استقالة مفاجئة لكبير مفتشي وكالة الطاقة الذرية المسؤول عن إيران وسورية

مصادر الوكالة لـ«الشرق الأوسط»: لا سبب سياسيا للاستقالة * شركات جديدة تلغي عقودا مع طهران

TT

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أمس، أن أولي هاينونين، كبير مفتشيها، الذي يرأس التحقيقات الخاصة بإيران وسورية سيترك منصبه لأسباب شخصية، بعد قرابة 30 عاما من العمل في الوكالة التي تتخذ من فيينا مقرا لها. ويرأس هاينونين (63 عاما) إدارة الضمانات في الوكالة، وهو مكلف بالتحقق من البرامج النووية للدول، حتى لا تستخدم لأغراض عسكرية.

وقالت جيل تيودور، المتحدثة باسم الوكالة: «نؤكد أن السيد هاينونين أبلغ المدير العام بعزمه على الاستقالة اعتبارا من نهاية أغسطس (آب) لأسباب شخصية». وأضافت: «أن المدير العام قرر احترام رغبته، مع تثمين مساهمته في الوكالة». واستطردت: «أما بالنسبة لخلف هاينونن، فلم يتقرر بعد أي شيء. لكن هذا المنصب يجب أن يشغل من دون تأخير وفق الأصول المتبعة».

وأحد نواب هاينونين، هو هيرمان ناكايرتس، الذي يشرف على التفتيش في إيران، ويشغل المنصب الذي كان هاينونين يشغله قبل ترقيته. ومن الممكن أيضا أن يجري اختيار خلف لهاينونين من خارج الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال دبلوماسيون إن يوكيا أمانو، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي تولى منصبه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال في جلسة خاصة، إن تغييرات سوف تحدث في المناصب العليا للوكالة. وتولى هاينونين منصبه منذ عام2005، واعتبر بشكل واسع الذراع اليمنى للمدير السابق للوكالة محمد البرادعي.

وهاينونين هو خبير فنلندي في الكيمياء الإشعاعية، ومن أبرز منجزاته العرض الذي قدمه للدبلوماسيين في فبراير (شباط) عام 2008، الذي أشار إلى وجود علاقة بين مشروعات معالجة اليورانيوم في إيران، وتجارب تفجير وتعديل مقدمة صاروخ بما يتواءم مع حمل رأس نووي.

وكتب هاينونين لزملائه في رسالة إلكترونية يودعهم فيها: «مع رحيلي أعرف أني أترك ورائي فريقا رائعا من الزملاء في الإدارة، سيواصلون تقديم الدعم القوي...للسيد أمانو، وأيضا لمن يخلفني». وتولى يوكيا أمانو رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ديسمبر (كانون الأول).

وأعلنت المتحدثة باسم الوكالة أن هاينونين سيستقيل من منصبه، بعدما قاد التحقيق بشأن البرنامج النووي الإيراني لخمسة أعوام. وكان البرادعي هو الذي اختار الخبير الفنلندي لهذا المنصب. وقبل اختياره لرئاسة قسم «الضمانات والتحقق»، عمل هاينونين مشرفا على عمليات التفتيش في إيران (2003 - 2005)، وهي الفترة التي بدأت فيها الوكالة تكشف عن البرنامج النووي السري لإيران. كما كان هاينونين بين المشاركين في مفاوضات إعادة مفتشي الوكالة إلى كوريا الشمالية للإشراف على إغلاق منشآتها النووية، حسبما تعهدت بيونغ يانغ في إطار مفاوضات دولية، إلا أنها طردت المفتشين في أبريل (نيسان) العام الماضي. وانقسمت مصادر الوكالة حول أسباب استقالة هاينونين، ففي حين قالت مصادر مطلعة بالوكالة لـ«الشرق الأوسط» إن هاينونين استقال بحثا عن «موقع أرفع»، في إشارة إلى تقارير أشارت إلى أنه وجد وظيفة في جامعة هارفارد، وأن زوجته، وهي دبلوماسية من سنغافورة تم تعيينها في سفارة سنغافورة في واشنطن، قالت مصادر أخرى إن هاينونين بادر إلى الاستقالة؛ لأنه كان يعرف أن أمانو سيجري تغييرات في هيكلية الوكالة في كل الحالات. غير أن المصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه ليس هناك «سبب سياسي» للاستقالة، وأن علاقته مع أمانو كانت أكثر من ممتازة. وأوضح مسؤول بالوكالة أن هاينونين كان يتحرك بحرية أكبر تحت قيادة أمانو للوكالة، مما كان عليه الأمر خلال رئاسة البرادعي. ومنذ انضمام هاينونين إلى الوكالة عام 1983، ظهر مشروع نووي سري في إيران، وانسحبت كوريا الشمالية من معاهدة حظر الانتشار النووي، وأجرت تجربتين نوويتين، وقصفت إسرائيل موقعا في سورية زعمت أنه موقع نووي، واعترفت ليبيا بوجود مشروع نووي سري لصنع قنبلة نووية وفككته.

وقال مارك فيتزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن لـ«رويترز»: «لقد كان لا يعرف الكلل في سعيه إلى الحقيقة وراء البرنامج النووي الإيراني، وهو واحد من أكثر مفتشي الوكالة خبرة ومعرفة، بالطبع هو مجرد جزء من فريق من كثير من المفتشين الجيدين، وعمل الوكالة لن يتوقف».

ويأتي ذلك في حين أعلن وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي، في رسالة وجهها إلى الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، أن العقوبات الجديدة التي فرضها المجلس لن تمنع إيران من مواصلة «برنامجها النووي السلمي»، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أمس. إلى ذلك واصلت المزيد من الشركات إعلان إلغاء عقود للتعاون بينها وبين إيران، وذلك بعد فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي، فقد أعلنت شركة «جي إس» الكورية الجنوبية للهندسة والإنشاءات أمس، أنها ألغت مشروعا للغاز بقيمة (1.2 مليار دولار) في إيران، إثر فرض جولة جديدة من العقوبات على طهران. وأضافت الشركة في تقرير إلى جهة تنظيمية أنها ألغت، أول من أمس، عقد تحلية الغاز المستخرج من حقل «بارس» الجنوبي في إيران، والموقع مع شركة «بارس» للنفط والغاز في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكانت شركة «توتال» الفرنسية العملاقة قد أعلنت وقف كل تعاقداتها مع إيران الأسبوع الماضي.