اقتراحات تغيير اسم «الجامعة العربية» إلى «الاتحاد العربي» وعقد قمتين سنويا بدلا من واحدة

«الشرق الأوسط» تنفرد بنشر ورقة الجامعة العربية لتطوير منظومة العمل العربي المشترك

TT

كشفت ورقة عمل أعدتها الأمانة العامة للجامعة العربية حول تطوير منظومة العمل العربي المشترك عن مساع لتغيير اسم جامعة الدول العربية إلى اتحاد الدول العربية (الاتحاد العربي).

كما اقترحت الورقة، التي ستقدمها الجامعة العربية إلى الاجتماع القادم للقمة العربية الاستثنائية التي ستعقد في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في مدينة سرت الليبية، مقترحات مماثلة لتغيير اسم «القمة العربية» إلى «المجلس الأعلى للاتحاد»، وجعل التمثيل في المجلس الاقتصادي والاجتماعي على مستوى رؤساء الحكومات أو من في حكمهم، بالإضافة إلى إعادة تأهيل مجلس السلم والأمن العربي وإقرار عقد الدورتين سنويا للمجلس الأعلى للاتحاد (القمة) وإقرار مبدأ تعيين مفوضين لملفات محددة يتولونها.

وتعتبر هذه الورقة، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، هي الأحدث من نوعها في إطار مساعي عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية لتطوير منظومة العمل العربي المشترك، علما بأنها خلاصة مقترحات تقدمت بها الأردن والبحرين وتونس والجزائر والسعودية والسودان وسورية والعراق وسلطنة عمان وقطر وليبيا، بالإضافة إلى مبادرة مصرية سابقة في نفس الإطار وملاحظات مغربية وموريتانية ويمنية.

واقترح موسى في الورقة عدم إلغاء الميثاق القائم للجامعة العربية أو تعديله بإلغاء بعض نصوصه أو تغييرها، داعيا في المقابل إلى إضافة ملاحق وبروتوكولات تحدث الميثاق وتطوره وتضيف إليه ويكون من شأنها أن تحل عمليا محل الميثاق كليا أو جزئيا مع بقاء الميثاق كوثيقة تاريخية ذات ثقل قومي.

ووضع موسى خيارين؛ أولهما تعديل جذري وشامل، بمعنى خلق مؤسسة جديدة تماما، مشيرا إلى أن هذا الخيار له مزاياه وعيوبه، التي قال إنها تقترب من أن تكون فرضا مستحيلا دون تكاليف هائلة ودون مساحة زمنية من شلل العمل العربي، وكذلك دون ضمان لأن تكون النتيجة إيجابية.

وأوضح أن الخيار الثاني هو تبني تعديل تدريجي في إطار خطة شاملة وإطار زمني واقعي يجعل من الممكن اتخاذ عدد من الخطوات الفعالة في مجال التطوير تتخذ بقرار في القمة المقبلة في مدينة سرت الليبية.

ولفت موسى إلى ضرورة الاتفاق على مجموعة من الخطوات على أساس جدول زمني تقرره القمة العربية المقبلة وتتابعه القمم التالية في ظرف 3 إلى 5 سنوات مثلا. واعتبر أن إصلاح العمل العربي وتغيير نمطه لا يعني فقط التركيز على الأمانة العامة بالقاهرة، وإنما رأى أنه يجب إعادة النظر في المنظمات العربية المتخصصة وعددها 16 منظمة.. متسائلا هل تبقى هذه المنظمات على ما هي عليه أم تختصر وتدمج قدر الإمكان أم إن الأمر يحتاج إلى منظمات إضافية في ضوء معطيات الحياة الجديدة في القرن الـ21. وأضافت الورقة: «أن الأمر ينطبق على المجالس الوزارية العربية وعددها 12 مجلسا، وتساءلت هل نبقى على هذا النمط، ومن ثم نضيف إليه مجالات العمل التي لم تشكل لها مجالس بعد؟» علما أن هناك طلبات رسمية بإضافة مجالس مثل مجلس لوزراء الأوقاف العرب ووزراء المال، بعدما أضيف مؤخرا مجلس وزراء المياه العرب.

ومضت الورقة إلى التساؤل «هل يمكن أن يشكل رؤساء هذه المجالس مجلسا للوزراء يكون مثل الحكومة العربية الواحدة يحضره رؤساء هذه المجالس تحت رئاسة دورية تكون أحد الأجهزة التي تعد لاجتماعات القمة، استنادا للمقترح الليبي الذي يدعو إلى تشكيل مجلس تنفيذي أو لجنة تنفيذية. أم إن اقتراح الحكومة الواحدة أو المجلس التنفيذي يمكن أن يحل محله رفع مستوى وفعالية المجلس الاقتصادي والاجتماعي القائم حاليا ليكون على مستوى رؤساء الحكومات وله الإشراف الكامل على المنظمات المتخصصة والمجالس الوزارية».

وفيما يتعلق بمجلس وزراء الخارجية، وهو المجلس الأساسي في النظام الحالي، تابعت الورقة: «هل يبقى على ما هو عليه أم يتساوى مع المجالس الوزارية الأخرى؟»، مشيرة إلى أن استمرار المجلس مشرفا على السياسة الخارجية للعمل العربي المشترك ومعدا لأعمال القمم العربية يؤكد استمرار العمل في مسائل سياسية حساسة، خاصة أن مجلس السلم والأمن العربي يتبعه.

