لقاء سري إسرائيلي ـ تركي يفجر أزمة بين نتنياهو وليبرمان

مصادر: أوباما دفع للقاء أوغلو واليعازر.. ورئيس الوزراء الإسرائيلي يرجع عدم إبلاغ نائبه إلى «أسباب تقنية»

TT

فجرت محادثات سرية جرت بين إسرائيل وتركيا في بروكسل لتطويق الأزمة بين البلدين أزمة داخلية كبرى في إسرائيل بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ونائبه وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرمان الذي لم يعلم باللقاء إلا من خلال التلفزيون، بينما قال نتنياهو إن أسبابا تقنية هي التي منعته من إخطار ليبرمان.

وقد حاول نتنياهو الاتصال مع ليبرمان إلا أنه رفض الرد على مكالمته. وكان أحمد داود أوغلو وزير خارجية تركيا، قد اجتمع في بروكسل، أول من أمس، مع وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي، بنيامين بن اليعازر، وتباحثا لمدة ساعتين ونصف الساعة حول تدهور العلاقات بين بلديهما وكيفية الخروج من المأزق. وقد كان ذلك لقاء سريا للغاية باتفاق الطرفين، لدرجة أن اسم أي من الوزيرين لم يسجل في الفندق الذي استضافهما. ومع ذلك فقد تسرب النبأ لمراسل القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي المستقل. وقبل أن يعرف إن كانت نتائج اللقاء إيجابية أو سلبية، خرج وزير الخارجية الإسرائيلي، ليبرمان، ببيان يعرب فيه عن غضبه الشديد من هذا اللقاء لأنه لم يعرف به سوى من البث التلفزيوني. وقال بيان ليبرمان إن هذا التصرف لا يليق بدولة ذات نظام سليم وإنه يزعزع الثقة بينه وبين رئيس الوزراء. وإنه يعتبر إهانة لإسرائيل، لأن الأتراك يتصرفون بشكل فظ واستعلائي ويفرضون شروطا تعجيزية لا يمكن قبولها لتسوية الأزمة بين البلدين. وقال مسؤول إسرائيلي إن واقع أن ليبرمان علم بالأمر أثناء «مشاهدته الأخبار على القناة الثانية» يعتبر بمثابة ازدراء كبير له. وقالت مصادر مقربة من بن اليعازر لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن عدم إبلاغ ليبرمان باللقاء كان الأمر الصائب لأن وزير الخارجية «لعب دورا كبيرا في تعميق الأزمة مع تركيا».

وقد سارع نتنياهو للرد بأن اللقاء في سويسرا تم بمبادرة الأتراك وأنه لم يجد مناسبا رفض اللقاء. ولكن «أسبابا تقنية» هي التي منعته من التكلم مع وزير الخارجية وإبلاغه والتشاور معه في الموضوع. وحاول نتنياهو عندها أن يتكلم شخصيا مع ليبرمان ليوضح له الموقف، إلا أن ليبرمان رفض الرد على الهاتف وأمر سكرتيرة مكتبه بأن تقول إنه، أي الوزير ليبرمان، لا يستطيع الكلام حاليا «لأسباب تقنية».

ومع أن نتنياهو وليبرمان من المفترض أن يلتقيا اليوم (الجمعة) لتصفية الأجواء، إلا أن المعلقين يؤكدون أن جرحا كبيرا قد حفر بينهما ومن الصعب أن يندمل بسهولة. وقال ليبرمان في حديث إذاعي، أمس، إن التبرير بأن عدم تبليغه هو لأسباب تقنية غير مقبول له، بل يعتبره أسوأ من التصرف نفسه. وأضاف: «المسألة واضحة تماما. فاللقاء تم ترتيبه بمبادرة الولايات المتحدة وتدخل فيه وزير الدفاع، إيهود باراك. ولا يمكن أن يكون بريئا».

