تقرير بريطاني: المخابرات العسكرية الباكستانية ممثلة في قيادة حركة طالبان

الجنرال حميد غول لـ «الشرق الأوسط» : مساع للتشكيك في قدرتنا على حماية الترسانة النووية

TT

قال تقرير إن المخابرات العسكرية الباكستانية لا تمول وتدرب مقاتلي طالبان في أفغانستان وحسب، لكنها ممثلة رسميا أيضا في مجلس قيادة الحركة، مما يعطيها تأثيرا كبيرا على العمليات.

وأضاف التقرير الذي نشرته كلية الاقتصاد بلندن، وهي مؤسسة بريطانية بارزة، أمس، أن البحث يشير بقوة إلى أن دعم طالبان هو السياسة الرسمية لوكالة المخابرات العسكرية الباكستانية. وعلى الرغم من الاشتباه منذ فترة طويلة في وجود صلات بين المخابرات العسكرية والإسلاميين المتشددين، فإن نتائج التقرير (الذي قال إن اثنين من مسؤولي الأمن الغربيين البارزين أيداه) يمكن أن تثير مزيدا من المخاوف في الغرب بشأن التزام باكستان بالمساعدة في إنهاء الحرب بأفغانستان. وذكرت الصحيفة البريطانية في تقرير لمراسلها من كابل أن هناك زعما بأن وكالة الاستخبارات الباكستانية لها ممثلون في مجلس شورى كويتا. ويعتقد أن سبعة من الأعضاء البالغ عددهم 15 في «شورى كويتا»، وهو مجلس حرب طالبان وفقا لـ«صنداي تايمز»، هم عناصر تابعة لوكالة الاستخبارات الباكستانية. ونسبت «صنداي تايمز» إلى رئيس الوكالة السابق أمر الله صالح، الذي استقال من منصبه الأسبوع الماضي، قوله إن الاستخبارات الباكستانية هي «من دون شك جزء من مشهد الدمار في هذا البلد (باكستان)، ومن ثم فسيكون من قبيل هدر الوقت تقديم أدلة على ضلوعها ما دامت هي طرفا فيه». وأرجعت الصحيفة السبب في إطالة أمد الصراع «الذي كلف الغرب مليارات الدولارات ومئات الأرواح» إلى الدعم الذي تقدمه باكستان لطالبان. كما قال التقرير إنه وردت أنباء عن زيارة الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري لسجناء من العناصر البارزة بطالبان في باكستان هذا العام، حيث يعتقد أنه وعد بالإفراج عنهم وتقديم المساعدة في عمليات المتشددين، مما يشير إلى أن الدعم لطالبان يحظى بموافقة الحكومة المدنية الباكستانية على أعلى مستوى.

إلى ذلك، قال الجنرال غول، رئيس الاستخبارات العسكرية الباكستانية السابق، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن التقرير جزء من حملة غربية ضد باكستان بهدف تشويه العلاقة الجيدة بين واشنطن وإسلام آباد. وقال إن «تصوير العلاقة بين طالبان والاستخبارات العسكرية الباكستانية الهدف منه القول إن الترسانة النووية الباكستانية ليست آمنة».

في سياق نفي المزاعم حول دعم جهاز الاستخبارات الباكستاني لحركة طالبان الأفغانية، أكد الجنرال أطهر عباس، المتحدث باسم الجيش الباكستاني، أن «الدول والقوات غير الصديقة دأبت على توجيه هذه المزاعم التي لا أساس لها من الصحة لباكستان».

وقال عباس في بيان له بعد ظهر أمس «دأبت الدول غير الصديقة لباكستان على توجيه مثل هذه الاتهامات في الماضي، وقد رفضنا مثل هذه المزاعم في السابق أيضا». وأضاف أن «هذه المزاعم محض هراء وجزء من حملة خبيثة تحاك ضد الجيش والمؤسسات الأمنية في الدولة».

وأكد عباس أن هذه التقارير عارية عن الصحة، ومبنية على نوايا خبيثة، وأن «باكستان طالبت هذه الدول من قبل بمشاركة المعلومات معها في هذا الشأن، حتى نكون في موقف نتمكن فيه من الرد على هذه المزاعم بصورية مرضية، وربما نتمكن من فتح تحقيق في هذه المعلومات، لكن هذه المزاعم عارية عن الصحة وليست أكثر من مجرد وشايات».

