نتنياهو يعلن أن إسرائيل لن تسمح بفتح ميناء إيراني في غزة.. ووزير في حكومته يدعو لرفع الحصار عنها

إسرائيل ترفض تشكيل لجنة لتقصي الحقائق.. وباراك يشترط عدم التحقيق مع الضباط والجنود

نتنياهو لدى وصوله إلى مكتبه بعد ترأسه مجلس الوزراء أمس (إ.ب.أ)
TT

ما زالت إسرائيل مشغولة بتداعيات الهجوم الدامي الذي شنته على قافلة أسطول الحرية، الاثنين الماضي، الذي كان متوجها إلى قطاع غزة وهو يحمل معونات إنسانية، وأدى إلى سقوط ضحايا معظمهم أتراك، وهو ما وتر العلاقات بين البلدين.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس إن «إسرائيل لن تسمح بفتح ميناء إيراني في غزة، ولن تتيح تدفق أسلحة ووسائل قتالية بصورة حرة إلى حماس»، وذلك في معرض تعقيبه على قرار حكومته اعتراض أي سفينة تحاول الوصول إلى القطاع.

وادعى نتنياهو أن أفرادا شاركوا في أسطول الحرية، وكانوا على ظهر السفينة التركية «مرمرة» لم يخضعوا لإجراءات التفتيش الأمني بخلاف سائر الركاب، وهو ما سمح لهم بالتزود بمعدات قتالية.

واتهم نتنياهو هؤلاء الأفراد بأنهم بيتوا النية لإحداث مواجهة عنيفة مع الجنود الإسرائيليين. وقال «الحديث هنا يدور عن عملية مستمرة يديرها أعداء إسرائيل منذ عدة سنوات لسلب حق إسرائيل في الدفاع عن النفس».

إلى ذلك، لم توافق إسرائيل على اقتراح أممي بتشكيل لجنة تحقيق دولية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد اتصل هاتفيا الليلة قبل الماضية بكل من نتنياهو ورئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، وعرض عليهما تشكيل لجنة دولية للتحقيق في قضية أسطول الحرية، برئاسة رئيس وزراء نيوزيلندا الأسبق، جيفري بالمر، الخبير في القانون البحري.

وحسب اقتراح كي مون ستضم اللجنة ممثلين عن الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل، وأثار الاقتراح خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية، ووافق عليه وزراء، وعارضه آخرون.

وقال وزير المالية، يوفال شتاينيتس، ووزير العلوم، دانيئيل هرشكوفيتس، إنهما يعارضان بشدة تشكيل لجنة تحقيق. ورأى شتاينيتس أن لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست هي الهيئة الملائمة للنظر في هذا الموضوع فقط.

وردا على سؤال أحد الصحافيين حول الأنباء عن نية رئيس الوزراء التركي ترؤس أسطول لكسر الحصار عن غزة، قال شتاينيتس: «آمل أن لا يقوم أي شخص بمثل هذه الحماقة».

من جهته، دعا إسحاق هيرتزوج، وزير الشؤون الاجتماعية الإسرائيلي، والقيادي في حزب العمل، الحكومة الإسرائيلية إلى رفع الحصار عن غزة للتوصل لتوافقات مع المجتمع الدولي لضمان عدم استخدام المسارات البحرية في تهريب السلاح والوسائل القتالية إلى قطاع غزة.

من ناحية ثانية، استبعد هيرتزوج أن يقود رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان أسطولا آخر لقطاع غزة على اعتبار أنه قد يؤذن بتوريط حلف الناتو في مواجهة كبيرة.

وترأس نتنياهو أمس جلسة للمنتدى الوزاري السباعي لبحث فكرة تشكيل لجنة تقصي الحقائق المتعلقة بأحداث قافلة أسطول الحرية، وقال نتنياهو إنه لم يوافق على اقتراح كي مون، وأكد أنه أبلغ كي مون ضرورة العمل على تقصي الحقائق انطلاقا من باب المسؤولية والموضوعية مع الحرص على مصالح إسرائيل القومية ومصالح الجيش.

