الحريري بدأ جولة إقليمية وبحث مع نصر الله الموقف من عقوبات إيران

أكد لزعيم حزب الله: ليس بمقدورنا الوقوف في الصف الإيراني ولبنان يتجه للامتناع عن التصويت

TT

بدأ رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أمس جولة عربية تشمل الأردن والسعودية ومصر، يستكملها الخميس بزيارة لتركيا يشارك في خلالها في مؤتمر دولي، ويلتقي عددا من المسؤولين الأتراك، في مقدمهم نظيره التركي رجب طيب أردوغان. واستهل الحريري جولته في عمان حيث أطلع الحريري العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على نتائج زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأميركية، كما جرى عرض لتطورات الأوضاع في المنطقة، إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين. كما تطرق اللقاء إلى بحث علاقات التعاون الثنائي وآليات تطويرها في مختلف المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين. ووصل الحريري والوفد المرافق عند الخامسة والنصف من عصر أمس إلى جدة في المملكة العربية السعودية، المحطة الثانية في جولته العربية. وقد استقبله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مساء.

وأشارت المصادر إلى عمل طارئ فرض نفسه على جدول البحث، وهو التطورات الأخيرة في المنطقة بعد الاعتداء الإسرائيلي على «أسطول الحرية»، والدور التركي الجديد، بالإضافة إلى موقف لبنان كممثل للمجموعة العربية في الأمم المتحدة من مشروع العقوبات على إيران وبرنامجها النووي.

ووضع عضو تكتل لبنان أولا، الذي يرأسه سعد الحريري، النائب عقاب صقر، الجولة الجديدة في إطار وضع الزعماء العرب في صورة وأجواء زيارة الحريري الأخيرة إلى واشنطن. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الحريري كان قد جال عربيا قبل لقاء أوباما، وها هو اليوم يكرر جولته لإطلاع الزعماء العرب على ما سمعه في أميركا وما أسمعه للمسؤولين هناك. هو سيجري معهم جولة على المستجدات العربية - الإقليمية والدولية، وسيتصدر موضوع الحصار على غزة النقاش، خصوصا بعد التطور الخطير بالاعتداء الإسرائيلي على (أسطول الحرية)». ولفت صقر إلى أن هناك تحركا عربيا قديما متجددا لإيجاد سبل لفك الحصار عن غزة. وأضاف: «الحريري سيسعى لوضع هذه الاستراتيجية العربية موضع التنفيذ من خلال ترسيخ رؤية عربية واضحة تقوم على أساس التعاون العربي لقطع الطريق لأي استغلال للقضية الفلسطينية».

وكان الحريري استبق جولته بلقاء مع الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في منزله في الضاحية الجنوبية. واستعرض الجانبان «التطورات المحلية والإقليمية والدولية»، كما أفاد بيان مشترك أشار إلى أن «وجهات النظر كانت متطابقة، كما كانت الأجواء إيجابية للغاية». موضحا أنهما «اتفقا على أهمية تفعيل العمل الحكومي».

وفيما رفضت أوساط الحريري الإدلاء بأية معلومات، طالبة «الاكتفاء بنص البيان»، نقلت وكالة الأنباء المركزية عن «أوساط سياسية متابعة» أنه تم التطرق إلى موضوع العقوبات على إيران من زاوية «ارتباطه بالسلم الأهلي اللبناني ووجوب مقاربته بحكمة، ذلك أنه ليس بمقدور لبنان الخروج عن منظومة المجتمع الدولي والوقوف في الصف الإيراني، لما سيترتب على هذا الموقف من انعكاسات سلبية على أكثر من صعيد، ليس الوقت وقتها ولا الزمان زمانها، كما أن لبنان يمثل المجموعة العربية، وبالتالي عليه أن يعكس موقف العرب في مجلس الأمن». وأشارت الأوساط إلى أن الحريري قدم شرحا مسهبا عن الموضوع ووضع نصر الله في مختلف جوانبه، مؤكدا تقدم فرص الامتناع على غيره من الخيارات كحل أمثل بالنسبة إلى الوضع اللبناني.

ولفتت المصادر إلى أن اجتماعا مطولا كان سبق اللقاء بساعات بين وفد قيادي من حزب الله ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري، تم في خلاله تنسيق المواقف لتسهيل النقاش حول بعض نقاط البحث الأساسية.

