جدل فلسطيني حول تأثير أحداث «أسطول الحرية» على مستقبل المصالحة والحصار

الخلاف لا يزال كبيرا بين موقفي فتح وحماس وكلتاهما تتهم الأخرى بالمماطلة

TT

يتواصل في الساحة الفلسطينية الجدل حول مدى تأثير أحداث «أسطول الحرية» على مستقبل حصار قطاع غزة والمصالحة الفلسطينية. فقد حذر فيصل أبو شهلا القيادي في حركة فتح ورئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعي الفلسطيني من مغبة أن تستخلص حركة حماس استنتاجات مضللة وتتبنى مواقف أكثر تطرفا في موضوع المصالحة. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال أبو شهلا إن هناك مؤشرات واضحة على أن حركة حماس تتجه إلى إحباط الجهود الرامية لإتمام المصالحة، لا سيما أحداث «أسطول الحرية»، حيث إن هناك في داخل حماس من يرى أن هذه الأحداث عززت من مكانة الحركة وتجعلها قادرة على الإصرار على شروطها المتعلقة بالوثيقة المصرية للمصالحة.

واعتبر أبو شهلا أن رفض حماس لمبادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إرسال وفد ممثلي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح والأمناء العموم للفصائل إلى غزة، للتباحث في قضية المصالحة، دليل على نواياها.

وقال أبو شهلا إن التوصل للمصالحة الوطنية يجب أن يشكل أولوية تسبق حتى كسر الحصار، منتقدا ربط حماس التوقيع على الوثيقة المصرية للمصالحة وبين الأخذ بتحفظاتها عليها، مشيرا إلى أن الوثيقة المصرية توفيقية ولم تأخذ بمواقف حركة فتح كلها، كما لم تأخذ بجميع مواقف حماس. ووصف الملاحظات التي تبديها حماس على الورقة المصرية بأنها ملاحظات شكلية وليست جوهرية، وأن الورقة المصرية بإمكانها أن تشكل قاعدة للمصالحة، موضحا أنه بالإمكان الجدل حوله هذه البنود بعد التوقيع على الورقة وعند تطبيقها.

واتهم الدكتور صلاح البردويل، عضو القيادة السياسية لحركة حماس والنائب في المجلس التشريعي، حركة فتح بعدم الجدية في التوصل للمصالحة الوطنية، لأنها كما يقول ترفض الوفاء بالمتطلبات الأساسية للمصالحة، والمتمثلة في وقف المفاوضات مع إسرائيل ولو ردا على «المجزرة» التي ارتكبتها إسرائيل ضد «أسطول الحرية»، علاوة على أن السلطة تواصل تعقب نشطاء حماس ولا تتردد أجهزتها الأمنية في اعتقال النساء، بالإضافة إلى مواصلة التعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، والمشاركة في محاصرة غزة عبر رفض تزويد القطاع بالكميات الكافية من الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء مما فاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي، لا سيما في ظل قيام الطلاب بتقديم الامتحانات النهائية.

واعتبر البردويل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن ما أسماه بمناورة أبو مازن بإرسال وفد من اللجنة التنفيذية للمنظمة ومركزية فتح يهدف بشكل خاص إلى لفت الأنظار عما جرى لـ«أسطول الحرية». وفي نظر البردويل فإن أحداث «أسطول الحرية» عرت أبو مازن وحركة فتح تماما، وهو ما دفع نحو هذه المناورات التي تشتمل على تغيير في اللهجة دون الجوهر. وتابع القول إن أهداف الحصار سياسية بامتياز، مشيرا إلى أن كلا من إسرائيل والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية ومصر تتعاون في فرضه من أجل تحقيق مكاسب سياسية. وأضاف أن إسرائيل تفرض الحصار من أجل إسقاط حكم حماس، في حين أن الولايات المتحدة تشجع فرض الحصار من أجل تهيئة الظروف لتنفيذ مشروعها السياسي القائم على تصفية القضية الفلسطينية، متهما السلطة ومصر بالعمل على إرغام حماس على التوقيع على الورقة المصرية بكل ثمن.

وقال الكاتب السياسي، هاني المصري مدير مركز «بدائل» في رام الله، إنه يتوجب أن لا تتحول الورقة المصرية إلى مصدر إعاقة للمصالحة، حاثا حماس على التوقيع عليها والاحتفاظ بحقها في المطالبة بإدخال التعديلات التي تراها مناسبة. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أضاف أن الانطباع الذي تولد لديه أن ما حدث لم يغر قادة حماس لإضفاء مزيد من التطرف على مواقفهم من المصالحة، مشيرا إلى أنه يبدو له أن قادة حماس واقعيون، إذ سبق أن أسفرت الحرب الإسرائيلية عن تعاظم مكانتها، لكن هذا التطور مثل في الواقع «شيكات من دون رصيد»، مشددا على أنه في حال لم يتحرك العرب والفلسطينيين فلن يحدث اختراق جدي.

من ناحية ثانية حذر المصري من مغبة الارتهان للمواقف الأجنبية في قضية المصالحة، لا سيما الموقفين الأميركي والإسرائيلي، مشيرا إلى أنه يتوجب التعلم من تركيا التي رغم أنها حليف للولايات المتحدة لكنها أثبتت أنه بالإمكان القول لا لأميركا. وشدد على أنه يتوجب التصدي لأي محاولة للربط بين المصالحة وشروط اللجنة الرباعية. وأوضح أن المخرج يتمثل في الاتفاق على إعادة بلورة النظام السياسي الفلسطيني من أجل رفده بعوامل قوة غير قائمة في النظام الحالي. وشدد المصري على أن ما جرى مع «أسطول الحرية» يمثل بداية نهاية الحصار.