وقال التقرير الذي استند إلى مقابلات مع قادة بطالبان ووزراء بارزين سابقين من الحركة، فضلا عن مسؤولين أمنيين غربيين وأفغان، إن باكستان تلعب فيما يبدو لعبة مزدوجة على نطاق مذهل. وفي مارس (آذار) 2009 قال الأميرال مايك مولن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، والجنرال ديفيد بترايوس رئيس القيادة المركزية الأميركية، إن لديهما مؤشرات على أن عناصر في المخابرات العسكرية الباكستانية تدعم طالبان و«القاعدة». وقالا إن على جهاز المخابرات وقف هذه الأنشطة. غير أن مسؤولين غربيين بارزين أحجموا عن التحدث في هذا الموضوع علنا خوفا من الإضرار بالتعاون المحتمل من باكستان التي تملك قدرة تسلح نووية ودعمتها واشنطن بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية والاقتصادية. وقال مات فالدمان، كاتب التقرير وزميل جامعة هارفارد «ما يبدو من ازدواجية الحكومة الباكستانية وإدراك الجماهير الأميركية والمؤسسة السياسية لهذا يمكن أن تكون له تداعيات سياسية هائلة بالمنطقة». وأضاف فالدمان في التقرير «ما لم يحدث تغير في سلوك باكستان فسيكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل على القوات الدولية والحكومة الأفغانية إحراز تقدم ضد التمرد».

ويأتي التقرير في ختام واحد من أدمى الأسابيع للقوات الأجنبية في أفغانستان، حيث قتل أكثر من 21 من أفرادها الأسبوع الماضي. وقتل أكثر من 1800 جندي أجنبي، بينهم نحو 1100 أميركي في أفغانستان، منذ أسقطت القوات الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة حركة طالبان في أواخر عام 2001. وذكر التقرير أن الحرب كلفت الولايات المتحدة بالفعل نحو 300 مليار دولار، وتكلفها الآن أكثر من 70 مليار دولار في العام، مستشهدا بأرقام وردت في بحث للكونغرس الأميركي عام 2009. وأشار التقرير إلى أن مقابلات أجريت مع قادة طالبان في أكثر مناطق باكستان عنفا تشير إلى أن باكستان ما زالت تقدم دعما مكثفا للتمرد فيما يتعلق بالتمويل والذخيرة والإمدادات. وقال التقرير «هذه الروايات أيدها وزراء سابقون من طالبان ومحلل غربي ومسؤول بارز بالأمم المتحدة مقيم في كابل قالوا إن طالبان تعتمد بشدة على التمويل من وكالة المخابرات العسكرية الباكستانية وجماعات في دول خليجية». ويكاد يكون كل قادة طالبان الذين أجريت مقابلات معهم لدى إعداد التقرير يرون أن وكالة المخابرات العسكرية الباكستانية لها تمثيل في المجلس الأعلى لقيادة طالبان ومقره باكستان. وقال التقرير «تشير المقابلات بقوة إلى أن المخابرات العسكرية لها ممثلون في مجلس شورى طالبان إما كمشاركين أو مراقبين، ومن ثم فإن المخابرات تلعب دورا على أعلى مستوى للحركة». وأورد التقرير أيضا أنه تردد أن الرئيس الباكستاني زار نحو 50 من سجناء طالبان البارزين في موقع سري بباكستان برفقة مسؤول بارز بالمخابرات العسكرية، وأنه أبلغهم بأنه تم إلقاء القبض عليهم لأنه وقع تحت ضغط من الولايات المتحدة. وقال التقرير إن هذا يشير إلى أن السياسة تحظى بالموافقة على أعلى مستوى من الحكومة المدنية الباكستانية.

وكانت أفغانستان قد انتقدت بشدة تدخل وكالة المخابرات العسكرية الباكستانية في الصراع الدائر بها. والأسبوع الماضي، استقال رئيس المخابرات الأفغانية أمر الله صالح قائلا إنه أصبح عقبة في طريق خطط الرئيس كرزاي للتفاوض مع المتشددين.