عراقيون يهربون من أخبار السياسة لمتابعة المونديال في السليمانية

المقاهي استعدت بشاشات كبيرة.. وقمصان الفرق تصل من تركيا

محل يعرض ملابس رياضية تمثل المنتخبات المشاركة في كأس العالم («الشرق الأوسط»)
TT

بعد أن مل العراقيون، الفتية والشباب والشيوخ، والشابات، انتظار أن يأتي إليهم السياسيون بأخبار طيبة عن تشكيل الحكومة الجديدة، التي يبدو أن ولادتها ستمر بالتأكيد بمراحل عسيرة، وقد تخضع لعمليات قيصرية معقدة، اتجه العراقيون إلى التهيؤ لمتابعة المونديال لكرة القدم، وتركت أعينهم وانتباههم متابعة الأخبار السياسية في بغداد أو كردستان التي تشهد ثاني مدنها، السليمانية، استمرار أعمال المؤتمر الثالث للاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، إلى الأخبار الرياضية في جنوب أفريقيا البعيدة، البعيدة جدا عن العراق التي صارت قريبة بفعل كرة القدم.

وبدلا من متابعة حوارات الائتلاف الوطني، برئاسة عمار الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي، ودولة القانون بزعامة نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايتها، أو خطوات القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، في نيل استحقاقها الدستوري لتشكيل الحكومة، باعتبارها الفائزة الأولى في الانتخابات التشريعية الأخيرة، راح العراقيون يتابعون جداول مواعيد مباريات المونديال، ومن سيلعب بهذه المجموعة أو تلك، مختارين أفضل لاعبي هذا الفريق أو ذاك، ومتوقعين خروج الفرق الضعيفة مبكرا وبقاء أخرى.

ولهذه المناسبة استعدت محلات بيع الملابس الرياضية، وغيرها، لعرض أنواع وألوان قمصان الفرق المشاركة في المونديال التي تحمل أسماء اللاعبين البارزين وأرقام مواقعهم في المستطيل الأخضر، بينما أسهمت المطابع في إصدار ملصقات كبيرة لصور الفرق الأثيرة لدى العراقيين وأبطال هذه الفرق.

المقاهي والمطاعم بدورها هي الأخرى استعدت لهذا الحدث الرياضي الكبير، الذي يتواصل خلاله العراقيون مع باقي شعوب المعمورة، فهُيِّئت شاشات البلازما الكبيرة لاجتذاب الزبائن، إلى جانب الحرص على وجود مولدات الطاقة الكهربائية لضمان متابعة المباريات، فالشباب العراقي مثل غيره من شباب العالم يفضل متابعة مباريات المونديال مجتمعا في المقاهي.

ريباز بكر (21 سنة) يعمل في أحد فنادق مدينة السليمانية، يقول: «أنا نظمت ساعات عملي في الفندق الذي أعمل فيه وفق جداول لعب منتخب الأرجنتين الذي أشجعه، فنحن مجموعة من الشباب من أكراد وبيننا إخواننا من محافظات عراقية أخرى، الذين نشجع هذا الفريق، اقتنينا قمصان المنتخب الأرجنتيني واخترنا المقهى الذي سنتابع فيه مباريات المونديال، والأكثر من هذا حجزنا مواقعنا في هذا المقهى».

أما غزوان مصطفى (37 عاما) فقد جاء مع مجموعة من أصدقائه وعائلاتهم من بغداد إلى السليمانية لمتابعة مباريات المونديال في هذه المدينة، يقول: «لقد اتفقنا نحن خمسة أصدقاء مع عوائلنا للمجيء إلى هنا لضرب عصفورين بحجارة واحدة، مثلما يقال، فنحن سنصيف هنا إذ حرصنا على إيجار غرف متقاربة في فندق تأكدنا بأنه يتوافر فيه قنوات فضائية ستنقل فعاليات المونديال، وبينما نحن سنكون منشغلين بمتابعة المونديال فإن عوائلنا تستطيع التمتع بالتسوق في أسواق (مولات) السليمانية الحديثة والمنتشرة في كل مكان».

وأكد مصطفى على أنهم لم يواجهوا أي صعوبات في الوصول إلى السليمانية «خاصة بعد أن رفعت إجراءات التدقيق حول الكفيل والإقامة، وانتقلنا مثلما ننتقل بين أي مدينة عراقية وأخرى.. سهولة إجراءات دخول مدن كردستان تؤكدها المئات من سيارات العراقيين التي تحمل ألواح أرقام مدن عراقية عدة مثل بغداد والبصرة وواسط.. وغيرها».

كان تحسين (13 عاما)، يرافق والده غزوان وهو يرتدي قميصا رياضيا يحمل اسم لاعب المنتخب البرازيلي كاكا، قال «من المؤكد أن تفوز البرازيل فأنا مثل والدي أشجع هذا الفريق لأنه الأحسن». وعلى عكس صديقه غزوان، يشجع أنس علي (35 عاما)، المنتخب الجزائري، يقول: «المنتخب الجزائري هو ممثل العرب في المونديال، نعم يمكن أنهم لن يحققوا إنجازات كبيرة لكنني أشجع هذا الفريق العربي في أي مرحلة يصل إليها، بعد ذلك سأشجع الأرجنتين التي أعتقد أنها ستصل حتى النهاية».

ويوضح علي قائلا: «لقد جئنا إلى السليمانية هربا من أخبار السياسة ببغداد، وانقطاع التيار الكهربائي، وخشية أن تفسد الأوضاع الأمنية متعتنا في متابعة المونديال، فكلما ساءت أمور المحادثات بين الكتل السياسية لتشكيل الحكومة تصاعدت حدة الانفجارات وساءت الأوضاع الأمنية»، متمنيا من «الكتل السياسية العراقية أن تنظم عملها وخططها مثل فرق كرة القدم، وأن تتنافس في ما بينها بروح رياضية أسوة بمنتخبات المونديال»، ويقترح ساخرا بمرارة أن «يتم حل قضية تشكيل الحكومة العراقية عن طريق ضربات الجزاء».

أما عبد الله، صاحب محل لبيع الملابس في سوق مولوي، فيقول: إن «المونديال هو أفضل مواسمنا، فقد هيأنا قمصان غالبية المنتخبات العالمية لكرة القدم التي يشجعها العراقيون»، مشيرا إلى أن «قمصان المنتخب البرازيلي والأرجنتيني والإيطالي والألماني والبريطاني، هي الأكثر مبيعا». ويوضح عبد الله، أن «هذه القمصان تصلنا من تركيا، فأسواق المدينة تزدحم بالبضاعة التركية، سواء كانت ملابس أو أثاثا أو مواد غذائية أو استهلاكية»، منوها إلى إنه يشجع الجمهور «لأنه يشتري المزيد من هذه القمصان والشورتات مني».