برلين وموسكو: تمرير مشروع العقوبات على طهران بات وشيكا

الرئيس الروسي: لا أحد يريد العقوبات لكن الاتفاق عليها قائم > نجاد يلتقي قادة الدول الآسيوية في مؤتمر حول نزع الأسلحة النووية

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بعد أن أجريا محادثات شمال برلين أمس تناولت الملف النووي الإيراني (إ.ب.أ)
TT

أكدت القيادتان الألمانية والروسية أمس أن القوى العالمية توشك على إقرار مجموعة جديدة من العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، فيما أكدت أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، أنه سيتم تمرير مشروع العقوبات قريبا. وجاء ذلك بينما يستعد الرئيس الإيراني لزيارة الصين وتركيا قريبا في خطوة يعتقد أنها لحث بكين وأنقرة على الوقوف بجانب بلاده في أزمتها النووية. وتسعى القوى العالمية إلى فرض عقوبات على إيران بشأن برنامجها لتخصيب اليورانيوم الذي تعتقد أنه غطاء لصنع أسلحة نووية. فيما تقول طهران إن نشاطها النووي يهدف لتوليد الكهرباء سلميا.

وتناقش ألمانيا والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، منذ أشهر، فرض مجموعة رابعة من العقوبات. وقالت واشنطن إنه قد يجري التصويت عليها هذا الأسبوع. ووصفت المستشارة الألمانية خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف شمال برلين، التوافق بين القوى العالمية بشأن المسألة «بالتقدم الدبلوماسي الكبير». وقالت إنها تتوقع أن تتحرك الأمم المتحدة بسرعة.

وتابعت ميركل: «من الممكن أن يقر مجلس الأمن فرض عقوبات في المستقبل القريب». وأضافت: «أنا سعيدة جدا لأن بإمكاننا أن نقف معا اليوم ونقول إن هذا موقف مشترك ليس فقط بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا بل وكذلك الصين». وتغلبت الولايات المتحدة وأوروبا على تحفظات من جانب الصين وروسيا اللتين تربطهما روابط تجارية قوية بإيران وتوصلت إلى اتفاق بشأن مسودة قرار عقوبات الشهر الماضي. وعارضت روسيا فرض عقوبات على إيران التي تعتبر شريكا تجاريا مهما بالنسبة لها، غير أن الموقف الروسي شهد تغييرا في الأشهر الأخيرة أمام إصرار الجمهورية الإسلامية على الاستمرار بتخصيب اليورانيوم.

ومن جانبه، قال ميدفيديف، الذي وصل ألمانيا في زيارة تستغرق يومين، إن «الموقف أن ثمة اتفاقا على العقوبات تقريبا»، وأضاف أن «لا أحد يريد فرض عقوبات لكن هناك اتفاقا قائما عليها». وتابع: «نأمل أن يلقى صوت المجتمع الدولي آذانا صاغية من قبل القيادة الإيرانية». وأضاف: «لا يمكن لأحد أن يواصل التصرف بشكل غير مسؤول. من المهم الاستماع لما يقال على الساحة الدولية».

ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه رئيس غرفة التجارة الإيرانية - الصينية المشتركة أمس أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد سيزور الصين نهاية الأسبوع الحالي.

وصرح أسد الله عسكر أولادي لوكالة «مهر» الإيرانية للأنباء أن الرئيس أحمدي نجاد سيشارك خلال الزيارة في مراسم اليوم الوطني الإيراني بمعرض «أكسبو» الدولي بمدينة شنغهاي يوم الجمعة المقبل. ورغم الطابع الاقتصادي للزيارة فإن مراقبين يرون أن الملف النووي الإيراني سيشغل حيزا منها إذ إن الصين تتردد في فرض عقوبات جديدة على الجمهورية الإسلامية. فيما أعلنت مصادر رسمية تركية أن نجاد سيلتقي بعد غد في إسطنبول قادة دول آسيوية بمناسبة قمة مخصصة للأمن والثقة المتبادلة في المنطقة.

وأفادت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية شبه الرسمية، نقلا عن وزارة الخارجية التركية، أن رئيس وزراء روسيا فلاديمير بوتين والرؤساء الأفغاني حامد كرزاي والفلسطيني محمود عباس والأذربيجاني إلهام علييف سيشاركون في الاجتماع تحت عنوان المؤتمر حول التدابير لبناء الثقة والعمل المشترك في آسيا. وسيستضيف الرئيس التركي عبد الله غل القمة التي ستخصص لنزع السلاح النووي والاستخدام السلمي للطاقة النووية وسبل تعزيز الثقة في آسيا بحسب المصدر نفسه.

وقد تأسس المؤتمر حول التدابير لبناء الثقة والعمل المشترك في آسيا عام 2002 باقتراح من رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف بهدف تنشيط التعاون من أجل السلام والاستقرار في آسيا عبر زيادة المبادلات بين دول المنطقة.

وقالت الخارجية التركية في بيان: «نعتقد أن جمع هذه الدول على طاولة واحدة يشكل بحد ذاته مبادرة لبناء الثقة المتبادلة». وأثناء القمة ستتولى تركيا رئاسة المؤتمر لبناء الثقة والعمل المشترك في آسيا لفترة 2010 - 2012 وستستضيف العراق وفيتنام كعضوين جديدين.

وقال بولند تولون مسؤول المؤتمر في الوزارة التركية في صحيفة «حرييت دايلي نيوز»: «إن أولويتنا ستكون العمل على تدابير من شأنها إرساء الثقة في الميادين السياسية والعسكرية».

وتسعى تركيا العضو في الحلف الأطلسي والمرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، للعب دور زعامة إقليمية باتباع سياسة خالية من المشاكل مع جيرانها. وكانت تركيا قد لعبت دور الوساطة بين إيران والغرب لتفادي فرض عقوبات على إيران، وتضمن اتفاق أبرمته إيران مع تركيا والبرازيل في 17 مايو (أيار) الحالي تبادل 1200 كلغ من اليورانيوم الإيراني قليل التخصيب (بنسبة 3.5 في المائة) في تركيا بـ120 كلغ من الوقود النووي المخصب بنسبة 20 في المائة مخصصة لمفاعل الأبحاث في طهران. غير أن الدول العظمى اعتبرته غير كاف وقدمت الولايات المتحدة مشروعا جديدا للعقوبات إلى مجلس الأمن الدولي. ومن جانبه، أكد نجاد أن بيان طهران النووي هو «دفاع عن الحقيقة ولا يمکن اعتباره وساطة»، وقال في مقابلة مع قناة «LBC» اللبنانية أن «البيان لا يرتبط بالدول الثلاث إيران وترکيا والبرازيل بل إنه يعكس مطالب جميع شعوب العالم الذين يبحثون عن حقوق متكافئة لجميع الشعوب». وأضاف مؤكدا أن البيان «وضع فرصة بتصرف الطرف الآخر وإذا لم يتم الإفادة من هذه الفرصة فإنني أستبعد أن يوفر الشعب الإيراني مثل هذه الفرصة مرة أخرى فإن هذا البيان تضمن جميع القضايا بصورة شفافة وعلى أساس القانون والعدالة والاحترام».