وكشفت مصادر أخرى في تل أبيب عن أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، هو الذي دفع إلى هذا اللقاء، وذلك خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان. فقد أبلغه أن واشنطن غير راضية عن تدهور العلاقات الإسرائيلية التركية وطلب تغيير مسار هذه العلاقات فورا. فاتصل رجل أعمال تركي مع زميل له من إسرائيل وراحا يدحرجان الفكرة حتى بادر مسؤول تركي للاتصال بوزير التجارة والصناعة الإسرائيلي، بن اليعازر، طالبا اللقاء مع الوزير باراك. ولكن باراك تحفظ على الفكرة وقال إنه يفضل إجراء اتصالات على مستوى آخر. فقرر نتنياهو أن يكلف به بن اليعازر نفسه. واعتبر الخبير في تاريخ السياسة الإسرائيلية، حنان كريستال، أن تصرف نتنياهو لم يكن بريئا. وقال إن هذا مشروع مشترك لنتنياهو وباراك يهدف إلى دفع وزير الخارجية ليبرمان إلى الانسحاب من الحكومة حتى يتاح دخول حزب كديما برئاسة تسيبي ليفني. وقال كريستال إن نتنياهو وباراك يدركان أن وجود ليبرمان في الحكومة لن يسمح لهما بالتقدم في المفاوضات وسيؤدي إلى عزلة إسرائيلية خانقة في العالم وسيعقد العلاقات مع واشنطن. وتم اختيار هذا الوقت، مع اقتراب موعد تقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان بتهمة الاختلاس والاحتيال، حتى تكون هناك قاعدة شعبية لإبعاد ليبرمان. لكن ليبرمان أوضح أنه لن يخرج من الحكومة. وأنه ينتظر المعركة الأساسية في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، حول استئناف البناء الاستيطاني. ففي هذا الشهر ستنتهي مدة 10 أشهر التي حددت لتجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية.

من جانبهم قال مسؤولون أتراك أمس إن تركيا أبلغت إسرائيل خلال محادثات مباشرة في بروكسل هذا الأسبوع بما يجب أن تفعله لإصلاح العلاقات التي تضررت بسبب الهجوم الإسرائيلي على سفينة مساعدات متوجهة إلى غزة قبل شهر.

وقال المسؤول التركي مؤكدا لقاء وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مع وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر دون إعطاء تفاصيل أن مطالب تركيا من إسرائيل لتحسين العلاقات ما زالت كما هي. وقالت تركيا التي كانت حتى وقت قريب أقرب حلفاء إسرائيل في العالم الإسلامي إنها تريد اعتذارا من إسرائيل وتريد منها أن تدفع تعويضات والموافقة على إجراء الأمم المتحدة لتحقيق في الواقعة ورفع الحصار الذي تفرضه إسرائيل على 1.6 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة.

وقال براق أوزجرجين المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية أمس لـ«رويترز»: «كرر داود أوغلو الخطوات التي تتوقع تركيا اتخاذها في هذا الإطار من أجل تحسين العلاقات».

وقتل 9 ناشطين أتراك مناصرين للفلسطينيين عندما اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية السفينة «مرمرة» التي كانت ترفع العلم التركي وتسير في البحر المتوسط يوم 31 مايو (أيار) الماضي لمنع قافلة بحرية تحمل المساعدات من الوصول إلى غزة المحاصرة.

وسحبت تركيا سفيرها لدى إسرائيل وألغت تدريبات عسكرية مشتركة وحظرت على الطائرات الحربية الإسرائيلية دخول مجالها الجوي بعد الواقعة.

وتريد الولايات المتحدة التي استفادت سياساتها في منطقة الشرق الأوسط في الماضي من العلاقات الوثيقة بين تركيا وإسرائيل في أن تنهي الدولتان النزاع بينهما.

والتقى الرئيس الأميركي باراك أوباما رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في تورونتو يوم الأحد ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن في السادس من يوليو (تموز).

وبدأت العلاقات الإسرائيلية - التركية في التدهور منذ أدلى أردوغان بتصريحات قاسية ضد إسرائيل بسبب هجومها العسكري على غزة نهاية عام 2008.

وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إن الحكومة الإسرائيلية هي التي طلبت عقد اجتماع الأربعاء في بروكسل مع وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر.

وقال داود أوغلو للصحافيين في أنقرة بعد عودته «طلب الاجتماع جاء من إسرائيل بالطبع».