وتساءلت الورقة مجددا «ما هو دور الأمين العام والأمانة العامة للجامعة العربية؟»، على اعتبار أن الأمين العام هو المدير الفعلي للمؤسسة، معتبرة أن أي مؤسسة بلا مدير لا يمكن لها أن تنتظم ولا لعملها أن يكون منتجا. ومن ثم قالت إنه «من المصلحة أن يكون الأمين العام هو البوابة إلى تنفذ منها المقترحات ومشاريع القرارات للعرض على الأجهزة الأعلى وتعود من خلاله للتنفيذ الذي تقوم به مختلف الأجهزة العاملة في العمل العربي المشترك، ويستمر الأمين العام المتحدث الرسمي باسم العمل العربي المشترك والمكلف بتقديم التقارير والمقترحات إلى المستويات المختلفة في الجامعة التي يرى تقديمها لدفع العمل العربي المشترك». وبشأن الجهاز التشريعي المتمثل في البرلمان العربي، رأت الورقة أن من الضروري بحث نظامه الأساسي تمهيدا لانتقاله من برلمان انتقالي إلى برلمان دائم، لافتة إلى الأفكار المختلفة عن كيفية التمثيل فيه، وهل يكون تمثيلا متساويا بالنسبة لكل الدول الأعضاء، أي بصرف النظر عن الحجم وعدد السكان، أم تتم مناقشة الحالات المختلفة للتمثيل.. وهل سيكون البرلمان غرفة واحدة أم اثنتين وفقا للمقترح اليمني، على أن تتشكل إحداهما على أساس التمثيل المتساوي والأخرى على أساس التمثيل النسبي.

وحول الجهاز القانوني، أوضحت الورقة أن هناك اقتراحا بإنشاء محكمة عدل عربية.. وفي الوقت نفسه هناك اعتراض على الفكرة من بعض الدول التي طالبت باتخاذ قرار في هذا الشأن، متسائلة: «هل نحن فعلا بحاجة إلى هذه المحكمة أم يمكن الاستغناء عنها ولو في المرحلة الحالية»، علما أن ميثاق الجامعة العربية نص على تشكيل المحكمة. وأضافت الورقة متسائلة «أم هل يستبدل بذلك كله فكرة بلورة آليات قانونية للوساطة والتوفيق والتحكيم ويترك أمر التقاضي إلى محكمة العدل الدولية؟».

وفيما يتعلق بالآليات المالية والتجارية، تساءلت الورقة «هل نحتاج إلى بنك مركزي عربي وفقا للمقترح اليمني وفي أي مرحلة؟.. وكيف ندفع بما اتخذ من قرارات نحو إنشاء اتحاد جمركي عربي تمهيدا للوصول إلى سوق عربية مشتركة، والإطار الزمني لذلك، وكذلك هل نحتاج إلى صناديق إضافية أو بنوك للتمويل أم يكتفى بما هو قائم؟».

وقالت الورقة حول آليات الدفاع، متسائلة «ما هو وضع اتفاقية الدفاع المشترك والتنسيق العسكري.. وما هي نظرية الأمن العربي في المرحلة الحالية والتوقعات بشأنها في السنوات القادمة»، مشيرة إلى أنها تحدد النظرة الاستراتيجية للاحتياجات التنسيقية في المجال العسكري.

وبعدما لفتت إلى أن مجلس السلم والأمن العربي قد دخل بالفعل إلى حيز التنفيذ، فإن الورقة لاحظت أن تركيبة وعضوية هذا المجلس لا تزالان تشكلان عقبة في سبيل تفعيله.

وقال عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية «في رأيي أن الأمر يستوجب إعادة النظر في عضوية المجلس، بأن تكون بالضرورة ممثلة للمغرب العربي، والخليج العربي والمشرق العربي والقرن الأفريقي، أي ثمانية أعضاء على الأقل على ألا يزيد عن عشرة، وأن تكون إحدى الأذرع الرئيسية لمجلس وزراء الخارجية، وأن يشتمل على ثلاثة أجهزة هي: هيئة فض المنازعات، وهيئة الحكماء، بالإضافة إلى إدارة قوة حفظ السلام». وطالبت الورقة بالانفتاح على المنظمات والدول الأخرى، وخلق صفة المراقب والضيف وغيرها، واقترحت في هذا الصدد إنشاء رابطة أو محفل للجوار العربي، والصفة التي يمكن بها لدول الجوار أن تنسق مع العمل العربي المشترك والعكس.

ودعت الورقة أيضا إلى الاتفاق على الاسم الجديد لمؤسسة العمل العربي المشترك، وهل يمكن أن يكون «الاتحاد العربي» أم «اتحاد الدول العربية»، أم يبقى الاسم كما هو «جامعة الدول العربية»، معتبرة أنه آن الأوان للاتفاق على عقد قمتين عربيتين في العام بدلا من القمة السنوية الواحدة، على أن تعقد إحداهما في دولة المقر (مصر) وتكون ليوم واحد ودون رسميات، وتخصص للنظر في القضايا ذات البعد الاستراتيجي أو البعد العاجل وتخصص الأخرى (السنوية العادية) للإشراف على ومتابعة العمل العربي المشترك بمختلف فروعه، وتعقد في عاصمة الدولة صاحبة الدور للرئاسة، إذا رغبت هذه الدولة في استضافتها بعاصمتها، وإلا تعقد أيضا بدولة المقر.