقا لآخر تعديل للدستور المصري هي المجموعة التي سيترشح منها الرئيس المقبل لمصر في انتخابات 2011؟

- فكرة الخلافة ليست ديمقراطية، لأن اختيار الرئيس اختيار إيجابي وليس اختيارا سلبيا، ولا بد أن نفهم تصريحات الرئيس في إطار التلقائية الجميلة لمواطن مصري، مثلما خرجت الكلمات ببساطتها من الرئيس مبارك، فمثلا عندما يسألك أحدهم ماذا سوف يحدث؟ فترد «إن شاء الله» أو «ربنا يسهل»، هذا لا يعني الاتكال على السلطة الإلهية في اختيار الخليفة، إلا أنه تعبير مصري دارج يجب أن يؤخذ في إطار الثقافة المصرية، لأن الذي سيقوم باختيار الرئيس المقبل هو الشعب، لأننا متفقون، والرئيس أولنا، وهو الذي يعطينا هذه القيمة الإيجابية أن الاختيار سيكون من المواطنين لأي رئيس مقبل لمصر. ولا أستطيع أن أقول من في الهيئة العليا يصلح من بين أربعين شخصا أو أكثر، ولا يحق لي أن أختار وحدي، ولا أملك هذا.

* من هم أعضاء الهيئة العليا للحزب الوطني؟

- هم أعضاء المكتب السياسي مضافا إليهم أعضاء الأمانة العامة، والمكتب السياسي فيه أعضاء موجودون بصفتهم الوظيفية، بمعنى أن رئيس الوزراء إذا كان عضوا في الحزب الوطني يكون عضاو في المكتب، أما إذا خرج من الوزارة فيفقد عضويته في المكتب السياسي، مثله مثل رئيس مجلس الشعب. أما الأمانة العامة ففيها أعضاء دائمون وفيها أعضاء يتغيرون، ويتم اختيارهم بشكل دوري من أمناء الحزب في المحافظات المختلفة.

* أثار البعض قضية أن هناك حاجة لإضافة اسم أو اسمين لأعضاء هذه الهيئة وطُرح اسم الوزير عمر سليمان، ما تعليقك؟

- كل مواطن من حقه أن يقول ما يريد، لكن في الإطار الحزبي هناك أمانة عامة وهناك هيئة مكتب، ولحدوث أي تغيير فيهما يكون ذلك إما بقرار من رئيس الحزب أو من خلال المؤتمر العام للحزب، وهذا لم يحدث. إذن الافتراضية هنا غير صحيحة، وعليه فإن الحزب سيختار مرشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية من هيئته العليا كما قال الدستور. والهيئة العليا للحزب الوطني معروفة وموجودة أمام الناس. ولا علاقة لهذا بالاحترام والتقدير لشخص الوزير عمر سليمان الذي يشرّف الحزب وجوده.

* ما مدى صحة المقولة بأنه لو حدثت انتخابات حقيقية بدون تزوير أو تدخلات حكومية لتغليب كفة الحزب الحاكم، فإن الإخوان لا محالة سيكتسحون هذه الانتخابات، وحجة من يروجون لهذه المقولة هو المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب 2005؟

- العلم يقول إن الفرض يجب أن يبنى على برهان، ومقولة أن انتخابات المرحلة الأولى في 2005 كانت أكثر شفافية من المراحل التالية لذلك اكتسحها الإخوان، هو افتراض غير مبني على أي برهان، في رأيي أن جماعة الإخوان جزء من نسيج المجتمع مثل غيرهم كأفراد، ولأنهم جماعة ذات تناسق تنظيمي فكلهم يذهبون ليدلوا بأصواتهم في الانتخابات، فإذا كانوا قد حصلوا على 20% من أصوات الـ 20% ممن ذهبوا إلى الانتخابات، فهدا هو عددهم الحقيقي في المجتمع وقوتهم الرئيسية، ويجب أن أحترم هذا في حدوده، هذه وجهة نظري.

