محادثات بين باكستان وأفغانستان حول كيفية التعامل مع المتمردين

بدء ذوبان الجليد في العلاقات بين كابل وإسلام آباد

TT

تجري باكستان وأفغانستان حاليا محادثات فيما بينهما حول كيفية التوصل إلى سلام مع متمردين يقاتلون القوات الأميركية في أفغانستان، ومن بينهم فصيل ألحق أضرارا بالغة بقوات التحالف، وذلك حسبما كشف عنه مسؤولون باكستانيون وأميركيون.

وتشير هذه النقاشات إلى بدء ذوبان الجليد في العلاقات بين كابل وإسلام آباد، التي تهتم على نحو متزايد بوضع تصور عن كيفية التعامل مع الوضع إذا انسحبت القوات الأميركية من أفغانستان بشكل مفاجئ. لكن ثمة معارضة من جانب مسؤولين أميركيين لأحد عناصر هذه الجهود - وهو تواصل باكستان مع ميليشيا يتزعمها القائد الشاب سراج الدين حقاني - حيث يعتبر المسؤولون الأميركيون هذا الفصيل المرتبط بـ«القاعدة» وحشيا ولا يمكن التسامح معه.

وبناء على اقتراح باكستاني، قام الجنرال شجاع باشا، رئيس جهاز الاستخبارات الباكستاني، بزيارة غير مسبوقة إلى كابل الشهر الماضي ليناقش مع الرئيس الأفغاني حميد كرزي أوجه التعاون الممكنة بين البلدين، بما في ذلك التوسط لدى جماعات التمرد التي تتخذ من باكستان مقرا لها.

وقد عاد الجنرال باشا ورئيس أركان الجيش الباكستاني أشفاق كياني لاستكمال المناقشات منذ عدة أسابيع. وعلى الرغم من أن البلدين لم يتوصلا إلى اتفاق حتى الآن، فإن مسؤولا أمنيا باكستانيا أوضح أن التواصل مع المتمردين «لا يمثل مشكلة». وقد جاءت هذه الزيارات التي لم يعلن عنها من قبل في وقت تدعم فيه الولايات المتحدة، التي بدأت تقبل فكرة المصالحة مع المتمردين، تحسن العلاقات بين البلدين، اللذين كثيرا ما نظرت كل منهما إلى الأخرى بعين الريبة. لكن حذر مسؤولون في إدارة الرئيس أوباما أفغانستان وباكستان وأكدوا أنهم لن يدعموا أي محادثات مع جماعة حقاني. وقال مسؤول رفيع المستوى بالإدارة الأميركية: «إننا نعتقد أن المصالحة يجب أن تكون ذات وجه أفغاني»، وأضاف بأن الولايات المتحدة «تتفهم» هذه الرغبة في الحوار. واستطرد المسؤول الأميركي، الذي تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته بسبب حساسية مناقشة الخلافات مع الحلفاء: «إننا نتوقع أن نعامل كشركاء كاملين لا أن نفاجأ».

وتذكر هذه المحادثات بأن كلا من أفغانستان وباكستان لديهما أجندة مستقلة عن علاقاتهما بالولايات المتحدة، وأنه ربما لديهما مواقف مختلفة بخصوص توقيت وطريقة الوصول إلى سلام.

وقد تبنى حقاني في السنوات الأخيرة عمليات انتحارية وهجمات معقدة استهدفت مناطق حضرية، وقد جعل ذلك من جماعته، المتمركزة في منطقة شمال وزيرستان القبلية الباكستانية، تهديدا رئيسيا للمكاسب العسكرية والاستقرار السياسي في أفغانستان. وتعتقد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والجيش الأميركي أن الاستخبارات الباكستانية ما زالت تحتفظ بعلاقات مع جماعة حقاني وقد ضغطا على باكستان كي تستهدف معاقلهم. وفي لقاء عقد أخيرا مع رئيس أركان الجيش الباكستاني، قدم الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القيادة المركزية الأميركية، ومايك مولين، قائد الأركان، والجنرال ستانلي ماكريستال، قائد القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان، أدلة توضح أن الهجمات المميتة التي استهدفت قافلة للناتو والقاعدة الجوية الرئيسية للتحالف في أفغانستان الشهر الماضي خطط لها وأدارها حقاني من مريم شاه، أكبر مدن شمال وزيرستان، حيث توجد قاعدة عسكرية للجيش الباكستاني.

وكان مستشار الأمن القومي جيمس جونز قد نقل نفس رسالة التحذير، المتعلقة بحقاني، إلى القيادة الباكستانية في عدة زيارات قام بها أخيرا إلى إسلام آباد. وأكد أن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تتعامل بها الحكومة الباكستانية مع حقاني يجب أن تكون القتال.

تنفي باكستان تقديمها أي دعم لحقاني، الذي يقولون إنه يقضي معظم وقته في أفغانستان. لكن أشار مسؤولون أمنيون باكستانيون إلى أنهم قد يعيدوا روابط قديمة مع الشبكة، التي يعتقدون أنها قد تستخدم لإقناع فصائل التمرد الأخرى بالسعي تجاه تسوية سياسية. ولزمن طويل تبنت باكستان هذا التوجه، وما زالت تسعى لإيجاد دور لها في مفاوضات كابل المحتملة. وحسبما أفاد به أحد المسؤولين في إسلام آباد، نظر بعض المسؤولين الباكستانيين إلى قرار الرئيس الأفغاني كرزاي الشهر الماضي إقالة قائد الاستخبارات ووزير الداخلية، اللذين كانا من أشد الشخصيات انتقادا لباكستان، على أنها «بادرة حسن نية».

* خدمة «نيويورك تايمز»