الأسد: إيران لم تكن متشددة.. و«المجتمع الدولي» أصبح مصطلحا مضحكا

تشافيز: المعزول الآن في المنطقة هو إسرائيل والولايات المتحدة

الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الفنزويلي هوغو شافيز يتصافحان بعد تبادل أوسمة الشرف بينهما في كاراكاس أمس (أ.ف.ب)
TT

وصف الرئيس السوري بشار الأسد الحكومة الإسرائيلية بأنها «متطرفة» متهما إياها بالسعي لـ«إشعال الحروب والفتن والمشكلات في المنطقة»، لافتا إلى أن إسرائيل «قامت في الأساس على الإرهاب والقتل» وأن «الإرهاب له مرادفة واحدة هي إسرائيل فقط». وقال إن الاعتداء الإسرائيلي على «أسطول الحرية» «دليل صارخ على إجرام إسرائيل التي قامت في الأساس على الإرهاب والقتل». واعتبر الأسد في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفنزويلي هوغو تشافيز في العاصمة كراكاس أول من أمس، أن «قيام إسرائيل بتهويد القدس وطرد السكان الفلسطينيين الأصليين من أراضيهم وبيوتهم وتطبيقها سياسة الفصل العنصري» تأكيد على ذلك. وفي هذا السياق أضاف الأسد: «إن سورية ضد الحروب والحصار» إلا أن «المقاومة هي الحل البديل عندما تفشل المفاوضات، ومن الواجب دعمها»، وإنه والرئيس تشافيز متفقان على دعم المقاومة وحق الشعوب التي تنتهك حقوقها وتحتل أراضيها في المقاومة، ورفض وصف المقاومة «بالإرهاب الذي له مرادفة واحدة هي إسرائيل فقط». كما سخر الأسد من مصطلح «المجتمع الدولي» وعده ضمن «المصطلحات المضحكة الآن»، موضحا: «في الحقيقة نحن نعرف أن (المجتمع الدولي) هو مجموعة دول أرادت أن تختصره في نفسها وتحدد سياسات العالم وتهيمن عليه، وبالتالي فإن المقاومة وبغض النظر عن هذه السياسات والمصطلحات والمسميات هي حق شرعي لكل الشعوب».

الرئيس الأسد الذي يقوم بأول زيارة لرئيس سوري إلى دول أميركا اللاتينية، قال إنه تحدث مع الرئيس تشافيز عن «قضايا كثيرة وعن الشرق الأوسط بتعقيداته الكثيرة والمتراكمة وأيضا الأوضاع السياسية في أميركا اللاتينية التي تتميز بالديناميكية السياسية العالية والتغيرات الكبيرة، وخاصة في السنوات الأخيرة».

وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني قال الأسد إنه جرى التأكيد على حق كل الدول في الحصول على الطاقة النووية السلمية، منبها إلى «أن المشكلة هي مشكلة معرفة.. هم لا يريدون لأي دولة من الدول النامية أن تكتسب حق المعرفة وخاصة في المجال النووي الذي يعتبر من أعلى المجالات العلمية». ورأى أن «نجاح تركيا والبرازيل وإيران في توقيع الاتفاق الأخير حول الملف النووي هو في الوقت نفسه فشل للدول الأخرى (الخمس زائد واحد) في الوصول إلى هذا الاتفاق»، كما أن هذا الاتفاق بحسب رأي الرئيس الأسد يعني «أن إيران لم تكن متشددة بل هي مرنة.. وأن مقاربتهم للموضوع والأساليب التي اتبعت.. مع إيران كانت غير صحيحة». لافتا إلى «أن ما سيطبق مع إيران اليوم بغض النظر عن العلاقة القوية بين سورية وإيران سوف يطبق على أي دولة نامية تريد أن تمتلك مفاعلا نوويا سلميا للكهرباء أو لغيرها».

وقال: «اهتمامنا بهذا الموضوع ينطلق من علاقتنا بإيران ولكن في الوقت نفسه ينطلق من رؤيتنا لمستقبل هذه التقنية وحاجتنا إليها في المستقبل كدولة نامية سيأتي يوم وندخل في هذا الموضوع وسيكون أمامنا نموذج جديد خارج عما هو مذكور في اتفاقية منع انتشار أسلحة الدمار الشامل التي تعطي الحق لكل دولة في هذا العالم أن تمتلك هذه التكنولوجيا»، متوقعا أن يكون هناك نموذج جديد «تصبح فيه هذه الدول هي صاحبة القرار بغض النظر عن الاتفاقية. وبدلا من دور الوكالة في المراقبة تتحول القضية إلى لعبة أخرى في مجلس الأمن كما يحصل الآن».