* لماذا لم يطرح الحزب الوطني أي أفكار من شأنها احتواء جماعة الإخوان المسلمين داخل إطار الشرعية السياسية؟

- الأمر يعود إليهم، كما ذكرت، فالأمر الرئيسي هو احترام الدستور واحترام المواطنة.. أتكلم هنا عن الأفراد، وفكرة الشرعية السياسية من لجنة الأحزاب، هذه فكرة أخرجني منها، لأني لا أحكم على ما لا أرى تفاصيله، وأي فرد لديه توجهات سياسية معينة ويرغب في عمل حزب فهذا حقه، لكن عليه ألا يضع عنوان دين أو يستخدم الدين كميزة سياسية، كما أن عليه احترام المواطنة، فالمرأة مثل الرجل، والقبطي مثل المسلم في جميع الحقوق، وليس بالضرورة أن يكون قبطيا، فحتى لو كان هناك مواطن مصري ليس له دين فله جميع حقوق المواطنة، هذا هو الواقع الذي يفرض نفسه على مسألة حزب ديني إسلامي أو حزب ديني مسيحي يظهر في المجتمع المصري. واحترام الدستور هو الأساس الذي يحمي مدنية الدولة، مصر دولة مدنية يحكمها القانون وتحترم حقوق المواطنة بغض النظر عن الدين وبغض النظر عن اللون والجنس.

* عن البرادعي ومشروعه في التغيير والإصلاح، إلى أي مدى ترى إمكانية تحويل هذه الأفكار إلى واقع ملموس خاصة مع اتفاقكم معه في بعض ما يطرحه من أفكار.. على سبيل المثال تعديل المادة 77 الخاصة بمدد الرئاسة؟

- الدكتور محمد البرادعي رجل محترم له حقه كباقي المواطنين، لكني أنتمي إلى الحزب الوطني وأنتخب من يرشحه الحزب الوطني. وآراء أحزاب المعارضة المختلفة وكذلك تيارات داخل الحزب الوطني فيها الكثير من الذي يقوله د.البرادعي، وما يطالب به مطروح في الساحة السياسية منذ فترة، ولهذا لا أستطيع التخصيص وأقول إن هذه آراء الدكتور البرادعي أو د.حسن نافعة أو د.محمد أبو الغار أو د.يحيى الجمل.. أقصد أنها آراء كثيرين، وهي أفكار مطروحة في المجتمع أتفق مع بعضها ولا أتفق مع جزء آخر منها، وهذه طبيعية السياسة، لهذا فالدكتور البرادعي له الحق ويستطيع أن يدعو إلى نفسه وأحترمه ولكن لا أنتخبه.

* وماذا عن فرص نجاحه؟

- إذا كان د.البرادعي لديه الرغبة في أن يكون طرفا في الانتخابات الرئاسية فكان عليه الانضمام لأحد الأحزاب أو الحصول على الأعداد المطلوبة من الترشيحات الشخصية، في الوقت نفسه ما زال الوقت متاحا أن يدخل في إطار مؤسسي سياسي لأنه من الصعب أن تنجح في انتخابات بدون إدارة مؤسسية لحزب سياسي، وهو ما ندعو إليه، وهذا ما كان وراء فلسفة التغييرات الدستورية الأخيرة عام 2007، التي تهدف إلى تنشيط العمل الحزبي.

* في مصر الآن 24 حزبا سياسيا يحق لها ممارسة الحياة السياسية، من في هذه الأحزاب مؤهل ليلعب دورا حقيقيا في المشهد الراهن؟

- حزب الوفد وحزب التجمع وحزب الغد وحزب الجبهة، أما الأحزاب الأخرى فلا أعرف الكثير عن أنشطتها؟.. على الأقل هذه الأحزاب أتابعها وهناك اتصال سياسي بيننا، وبعض هذه الأحزاب لديها القاعدة الشعبية التي تسمح لها بممارسة دور سياسي.

