جدل بين ليبيا ومفوضية اللاجئين حول إغلاق مكتبها في طرابلس

المفوضية: لا نعلم سبب القرار * الخارجية الليبية ترد: وضعكم غير قانوني

TT

احتدم أمس، وعلى نحو مفاجئ، الجدل العلني بين ليبيا والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وذلك على خلفية قرار الحكومة الليبية القاضي بتعليق عمل مكتب المفوضية في طرابلس، وإغلاقه نهائيا لعدم قانونيته.

وكشفت وفا عمر، المديرة الإقليمية للإعلام بالمفوضة السامية لشؤون اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أمس، النقاب عن أن المفوضية تجري حاليا اتصالات رفيعة المستوى مع الحكومة الليبية لحثها على إعادة النظر في القرار المفاجئ الذي اتخذته الأسبوع الماضي.

وقالت عمر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقر عملها في بيروت، إن هناك اتصالات جارية مع الحكومة الليبية لتغيير موقفها، لافتة إلى أن المفوضية تشعر بقلق كبير تجاه اللاجئين الموجودين في ليبيا.

وبناء على إخطار رسمي وجّهته الحكومة الليبية يوم الأربعاء الماضي إلى المفوضية، أغلقت المفوضية مكتبها وسرحت جميع العاملين فيه، وأغلبهم من الليبيين، إلى أجل غير مسمى.

وقالت عمر: «طلبوا منا دون مقدمات إغلاق المكتب الذي يعمل فيه 26 موظفا، ثلاثة منهم فقط موظفون دوليون، والباقي من الليبيين»، مشيرة إلى وجود نحو تسعة آلاف لاجئ من جنسيات مختلفة: العراق والسودان والصومال والسودان وفلسطين وليبريا وإريتريا وإثيوبيا، ضمنهم 3687 يطلبون اللجوء السياسي.

واعتبرت عمر أن عدم وجود مكتب للمفوضية في ليبيا سيؤثر على حماية هؤلاء اللاجئين وطالبي اللجوء والخدمات التي تقدم إليهم. وأضافت: «نحن نقدم خدمات لا تقدم من أي طرف آخر لهؤلاء، وبالتالي فإن وجودنا في ليبيا مهم لحماية ومساعدة هؤلاء».

وزادت قائلة: «نحن نتفهم موقف الحكومة الليبية التي تتعامل مع عدة أنواع من الهجرة، بما في ذلك الهجرة غير الشرعية».

وأكدت عمر أنه لم تكن هناك أي خلفيات للموقف الليبي المفاجئ بإغلاق مكتب المفوضية في طرابلس، كما نفت وجود ملاحظات أو مآخذ سابقة للحكومة الليبية على عمل المكتب وأدائه في ليبيا.

وقالت: «لم يكن هناك أي شيء يوحي بأن ليبيا ستتخذ قرارا على هذا النحو. نحن نتأسف لما حدث ونتفاوض الآن مع مسؤولين في الحكومة الليبية، ونأمل التوصل إلى حل إيجابي في أقرب وقت ممكن».

وذكرت عمر أنه ليس هناك أي خلفيات أو دوافع غير معلنة من جانب المفوضية في ما يتعلق بمسببات القرار الليبي، لكنها أشارت في المقابل إلى قيام ليبيا بإنقاذ سفينة كانت على وشك الغرق بالقرب من المياه الإقليمية لمالطا وإيطاليا يوم الأحد الماضي، وهي محملة بلاجئين من إريتريا، ضمنهم طفل لم يتجاوز عمره ثمانية أشهر، بالإضافة إلى ثلاث نساء.

وأضافت: «ليبيا أنقذت السفينة التي كان مفترضا أن يتم إنقاذها من لدن المالطيين والإيطاليين، ونحن أشدنا بهذا الموقف، ولم نوجه لها أي انتقادات».

وزادت قائلة: «حتى الآن لا نعلم الأسباب الحقيقية وراء إغلاق المكتب، ونحاول بكل الطرق إعادة فتحه. وجودنا هناك مهم، ونحن ندعم ليبيا في تعاملها مع القضايا المتعلقة بالهجرة على اعتبار أنها ممر للمهاجرين إلى أوروبا».

ولفتت عمر إلى أن ليبيا غير موقعة على اتفاقية عام 1951 التي تحمي حقوق اللاجئين، وتحدد واجبات الدول تجاههم. وقالت: «هناك دول كثيرة لم توقع في المنطقتين العربية والأفريقية على هذه الاتفاقية، ولذلك ليس هناك أي نظام للتعامل مع المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، ولهذا وجودنا مهم لحماية هؤلاء».

وأعادت وزارة الخارجية الليبية في بيان لـ«الشرق الأوسط» التذكير أمس بأن ليبيا ليست طرفا في هذه الاتفاقية، كما أنها لم توقع على أي اتفاق تعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وبالتالي فإن أي نشاط يقوم به مكتبها بطرابلس يعد غير قانوني.

وقالت وزارة الخارجية الليبية في بياناها أنها تستغرب ما أثارته وسائل الإعلام بأن مكتب شؤون اللاجئين بطرابلس قد تم إغلاقه دون معرفة الأسباب، وأوضحت أنه تمت مخاطبة مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بطرابلس بأن ليبيا لا تعترف بوجود مكتب شؤون اللاجئين على أراضيها باعتبارها دولة ليست طرفا في اتفاقية (1951) الخاصة باللاجئين، ولم توقع أي اتفاق تعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

ولفتت وزارة الخارجية الليبية إلى أن مسألة عدم قانونية نشاط مكتب شؤون اللاجئين في طرابلس أثيرت عدة مرات مع المنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما تم إبلاغ الممثلة المقيمة بموقف ليبيا من وجود هذا المكتب، وعلى ضرورة تنفيذ قرار السلطات الليبية بإغلاقه لعدم قانونية نشاطاته ووجوده.

وقال البيان إنه رغم عدم وجود مكتب للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد سمحت ليبيا عام 2001 بتعيين ممثل للمفوضية ضمن إطار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث اقتصر وجوده في تلك الفترة على تسوية مشكلة محددة، وذلك باعتراف من المفوضية، إلا أن عمله أصبح بعد ذلك غير قانوني، وينتهك الاتفاق الموقع بين ليبيا والمفوضية، وقام بمزاولة بعض الأنشطة غير القانونية.

واستغرب البيان أن تصدر هذه الأمور من ممثل منظمة دولية يجب عليها الالتزام بالقانون الدولي، واحترام سيادة الدول وخياراتها.

من جهتها، قالت مليسا فليمنغ، المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، إن القرار الليبي له وقع إضافي ثقيل نظرا للسياسة الإيطالية القائمة على إبعاد اللاجئين الفارين من شمال أفريقيا والشرق الأوسط من المياه الإقليمية الإيطالية إلى ليبيا.

وأضافت فليمنغ، في مؤتمر صحافي عقدته بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية: «سيحدث هذا فجوة كبيرة لآلاف اللاجئين وطالبي اللجوء الموجودين هناك، وبالطبع لأولئك القادمين على قوارب بشكل مستمر كل أسبوع».

وقالت فليمنغ إن معظم اللاجئين وطالبي اللجوء يعيشون في مناطق حضرية، ولكن بعضهم موجودون في 15 مركزا للاحتجاز يمكن للمفوضية العليا الوصول إليها. وأضافت: «يتعين على جميع الحكومات الأوروبية التي تفكر في ليبيا كمكان يمكن أن يستقبل الهاربين من الحروب والاضطهاد أن تراجع ذلك بعناية شديدة، إذ لم يعد للمفوضية العليا وجود هناك».