مؤشرات على توسط السيستاني في تشكيل التحالف الجديد بين المالكي والحكيم

مساعدو المرجع الشيعي: لا تغير في حرصه على الترفع عن الحزبية

صورة آية الله علي السيستاني تطل على المصلين خلال صلاة جمعة في أحد مساجد بغداد (أ.ب)
TT

ثمة مؤشرات على تدخل أكبر مرجع ديني شيعي في العراق في الخلاف الذي اندلع في أعقاب الانتخابات، عبر خطوات توحي بانحيازه إلى صف الأطماع الإيرانية في العراق، الأمر الذي يقلق العراقيين الآملين في قيام حكومة علمانية غير طائفية بعد الانتخابات التي شهدتها البلاد في 7 مارس (آذار)، وانتهت بفوز القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي بفارق مقعدين.

إلا أن فرص علاوي في تشكيل الحكومة الجديدة تراجعت مع قيام التحالف الوطني المشكل من ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي والائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي. وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» فإن علاوي يواجه الآن تحديا جديدا يتمثل في آية الله علي السيستاني (893 عاما)، الذي يحظى بتوقير السنة والشيعة على حد سواء باعتباره زعيما موحدا للعراقيين يعلو فوق السياسة. إلا أنه بات ينظر إليه الآن باعتباره الرجل الذي نبذ علاوي، واضطلع بدور الوساطة في تشكيل التحالف الشيعي الجديد. فقد جاء الإعلان عن التحالف الجديد بعد ساعات من لقاء الحكيم مع السيستاني في النجف.

وأيد السنة القائمة العراقية انطلاقا من رغبتهم في أن يتولى حزب عراقي علماني يعنى بمختلف أطياف العراق حمايتهم ضد نمط حكم لرجال الدين الشيعة على غرار ما هو قائم في إيران. وجاء التحالف الشيعي الجديد بمثابة صفعة لهم، وثارت في نفوسهم المخاوف من تحول السيستاني من زعيم يوحد جميع العراقيين إلى زعيم وحدة للشيعة فحسب.

وفي هذا الصدد، اشتكى محمد تميم، المشرع وعضو «العراقية»، قائلا «لا نرى أن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها المرجعية تخدم المصلحة الوطنية، وإنما جاءت لخدمة مصلحة طائفة بعينها». يذكر أن السيستاني نال مكانته الرفيعة الحالية من خلاله تزعمه بمهارة العراقيين عبر الاضطرابات التي وقعت في أعقاب الغزو الأميركي عام 2003، ودفاعه عن النظام الديمقراطي الناشئ بالبلاد، وإصراره على تولي مشرعين منتخبين صياغة الدستور الجديد على نحو مباشر. وأصر السيستاني على الإبقاء على نفسه بعيدا عن السياسات الحزبية، ويؤكد مساعدوه أن شيئا لم يتغير في هذا الشأن.

إلا أن مصدرين شيعيين مطلعين على صلة مباشرة بالمرجعية أشارا إلى أدلة على أن رجل الدين اصطبغ، بصورة جزئية على الأقل، بصبغة حزبية. وقالا، شريطة عدم كشف هويتهما لحساسية القضية، إن السيستاني هو الذي مارس ضغوطا من أجل قيام التحالف الشيعي الجديد الذي ضمن السيطرة على البرلمان المؤلف من 325 مقعدا، وقبل، وإن كان على مضض، بأن يكون الحكم في أي خلافات قد تنشأ بين الفريقين، وإنه أعطى انطباعا واضحا بأنه لن يؤيد مرشحا علمانيا لمنصب رئيس الوزراء، مما يعني استثناء علاوي، الذي يفضله السنة. جدير بالذكر أن علاوي زار السيستاني في 23 مايو (أيار) للحصول على تأييده، لكن مصادر مطلعة أشارت إلى أن اللقاء كان مشحونا بالتوتر، مضيفين أن السيستاني وبخ علاوي لقيامه بجولة في دول عربية للفوز بتأييدها، وأنه حثه على «سحب» تحذيره من اندلاع حرب أهلية حال حرمان كتلته من السلطة.

والملاحظ أن السيستاني يتميز بأسلوب ذكي في التعامل، ومن العسير معرفة إلى أي درجة يرغب في خدمة المصالح الإيرانية، إن وجدت هذه الرغبة أصلا. لكن ربما كانت لدى السيستاني أسباب شخصية تدعوه إلى اقتحام المعترك السياسي، وهي الخوف من أنه إذا ظل بمنأى عن السياسة سيتحرك رجال الدين الشيعة الصاعدون لملء الفراغ في وقت يسعى فيه الشيعة بصورة متزايدة إلى توحيد صفوفهم استعدادا للانسحاب الأميركي بحلول نهاية العام المقبل.

وقالت مصادر إن تردي الحالة الصحية للسيستاني أجبره على تقليص حلقاته العلمية للتدريس بصورة بالغة، وإنه بات يفقد بعضا من نفوذه لصالح آية الله العظمى محمد إسحاق الفياض، الأفغاني المولد، الذي أقر مكانته سريعا كأحد كبار علماء النجف.