وقالت مصادر في مكتب وزير الدفاع إيهود باراك إن الموافقة على تشكيل لجنة لتقصي حقائق الاستيلاء على قافلة السفن مرهونة بشرط أن لا تحقق هذه اللجنة مع ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي. ونشرت البحرية الإسرائيلية ما زعمت أنه شريط سمعي يمكن فيه سماع جواب طاقم ربان سفينة «مرمرة» على بلاغ ضباط البحرية بأنهم على وشك دخول منطقة تخضع لطوق بحري، وهو يقول: «اسكتوا وعودوا إلى معسكر الإبادة النازي». كما يسمع صوت آخر يقول «إننا نساعد العرب على معارضة الولايات المتحدة، لا تنسوا الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)». ولم يتسن التأكد من صحة الشريط والأصوات التي فيه. ولم تكتف إسرائيل بهذا، بل نشر المكتب الإعلامي الحكومي شريطا هزليا يسخر من نشطاء السلام على ظهر السفينة «مرمرة».

ويظهر في الشريط نشطاء سلام مفترضون عرب وأوروبيون يلوحون بقضبان وسكاكين ويغنون «إننا نخادع العالم». وفي خلفية هذه الصور صور أخرى لأفراد الكوماندوز الإسرائيلي يتعرضون للضرب على ظهر السفينة مرمرة.

ويغني النشطاء المفترضون، باللغة الإنجليزية: «إننا نجعل العالم يتخلى عن المنطق، ونجعلهم جميعا يعتقدون أن حماس هي الأم تريزا».

ثم يغني مسافر آخر يلبس الكوفية: «إننا مسافرون مسالمون، وبأسلحتنا وسكاكيننا لن تصل الحقيقة أبدا إلى شاشاتكم. سنطعنهم في القلب، فهم جنود ولا أحد يكترث لهم. ونحن مجموعة صغيرة وقد التقطنا بعض الصور مع الحمام».

وفي السياق نفسه، كشفت الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة صباح أمس أن السلطات الإسرائيلية قامت بسرقة جوازات السفر من العشرات من نشطاء السلام الأجانب الذين كانوا على متن سفن أسطول الحرية.

وحذرت الحملة من إمكانية قيام جهاز المخابرات الإسرائيلي للمهام الخارجية (الموساد) من استخدام هذه الجوازات في تنفيذ عمليات تصفية واغتيال جديدة، كما حدث في تصفية القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في دبي مطلع العام الجاري.

وحثت «الحملة» الدول الأوروبية على متابعة هذه القضية حتى لا تتكرر عملية استخدام الموساد جوازات السفر للرعايا الأوروبيين في تنفيذ عمليات الاغتيال، وتوريط الدول الأوروبية. ويأتي هذا البيان في ظل الشهادات التي أدلى بها الكثير من النشطاء الأجانب الذين أكدوا أنهم تعرضوا للضرب والسلب والنهب من قبل الجنود الإسرائيليين أثناء اختطافهم من السفن، وبعد اقتيادهم إلى المعتقلات الإسرائيلية.

ومن جانبه صرح وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أنه يؤيد رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة إذا ما تم السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة الجندي الإسرائيلي المختطف، جلعاد شاليط، حسب ما أفادت به وكالة الأنباء الألمانية.

وقال ليبرمان في مقابلة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، نشرت في موقعها الإلكتروني أمس، إن الأزمة في العلاقات مع تركيا هي نتيجة «عملية داخل تركيا» تهدف إلى التخلص من العلمانية وتحويل تركيا إلى إمبراطورية.

وأضاف: «الأتراك يرغبون في بعث الإمبراطورية العثمانية والتخلص من الميراث العلماني»، متابعا: «إنه مهما نفعل وأي شيء نفعله سوف يتم توظيفه لمهاجمتنا والتصدي لنا لأنهم يعتقدون أن هذا سوف يحقق مكسبا في العالمين الإسلامي والعربي».

وقال: «النزاع لم يبدأ مع هذه الحكومة. رئيس الوزراء التركي هاجم الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس منذ فترة طويلة، ويمكنك أن ترى ما قاله عن إسرائيل مع مرور الوقت. هذا تحول في الموقف بصرف النظر عما نفعله».

وشبه الموقف الحالي مع تركيا بالثورة الإسلامية في إيران. وقال: «دعونا نَلُمْ أنفسنا عن صعود مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله الخميني إلى السلطة. إيران كانت حليفا استراتيجيا لإسرائيل، ولكن بعد ما حدث غيّر الإيرانيون سياستهم».

واستطرد: «نفس الطريق تسلكه تركيا. على الأقل تجاه إسرائيل. نفس الشيء يحدث. من الواضح الآن أن (أسطول الحرية) كان عملا استفزازيا مدبرا».