البرادعي يشارك في وقفة احتجاجية بالإسكندرية وينسحب بعد 20 دقيقة

أنصاره قالوا إنه أبلغهم بخروج المظاهرة عن خطها

د. البرادعي قبل انصرافه من مظاهرة بالإسكندرية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

انسحب الدكتور محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، من مظاهرة أمس بمدينة الإسكندرية شمال غربي القاهرة، تضمنت هتافات تنتقد الرئيس المصري حسني مبارك. وقال أنصار للبرادعي لـ«الشرق الأوسط»: «غادر حتى قبل أن نصل إليه.. أخبرنا بأن المظاهرة خرجت عن خطها». لكن البرادعي علل انصرافه بأنه خصص عشرين دقيقة فقط للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية التي شهدت حشدا كبيرا من قوى سياسية مختلفة وسط إجراءات أمنية مشددة.

واشترك البرادعي عقب صلاة الجمعة في مسجد سيدي جابر شرق المدينة في المظاهرة التي نظمها محتجون يتهمون الشرطة بالتسبب في قتل شاب يدعى خالد سعيد، وذلك في أول ظهور بالإسكندرية للبرادعي الذي أسس عقب تقاعده من عمله جمعية مطلع العام الحالي تدعو للتغيير وإجراء إصلاحات في البلاد، ودعمه في الترشح في انتخابات الرئاسة في سبتمبر (أيلول) عام 2011.

وجاءت زيارة البرادعي للإسكندرية ضمن جولة أعلنت عنها جمعيته في وقت سابق، تهدف لجمع أكبر عدد من المؤيدين للضغط على الحزب الحاكم من أجل إجراء إصلاحات وتعديل الدستور، خاصة المطالبة بتيسير المواد المنظمة للترشح في انتخابات الرئاسة. وقالت مصادر في الجمعية إن البرادعي عجل في زيارته إلى الإسكندرية للظهور مع محتجين ينظمون مظاهرات منذ عدة أيام للمطالبة بالتحقيق في مقتل الشاب خالد سعيد، وإن هذه الخطوة جاءت بالتنسيق مع عدد آخر من الناشطين السياسيين المعارضين، على الرغم من إعلان منظمي المظاهرة النأي بأنفسهم عن أي تيارات سياسية.

ويضغط ناشطون من مدينة الإسكندرية وعدة مدن مصرية أخرى، من خلال وقفات احتجاجية ومظاهرات، لإجبار السلطات على إجراء «تحقيق عادل» في «مقتل» الشاب خالد سعيد قبل نحو أسبوعين، وعرضوا صورا مشوهة لوجه قالوا إنه للشاب البالغ من العمر 28 عاما «بعد تعرضه للتعذيب في الطريق العام على أيدي رجلي أمن من قسم شرطة سيدي جابر»، رغم قول وزارة الداخلية وتقريرين للطب الشرعي إن سبب الوفاة اختناق سعيد بلفافة مخدر عند محاولته بلعها لإخفائها عن أعين رجلي الشرطة. وفور تفجر القضية مطلع الشهر الحالي أدان البرادعي على حساب «تويتر» الخاص به على الإنترنت «مقتل سعيد»، وقال إن «حالة القهر تزداد في مصر»، ووصف المسؤولون عن الحادث بـ«المجرمين»، وتزامن ذلك مع تصاعد الاحتجاجات في مصر، ووصول ملف الحادث إلى منظمات حقوقية دولية. ودعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» مساء أول من أمس مصر لمحاكمة اثنين من رجلي الشرطة قائلة إن هناك أدلة قوية على أنهما ضربا خالد سعيد حتى الموت.

وقالت مصادر من جمعية البرادعي «عقب إعلاننا عن نية البرادعي التوجه إلى الإسكندرية للمشاركة في وقفة المطالبين بالتحقيق النزيه في الحادث، لاحظنا اشتراط منظمي الوقفة ألا يكون لتحركهم أي علاقة بأي جماعة سياسية، لكنه (البرادعي) صمم على المشاركة وتقديم العزاء لأسرة الضحية». وزار البرادعي أمس بالفعل أسرة سعيد لمدة 15 دقيقة، قبل أن يتوجه سيرا على الأقدام إلى المسجد المقرر تنظيم الوقفة الاحتجاجية أمامه، وبعد أن صلى الجمعة، وصلاة الغائب على روح الشاب، خرج البرادعي لمشاركة المحتجين، لكنه انصرف بعد أقل من عشرين دقيقة، حين فوجئ بعدد كبير من النشطاء السياسيين يهتفون منتقدين المسؤولين والرئيس مبارك. وقالت مصادر الجمعية إن البرادعي اعتبر ذلك خروجا عن الخط المحدد سلفا للوقفة كـ«وقفة صامتة»، وغادر «حتى قبل أن نصل إليه في مقر الاحتجاج»، و«كذلك (انصرف) بسبب شدة التدافع وعدم النظام». فيما صرح البرادعي بعد ذلك تفسيرا لانصرافه المبكر بقوله إنه غادر بسبب تخصيصه وقتا محددا للوقوف مع المحتجين قدره عشرون دقيقة فقط. وشارك في الوقفة الاحتجاجية أمام مسجد سيدي جابر عدد كبير من السياسيين ورموز المعارضة، منهم المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق، والدكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد، والنائب حمدين صباحي، والدكتور أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، والدكتور حمدي حسن عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين. وشهدت منطقة الاحتجاج حراسة أمنية مشددة ووجودا كثيفا لقوات مكافحة الشغب. كما وقعت اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين. وقاطع عدد من المصلين خطبة الجمعة التي كانت تدور عن «الإسراء والمعراج»، أكثر من مرة، بعد أن اتهموا خطيب المسجد بإطالة الخطبة لتأخير انصراف المصلين الذين قدر عددهم بنحو عشرين ألف مصل، حتى لا يتزامن خروج المظاهرة من مسجد سيدي جابر مع خروج آلاف المصلين من المساجد المجاورة. واضطر خطيب الجمعة للقول بالعامية المصرية مختتما خطبته «الدنيا فانية وماحدش بياخد منها حاجة».