وحول الهدف من جولته في دول أميركا اللاتينية قال الأسد إن سورية «تسعى لعلاقة استراتيجية مع القارة اللاتينية وتكون بدايتها بين سورية وفنزويلا تربط بين شعبين تجمعهما الرغبة الشديدة في الاستقلال ورفض الإملاءات الخارجية واستقلال القرار الوطني»، وأن فنزويلا بالنسبة إلى سورية هي «جوهر هذه العلاقة وهي المحور الأساسي» للعلاقة مع أميركا اللاتينية. وقال: «تجمعنا طموحاتنا المشتركة والتحديات المتشابهة وفي بعض الأحيان كانت تجمعنا خصومة لدول معينة.. طبعا نحن لم نبحث عن خصومة وإنما هذه الدول هي التي وضعتنا في موقع الخصم وصادفت أن تكون هذه الدول نفسها وبالجدول الزمني نفسه». ونوه الأسد بمواقف الرئيس تشافيز تجاه ما حدث خلال حرب لبنان عندما قامت إسرائيل بالاعتداء على لبنان عام 2006 وتجاه الحرب على غزة. ومن جانب آخر رأى الأسد أن «القارة اللاتينية أصبح لها اليوم موقع دولي مختلف في القرن الحادي والعشرين عن القرن الماضي وحتى عن العقد الماضي»، وأن العرب بشكل عام وليس سورية فقط «قصرنا تجاه هذه العلاقة وفي المقابل كانت هناك حماسة من دول هذه القارة لعلاقة قوية مع المنطقة العربية تجسدت في قمتين عربية أميركية لاتينية، الثانية في قطر والأولى في البرازيل ولكن لم نر أن هذه الطموحات تحققت على أرض الواقع».

وقال الأسد: «علينا أن نكون أقوياء لأن العالم يحترم فقط الأقوياء ومصالحهم الوطنية والمشتركة». معتبرا أن «عوامل القوة تنبع من الوحدة الوطنية الداخلية والقرار الوطني المستقل وعدم الانعزال عن الأصدقاء والآخرين»، مشيرا إلى أن الهدف من جولته يتمثل في الجوانب السياسية والاقتصادية والجاليات السورية الموجودة في هذه المنطقة وضرورة العمل على الربط الفعلي للعلاقة بين الكتلتين وتوسيع المصالح الاقتصادية وتحفيز الجالية السورية على المساعدة في شرح الموقف السياسي للمجتمعات والدول في أميركا اللاتينية والمساهمة في بناء أسس قوية للعلاقات الاقتصادية. لافتا إلى أن تفعيل الاتفاقات الموقعة بين البلدين يحتاج إلى وسائط نقل بحرية وتوسيع هذه العلاقات، مبينا أن «سورية يمكن أن تكون بوابة فنزويلا في اتجاه آسيا وشرق المتوسط وفي المقابل تكون فنزويلا بوابة سورية البحرية تجاه العلاقة مع أميركا اللاتينية». ودعا الرئيس الأسد الجالية السورية في فنزويلا إلى لعب دور مباشر وفاعل ومعزز لهذه العلاقات في الاتجاهين وإزالة المعوقات التي تعترض سيرها.

من جانبه رأى الرئيس تشافيز أن النفوذ الأميركي في منطقتي أميركا اللاتينية والشرق الأوسط انحسر لصالح شعوب المنطقتين وتحقيق التوازن في الإنسانية وإنقاذ العالم من أحادية القطب وإيجاد عالم حر وديمقراطي يسوده السلام والاحترام. وقال: «إن النفوذ الأميركي تراجع في منطقة أميركا اللاتينية على المستويات السياسية والاقتصادية وإن الشيء نفسه حدث في منطقة الشرق الأوسط، حيث حاولت الولايات المتحدة إنشاء شرق أوسط جديد، وهذا المشروع فشل».. وإن «المعزول الآن في المنطقة هو إسرائيل والولايات المتحدة».

وأضاف أن «الإمبريالية يائسة وتهدد الآن كما تهدد منذ سنين باستخدام القوة أو تستخدم حلفاءها مثل إسرائيل للاعتداء على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وشعوب العالم»، داعيا «كل دولة إلى أن تكون ذات سيادة»، وقال: «علينا أن نحارب ونناضل لأجل سيادة الشعوب واستقلال قرارها. والآن في الشرق الأوسط وفي أميركا اللاتينية والكاريبي علينا أن نلعب دورا مهما وبدقة في هذا المجال»، واصفا التحالف بين دمشق وكراكاس بأنه «محور الشجعان والشعوب والأحرار والعالم الجديد».

مؤكدا على «أن الجولان سترجع إلى الشعب السوري لأنها ملك له وإننا لا نريد مزيدا من الحروب ولكن يوما ما ستوضع حكومة إسرائيل في مكانها المناسب بعد أن تحولت إلى الذراع القاتلة للإمبريالية وهذه الذراع تهددنا جميعا، فهي تهديد للشعوب كلها».

وكان الرئيس بشار الأسد والسيدة عقيلته بدآ زيارة إلى أميركا اللاتينية هي الأولى الشخصية والرسمية له والزيارة الأولى لرئيس سوري إلى القارة اللاتينية مساء الجمعة بدآها من فنزويلا. حيث أجرى مساء أول من أمس (السبت) مباحثات مع الرئيس الفنزويلي حضرها من الجانب السوري وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان ووزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام وسفير سورية لدى فنزويلا غسان عباس، ومن الجانب الفنزويلي نائب رئيس الجمهورية إيليا ميلانو ووزير الخارجية نيكولاس مادورو ووزير الداخلية طارق العيسمي ووزير النفط رافائيل راميريز.

كما تم في حضور الرئيسين التوقيع على تسعة اتفاقات ومذكرات تفاهم وبروتوكولات تعاون في المجالات الاقتصادية والزراعية والسياحية والعلمية.