إيران: قطع التليفونات والإنترنت ومصادرة صحف واعتقال 91 شخصا في ذكرى الانتخابات

مظاهرة تأييد للإصلاحيين في واشنطن.. وانتقادات لطهران لحرمانها مواطنيها من الحريات

نواب البرلمان الإيراني خلال حضورهم جلسة لمناقشة تقليص التعاون مع وكالة الطاقة الذرية بعد قرار عقوبات مجلس الأمن ضد إيران (أ.ف.ب)
TT

ألقت الشرطة الإيرانية القبض على 91 شخصا أمس في الذكرى السنوية الأولى للانتخابات الإيرانية المثيرة للجدل، وذلك على الرغم من إلغاء مظاهرة مقررة بسبب عدم الحصول على تصريح. وقال رئيس الشرطة الإيرانية حسين ساجدينيا لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا)، إن البلاد لم تشهد أي مظاهرات وإنه تم إلقاء القبض على 91 شخصا خلال أول من أمس وأمس. وكانت الوكالة قد نقلت عنه في وقت سابق القول، إن الشرطة ألقت القبض على «عدة أشخاص» وإنه (على الرغم من دعاية الأعداء) لم تشهد طهران مظاهرات أو اضطرابات ولكن ألقي القبض على بعض «المشتبه بهم». وألغى زعيما المعارضة مير حسين موسوي ومهدي كروبي المظاهرة بسبب عدم التمكن من الحصول على تصريح من وزارة الداخلية.

وصودرت عشر صحف على الأقل وحجبت أغلب المواقع المعارضة على الإنترنت مما يجعل تواصل قادة المعارضة مع الشعب صعبا، كما انقطعت كل الاتصالات الهاتفية وخدمة الرسائل القصيرة التي كانت تستخدمها المعارضة الإيرانية في التنسيق للمظاهرات. ودعا موسوي أنصاره إلى استخدام الأساليب السلمية لمواجهة الحكومة بما في ذلك استخدام الإنترنت. ونقل موقع «كلمة» عن موسوي قوله: «علينا أن نركز على توسيع الشبكات الاجتماعية والمواقع.. التي تعمل كجيش. هذا هو جيشنا في مواجهة قوتهم العسكرية».

ونشرت قوات مكافحة الشغب في عدة مناطق بالعاصمة خاصة بالقرب من جامعة طهران التي تعد نقطة اجتماع معتادة لمناهضي الحكومة. وكان الحرس الثوري الإيراني قد حذر المعارضة من أنه سيتعامل بصرامة مع أي محاولات لإثارة «أزمة أمنية». ونقلت صحيفة «جوان» عن رضا فرزانة، وهو قائد رفيع في الحرس الثوري، قوله: «من غير المرجح إحياء أي احتجاجات في الشارع. ولكن إذا تسبب التحريض على الفتنة في أزمة أمنية فسنتصدى لها بالقوة الكاملة». وكان هناك وجود أمني مكثف في ميادين طهران وأوردت بعض مواقع المعارضة على الإنترنت أنباء عن اشتباكات متفرقة بين قوات الأمن وأنصار للمعارضة في مناطق مختلفة من طهران، من بينها داخل حرمي جامعتين. وقال شاهد عيان لـ«رويترز»: «قوات الأمن فرقت عشرات المتظاهرين في ميدان بجنوب طهران. لقد كانوا يدفعون الناس.. واحتجزوا ثلاثة محتجين».

ونفى مسؤول رفيع بالشرطة التقارير الواردة عن وقوع اشتباكات. وسمعت التكبيرات من أسطح المنازل ليل الجمعة وهي خطوة دعت إليها شخصيات معارضة في الخارج.

ويبدو أن الكثير من الإيرانيين المعارضين للحكومة لا يميلون إلى المخاطرة بالعنف أو الاعتقال مع ظهور مظاهر انقسام وتنامي الشكوك حول فاعلية زعماء الإصلاح. وقال محمد صفاتي (25 عاما) الذي يدرس الأدب في مدينة مشهد: «ما الذي استطاع زعماء الإصلاح تقديمه لأصدقائي الذين لا يزالون مسجونين؟! أنا مناصر لحركة الإصلاح. لكن ما الذي يمكننا فعله من دون قيادة؟!».

وبينما نجحت السلطات الإيرانية في «تكبيل» حركة المظاهرات في الشارع إلى حد كبير وحافظت على مظهر الهدوء، انتقدت الإدارة الأميركية طهران مجددا بسبب الطريقة التي تعاملت بها مع المحتجين. وأصدرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بيانا ليل أول من أمس أشارت فيه إلى قيام الحكومة الإيرانية «بحرمان مواطنيها من الحريات الأساسية». ودعت كلينتون في بيانها إلى «الإفراج الفوري عن كل المسجونين المدافعين عن حقوق الإنسان». وقالت الولايات المتحدة إنها تعمل على إقناع أعضاء مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أجل التصويت لصالح التضامن مع ضحايا القمع الذي جرى بعد الانتخابات.

