تونس: قانون يجرم محرضي جهات أجنبية على الإضرار بمصالح البلاد

المعارضة: لا يوجد مبرر البتة لسنه

TT

أثارت مصادقة البرلمان التونسي يوم الثلاثاء الماضي على قانون «الأمن الاقتصادي»، الذي يجرم التحريض على المصالح الاقتصادية لتونس بالخارج، الكثير من ردود الفعل المتباينة إلى حد التناقض بين مختلف مكونات المشهد السياسي التونسي.

فبينما رأى التجمع الدستوري الديمقراطي (الحاكم)، الذي عرضت الحكومة عن طريقه نص القانون للمصادقة عليه، أنه «سد فراغا تشريعيا ناتجا عن اقتصار النص الحالي للفصل (61 مكرر) من القانون الجنائي على تجريم النيل من أمن الدولة الخارجي في المجالين العسكري والدبلوماسي من دون أن يشمل الجانب الاقتصادي»، رأت مجموعات سياسية أخرى خاصة من المعارضة أن هذا القانون جاء من أجل المزيد من تقليص مجالات حرية التعبير، وملاحقة كل الأطراف التي تسعى إلى الكشف عن المغالطات التونسية في مجالات حقوق الإنسان، خاصة لدى الأطراف الأوروبية التي تربطها بتونس اتفاقية شراكة تنص صراحة على ضرورة احترام حقوق الإنسان للحصول على صفة «الشريك المميز» في علاقاتها الاقتصادية بأوروبا.

ويعاقب القانون الجديد كل تونسي يتعمد إجراء اتصالات مع جهات أجنبية للتحريض على الإضرار بالمصالح الحيوية للبلاد. ويعاقب القانون مرتكب هذه الجريمة بالسجن مدة تتراوح بين 5 أعوام و12 عاما.

وحول هذا القانون المثير للجدل السياسي، والذي اعترض عليه نائبان فقط ينتميان لحركة التجديد المعارضة (الحزب الشيوعي سابقا)، من بين 214 نائبا برلمانيا (53 من المعارضة و161 من الحزب الحاكم)، قال حاتم الشعبوني، عضو المكتب السياسي لحركة التجديد، إنه لا يوجد مبرر البتة لسن مثل هذا القانون، مشيرا إلى أن من يتآمر على أمن الدولة التونسية بأي شكل من الأشكال فهناك ترسانة من القوانين الأخرى يمكن الاستنجاد بها لردعه.

واعتبر الشعبوني أن هذا القانون ذو طابع ظرفي، وهو على ارتباط مباشر بمفاوضات السلطات التونسية مع الاتحاد الأوروبي، التي تعرف تعثرا منذ فترة. وقال إن هذا القانون وضع على المقاس، وإنه موجه لمجموعة من الأشخاص تحاول بطرق شتى الكشف عن مغالطات السلطات التونسية المتعمدة في مجال حقوق الإنسان.

وأضاف الشعبوني أن السلطات التونسية مطالبة بصفة ملحة بتطوير الحياة السياسية الداخلية، وضمان الحريات الشخصية قبل اتجاهها نحو التجريم، الذي يظل غير مفيد بالمرة.

بيد أن الشعبوني أكد عدم مساندة الحركة لمن يدعو إلى مقاطعة السياحة التونسية، على سبيل المثال، وقال إن كل أعضاء الحركة مع حق تونس في الحصول على صفة «الشريك المميز»، إلا أن كل هذه المعطيات لا تبرر البتة سن مثل هذا القانون.

وقال المنذر ثابت، الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري المعارض (حزب ليبرالي)، إن هذا القانون يهدف إلى حماية المجال الحيوي لتونس خاصة أن 80 في المائة من المعاملات التجارية والمالية التونسية تجمع تونس ببلدان الاتحاد الأوروبي، ومن الضروري والطبيعي أن تملأ تونس الفراغات التشريعية لحماية الأمن الداخلي على المستوى الاقتصادي.

وقال ثابت إن هذه الإضافة التشريعية لا تناقض مبدئيا الإصلاح السياسي كما هو مطروح على الساحة، وهو تأكيد على إسقاط كل التعلات التي قد توظفها بعض الأطراف في سعيها المحموم لتشويه صورة تونس بالخارج.

وزاد ثابت قائلا إنه إذا كان حزبه قد تفاعل إيجابيا مع هذا القانون المجرم للتحريض على المساس بالمصالح الاقتصادية لتونس، فإنه ينتظر في المقابل مزيدا من تطوير الإعلام في تونس، وتوسيع مجالات المشاركة، وصياغة أجندة وطنية توافقية حول جيل جديد من الإصلاحات السياسية.