ولم يتخذ لبنان حتى الساعة قرارا نهائيا لجهة التصويت ضد العقوبات التي سيفرضها مجلس الأمن على طهران أو لجهة الامتناع عن التصويت، علما أن الخيار الثالث وهو التصويت مع فرض هذه العقوبات خارج التداول.

ممثل المجموعة العربية على المنبر الدولي يحاول بقدر المستطاع اتخاذ موقفه الرسمي على ضوء مشاورات عربية وإقليمية تكثفت في الساعات الأخيرة مع بدء جلسات محادثات مغلقة في نيويورك لوضع الصياغة النهائية للقرار، وبالتالي قرب موعد جلسة التصويت على هذه العقوبات. وكشفت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري سيكثف مشاوراته في هذا الشأن مع الزعماء العرب في جولته الحالية على كل من الأردن، والسعودية ومصر، وإن رئيس الجمهورية يقوم بجهد مماثل ليتخذ القرار النهائي بأسرع وقت ممكن. وأشارت المصادر إلى أن «الموقف المبدئي هو الامتناع عن التصويت، ولكن الأصوات التي خرجت من هنا ومن هناك مطالبة بالتصويت ضد هذه العقوبات جعلت من الواجب البحث في الموضوع في العمق، كوننا الناطق الرسمي باسم المجموعة العربية».

وفي حين لم يبحث مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة في الموضوع، كما لم يتم إدراجه على جدول أعمال الجلسة المتوقعة اليوم في قصر بعبدا، وصفت مصادر وزارة الخارجية الملف بـ«الحساس جدا»، موضحة أن البحث فيه يتم على مستويين داخلي وإقليمي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «القرار سيُتّخذ هذا الأسبوع بتوافق رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري».

ولم يصدر حتى الساعة موقف رسمي لحزب الله. إلا أن النائب السابق عن الحزب، أمين شري، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقف الذي سيتخذ رسميا سيراعي مصلحة المنطقة العربية عموما كما المصلحة اللبنانية العليا، فمسودة القرار وبالتالي المجتمع الدولي ينظر وكالعادة بعين واحدة إلى منطقتنا فيجيز لإسرائيل امتلاك السلاح النووي ويجازي طهران لبرنامجها الذي تؤكد مرارا وتكرارا أنه لأغراض سليمة». وشدد عضو كتلة المستقبل، التي يرأسها رئيس الحكومة سعد الحريري عمار حوري لـ«الشرق الأوسط»، على أن القرار الذي سيتخذ يجب ألا يعرِّض مصالح لبنان للخطر، معتبرا أن لرئيس الجمهورية دورا أساسيا في هذا الصدد بالتعاون مع رئيسي الحكومة والمجلس النيابي. ولفت إلى أن القرار المنطقي سيكون بالامتناع عن التصويت.

من جهته، اعتبر عضو كتلة الأحزاب الوطنية والقومية قاسم هاشم أن «الموقف اللبناني الطبيعي يجب أن يكون بالتصويت ضد فرض العقوبات، لأنه يتوجب علينا أن نقف مع من يدعم قضايانا وقضايا الأمة العربية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «على العرب رفض مثل هذا المشروع، فالموقف الإيراني موقف استراتيجي للحفاظ على الحقوق العربية، والمعايير المزدوجة التي يعتمدها المجتمع الدولي في تعاطيه مع قضايا المنطقة وإبقاء إسرائيل استثناء على القانون الدولي لم يعد مسموحا بها». واعتبر هاشم أن «العقوبات لا تأتي في إطارها الصحيح، خاصة بعد إبرام الاتفاق مع إيران برعاية تركيا والبرازيل، مما يدل على أن أميركا اتخذت قرارها ولا مساومة فيه».

ودعا مستشار رئيس حزب الكتائب، سجعان قزي، إلى التزام لبنان «الحياد الإيجابي» خلال التصويت وقال لـ«الشرق الأوسط»: «القرار اتخذ لبنانيا وعربيا، كما أن أميركا وأوروبا تفهمتا الموقف اللبناني الذي تؤيده دمشق. ومن جهته، أعلن سفير لبنان الأسبق في واشنطن عبد الله بو حبيب إنه يؤيد تصويت لبنان ضد مشروع فرض العقوبات على إيران في مجلس الأمن الدولي، لكنه لفت إلى أن «الكثير من الشخصيات، وخاصة أغلبية شخصيات 14 آذار، تفضل الامتناع عن التصويت على هذا القرار». واعتبر أن «الولايات المتحدة الأميركية لن تكون مرتاحة إذا صوت لبنان في مجلس الأمن ضد فرض قانون عقوبات على إيران».