خطة حماية حلف الأطلسي للقرى الأفغانية لا تعني الكثير للسكان

مقتل 15 متمردا أثناء زرع قنابل داخل مسجد

جندي أفغاني يتبادل إطلاق النار مع عناصر من طالبان بالقرب من نهر سراج في هلمند أمس (أ.ف.ب)
TT

في معقل طالبان بأفغانستان يسير جنود أميركيون مسافة صغيرة من معسكرهم إلى إحدى القرى، ومعهم عرض لا يجرؤ كثيرون على قبوله، وهو الحماية من المسلحين الذين يعيشون في المنطقة.

أسفرت قنبلة على الطريق عن مقتل رجل وابنه، وجاء الأميركيون ليحثوا الناس على اللجوء إليهم لحمايتهم، وهو عرض يتخوف الكثير من أبناء المنطقة من قبوله. وقال المزارع حاجي عبد الرحمن الذي يبلغ من العمر 75 عاما: «طالبان يمكن أن تكتشف أننا تحدثنا إليكم وتقتلنا ونحن نعمل في حقولنا». ووصف كيف جمع سكان القرية أشلاء الرجل وابنه اللذين كانا يركبان دراجة نارية لدى انفجار القنبلة.

وتظهر دورية الجيش الأميركي في قرية جورجان كيف أن الجهود التي يبذلها حلف شمال الأطلسي لتحسين الأمن لتمكين الحكومة الأفغانية من توفير خدمات أفضل للأفغان لا تحقق تقدما يُذكر. ويقول قادة حلف الأطلسي إن طالبان لا يمكن هزيمتها بالقوة العسكرية وحدها، لذلك بدأوا تنفيذ خطة شاملة لعزل المسلحين الذين يحاربون عشرات الآلاف من القوات الغربية منذ تسع سنوات. ويتعذر نجاح هذه الاستراتيجية إلا إذا أصبح المواطن الأفغاني مقتنعا بأن الوقوف إلى جانب القوات الأجنبية وحكومة الرئيس حميد كرزاي لن ينطوي على مخاطر كبيرة. وقد أوضحت طالبان بحملة من العنف أنها لن تتهاون مع أي شكل من أشكال الاتصال بالقوات الغربية.

وفي حين أن منطقة داند التي تقع بها جورجان تتسم بالهدوء النسبي مقارنة بأجزاء أخرى من إقليم قندهار، معقل طالبان، لا يرى كثير من الأفغان أنهم في مأمن. فعلى بعد بضعة كيلومترات يهاجم مقاتلو طالبان من حين لآخر قوات دولية أخرى. ويمكن سماع دوي طلقات المدفعية التي ترد بها طالبان على عمليات ضدها في جورجان وفي قرى قريبة. كان اللفتنانت ماثيو بينيت يتوقف من حين لآخر ليتحدث إلى سكان جورجان أثناء قيامه بالدورية، وكان يصافح شيوخ القبائل ويوزع أقلاما على الأطفال. وكان يريد أن يعرف إن كان هناك رجال دين في مساجد القرية موالون لطالبان، وما إذا كان مقاتلون قد أتوا في الآونة الأخيرة لترويع أحد. ومع حلول الظلام جلس بينيت في ضوء مصباح كيروسين مع مجموعة من سكان القرية عند متجر صغير. وكانوا يلاحقونه بالأسئلة. فسأله رجل: «قلتم إنكم تريدون المساعدة، لكن ماذا عن الطرق والمدارس؟». وقال آخر إنه يشعر بالخطر عندما تحلق طائرات هليكوبتر أميركية.

وإلى جانب التعامل مع الخطط العسكرية لطالبان وضراوتها يتعين على جنود حلف شمال الأطلسي التعامل مع مجموعة من القضايا الأخرى من أجل استمالة الأفغان. وقال سكان لبينيت إنهم يقدرون الجهود الأميركية لتأمين المنطقة، لكنهم أشاروا إلى ضرورة أن يولي الجنود اهتماما أكبر للحساسيات الثقافية. وتابعوا أن الجنود الذين يقفون بجوار المدافع في أعلى العربات المدرعة يمكنهم رؤية النساء داخل منازلهن، وأنه لا بد من التصرف حيال هذا الأمر.

إلى ذلك قالت وزارة الداخلية الأفغانية أمس إن ثمانية عرب وخمسة باكستانيين وأفغانيين اثنين من المتمردين قتلوا عندما انفجرت فيهم قنابل كانوا يقومون بتصنيعها داخل أحد المساجد في شرق أفغانستان. وقالت الوزارة إن المتمردين كانوا يقومون بتجميع قنابل في مسجد ديسي في منطقة يوسف خيلة بإقليم باكتيكا جنوب شرقي البلاد يوم الجمعة. وتتاخم باكتيكا بلدة وانا الباكستانية، حيث يقال إن مسلحي طالبان لديهم قواعد للتدريب هناك. وحمل المسؤولون الأفغان مرارا إسلام آباد مسؤولية عدم التضييق بشكل كافٍ على تسلل المسلحين عبر الحدود. وفي إقليم قندز بشمال البلاد، قال حلف شمال الأطلسي (الناتو) أمس إن عددا من مقاتلي طالبان، بينهم قائد أجنبي، قتلوا أمس في غارة جوية لحلف الناتو في منطقة شارداره. وقال الحلف: «بعد التأكد من نشاط المتمردين والقيام بتخطيط حذر لتجنب الخسائر في صفوف المدنيين، تمت الاستعانة بطائرات التحالف لتنفيذ غارة جوية دقيقة».

وأضاف أن القائد المستهدف كان يتولى تنسيق الدعم والعمليات مع «قيادة خلية مقاتلين أجانب في طالبان الباكستانية». وأكد الناتو أيضا مقتل أحد جنوده في انفجار قنبلة على جانب الطريق في جنوب أفغانستان أول من أمس السبت. كما أورد الحلف أيضا تقارير بالفعل عن مقتل خمسة جنود آخرين في هجمات منفصلة في البلاد أول من أمس. وبذلك ترتفع حصيلة القتلى في صفوف القوات الأجنبية في الحرب هذا العام إلى 309 جنود، مقارنة بمقتل 157 في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) ويونيو (حزيران) عام 2009.