* «الهايد بارك» المنصوب في شارع قصر العيني على بعد أمتار من مجلس الوزراء ومن البرلمان.. هل تراه إضافة حقيقية للحياة السياسية في مصر أم أنه جزء من الديكور السياسي، كما يقول بعض المحللين؟

- من حق الناس أن تحتج وتتظاهر للمطالبة بحقوقها، ويجب على الحكومة أن تواجه ذلك بحنكة سياسية ولا تترك الأمور تزيد على حجمها الطبيعي، ولو سألت أي شخص في مصر «الناس دي واقفين ليه» أؤكد لك أنه لن يعرف سبب وقوفهم!!.. الكثير منهم يقف في مظاهرة معتقدا أن له حقا في مرتبات أو مكافآت في شركات عامة تابعة للدولة أو شركات تم تخصيصها، فهي مسألة تقنية فنية في حقوق الناس، وكنت أتمنى من الحكومة أن يكون لديها من الوعي السياسي ما تستطيع من خلاله أن تستوعب هذا الكلام وتتفاوض مع الناس وإذا كان لهم حق فليأخذوه.. بالقطع هناك تقصير حكومي في مواجهة الأمر.

* منذ دخولك مجلس الشعب للمرة الأولى عام 2000.. ألقى الحزب على كاهلك بأصعب ملفاته، وهو ملف التعليم.. ورغم مرور هذه السنوات العشر فإن حال التعليم لم يتغير كثيرا، فهل فشلت حكومة الحزب الوطني في تنفيذ سياسات الحزب في هذا الملف؟

- لا أستطيع أن أقول إنها فشلت، ولكنها أضاعت الكثير من الفرص ولم تحقق الطموح ولا الأهداف التي كنا نرجوها ونتطلع إليها. وكثير من عدم القدرة مبني على عدم توفير الموازنة لذلك، وهذا في غاية الأهمية، وفي الوقت نفسه عدم ثقة المجتمع في الحكومة وهي تنفذ بعض التطويرات المبنية على بناء جزئي للإصلاح، لأنك عندما تقوم بالإصلاح تأخذ إطارا وتترك الآخر لأنك لا تستطيع أن تقوم به في اللحظة نفسها إلا إذا توافرت لك الموارد اللازمة لذلك، وهي غير متوافرة، مما يستدعي شراكة الناس وفهمهم لذلك لكي يدركوا أن بقية المراحل مقبلة.

* د. حسام بدراوي

* عضو الأمانة العامة للحزب الوطني الحاكم في مصر، ويشغل حاليا عدة مناصب قيادية في الحزب، هي أمين قطاع الأعمال وعضو أمانة السياسات ورئيس لجنة التعليم والبحث العلمي.

* عضو مجلس الشورى بالبرلمان المصري.

* اختير في يناير (كانون الثاني) 2004 كعضو في المجلس الأعلى لحقوق الإنسان في مصر.

* عضو مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية.

* انتخب عضوا في مجلس الشعب المصري عام 2000.

* عضو مؤسس لمجلس «برلمانيون عرب ضد الفساد» وهي منظمة تهدف إلى مكافحة الفساد في المنطقة العربية حتى عام 2009، إضافة إلى أنه عمل كاستشاري للسياسات الخاصة بالبحوث والتكنولوجيا والتعليم في اليونيسكو.

* مؤسس ورئيس مجلس إدارة وعضو في عدد من الجمعيات الأهلية غير الحكومية في مصر تعمل في نشاطات الخدمة العامة، أهمها مؤسسة «النيل بدراوي للتعليم والتنمية» ومنها جمعية «الحالمون بالغد»، «تكافل»، «النداء الجديد»، «منتدى مصر الاقتصادي»، «صحة الأم والوليد».. وغيرها.

* أستاذ دكتور في طب النساء والتوليد بكلية طب جامعة القاهرة. وقد تلقى دراساته العليا في جامعة واين ستات بولاية ديترويت ميتشغان وجامعة شيكاغو إلينوي وجامعة بوسطن ماساشوستس، وحاصل أيضا على الدكتوراه الفخرية في العلوم من جامعة سندرلاند في بريطانيا.