وقال مدافعون عن حقوق الإنسان، إن السلطات الإيرانية ألقت القبض يوم الخميس الماضي على نرجس محمدي، وهي مساعدة قريبة من شيرين عبادي الفائزة بجائزة نوبل للسلام عام 2003.

ودعت كلينتون في بيانها إلى «الإفراج الفوري عن كل المسجونين المدافعين عن حقوق الإنسان» في إيران، وحددت بالاسم محمدي إلى جانب ستة معتقلين آخرين.

وبينما خرجت مظاهرة صغيرة في واشنطن دعما للحركة الإصلاحية في إيران، دعت صحف أميركية إلى اتخاذ خطوات «ما بعد المقاطعة»، إشارة إلى قرار مجلس الأمن في الأسبوع الماضي بفرض جولة رابعة من المقاطعات ضد إيران. وقالت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» إن مشكلة إيران، بالنسبة إلى الرئيس باراك أوباما «صارت مستعصية أكثر مما كانت». وقالت: «إذا لم تحدث المقاطعة تغيرا سريعا في إيران، فلن يحدثه الحل الدبلوماسي.. صارت مشكلة إيران أسوأ مما كانت قبل سنة». وقالت الصحيفة إن أوباما يبحث عن خيارات أخرى. وأحد هذه الخيارات، كما قالت، هو نشر الديمقراطية في إيران «في هدوء»، وذلك «حتى لا يتهم المعارضون بأنهم يتلقون مساعدات أجنبية». وتشمل المساعدات زيادة ساعات بث الإذاعة والتلفزيون الفارسي بالفضائيات، وتصدير معدات إلكترونية تسهل استعمال الإنترنت من دون مراقبة حكومة إيران.

وقالت الصحيفة إن الخيار الرابع هو «تأجيل» موعد حصول إيران على قنبلة نووية. ويشمل ذلك تشجيع علماء ذرة إيرانيين على الهروب، وإرسال معدات فاسدة إلى المفاعلات النووية في إيران. وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن خطوات أوباما الجديدة كانت قد بدأت في السنة الماضية عندما صادق الكونغرس على 55 مليون دولار لزيادة ساعات البث باللغة الفارسية، وللتغلب على رقابة حكومة إيران على الإنترنت داخل أراضيها. غير أن معارضين إيرانيين في الولايات المتحدة انتقدوا ذلك بأنه لا يكفي. وقالوا إنه حتى المبلغ الذي صادق عليه الكونغرس لم يصرف حتى الآن. واقترح هؤلاء إرسال أجهزة لاتصال الكومبيوترات مباشرة بالأقمار الفضائية، غير أن قانون المقاطعة يمنع ذلك. ودعت صحيفة «واشنطن بوست» في افتتاحية رئيسية أول من أمس الرئيس أوباما إلى إعلان تأييد كامل لـ«الثورة الخضراء» ودعمها دعما مباشرا وكاملا. وكانت مظاهرة صغيرة خرجت من أمام قسم المصالح الإيرانية في واشنطن إلى مكتب الأمم المتحدة في واشنطن، ثم إلى البيت الأبيض. ومن الذين تحدثوا فيها روكسانا سابيري، وهي صحافية أميركية إيرانية كانت قد اعتقلت في إيران بتهمة التجسس، ثم أطلق سراحها.

إلى ذلك وعلى صعيد آخر أرجأ البرلمان الإيراني مناقشات حول مشروع قرار للحد من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حسبما أفادت به وسائل إعلام إيرانية أمس. وقال رئيس لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني، علاء الدين بوروجردي، لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إرنا)، إنه جرى إعداد مشروع القرار ولكن لن تجري مناقشته في جلسة أمس. ورفض الإدلاء بتفاصيل عن مشروع القرار المقترح. ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء عن نواب في البرلمان قولهم، إن الهدف من مشروع القرار هو مراجعة وتقليص التعاون مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة المعنية بمراقبة الأنشطة النووية، وذلك بعد قرار جديد من مجلس الأمن ضد الجمهورية الإسلامية. ولكن نائب الرئيس الإيراني علي أكبر صالحي، قال لوكالة «إرنا» إنه سيجري عقد مشاورات أولا مع الرئيس محمود أحمدي نجاد حول كيفية التصرف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.