وليام هيغ: نريد علاقات أمتن مع دول الخليج وتركيا.. ونأمل الانسحاب من أفغانستان في 2014

وزير الخارجية البريطاني يعد ببناء علاقات ثنائية جديدة

وليام هيغ يلقي خطابه في وزارة الخارجية البريطانية أمس (تصوير: حاتم عويضة)
TT

أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن حكومته ستسعى لتحقيق انفتاح أكبر على دول الخليج وعلى تركيا، وبناء علاقات متينة معها، مشيرا إلى أن على بريطانيا أن تغير من سياستها الخارجية لكي تتماشى مع المتغيرات العالمية، وإلا فإنها ستواجه خطر السقوط.

وفي أول خطاب موسع له حول السياسة الخارجية للحكومة الائتلافية الجديدة، أكد هيغ أن أفغانستان تبقى في طليعة اهتمامات الحكومة، مشيرا إلى أنه يتوقع انسحابا بريطانيا من هناك قبل الانتخابات المقبلة بعد 5 سنوات من اليوم. وقال «نأمل أن تتمكن القوات الأمنية الأفغانية من أن تتحمل مسؤولية أمنها في نحو عام 2014». إلا أنه أوضح أن كلامه هذا لا يعني أن الحرب هناك انتهت، أو شارفت على نهايتها، وشدد على أن هذا التقييم تم الاتفاق عليه بين رئيس الحكومة وأعضائها خلال الشهور السابقة، وسيعتمد أيضا على الوضع هناك في الشهور المقبلة.

ومن بين التحديات الأبرز التي عددها وقال إنها تواجه بريطانيا على صعيد السياسة الخارجية، إضافة إلى أفغانستان، التسلح النووي الإيراني والسلام في الشرق الأوسط. وقال «نحن في مرحلة حساسة لمنع انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، أو المخاطرة بأن تتحول أكثر منطقة غير مستقرة في العالم إلى منطقة تملؤها أخطر أسلحة في العالم.. والوقت يداهمنا للتوصل إلى حل دولتين في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث عدم تحقيق تقدم سيكون كارثة للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وخطرا على المنطقة وعلى أمننا».

وانتقد هيغ سياسة حزب العمال الذي كان يمسك بزمام الحكم في الأعوام الـ13 الماضية. واتهم حكومات حزب العمال السابقة بالتلهي بالعلاقات مع الولايات المتحدة، على حساب بناء علاقات ثنائية مع بلدان أخرى، خصوصا ذات الاقتصادات الناشئة، مثل الصين والهند والبرازيل. ووعد بأن تصحح حكومته هذا الخلل. إلا أنه شدد على أن الولايات المتحدة تبقى شريك بريطانيا الأساسي لتحقيق الأهداف الدولية.

وحرص الوزير البريطاني في الخطاب الذي ألقاه أمام مجموعة من الدبلوماسيين والموظفين الحكوميين والصحافيين في مقر وزارة الخارجية في لندن أمس، على إبراز تركيا كلاعب أساسي على الساحة الدولية والاقتصادية. وشدد على أن بلاده ستعمل على إقناع شركائها في الاتحاد الأوروبي بإعطاء تركيا عضوية كاملة في الاتحاد. وقال «يجب أن نرى قيمة عضوية تركيا المستقبلية في الاتحاد الأوروبي.. تركيا هي أكبر قوة ناشئة في أوروبا.. وهي ناشطة جدا في البلقان والشرق الأوسط ووسط آسيا. سنقوم بجهود دبلوماسية خاصة مع تركيا، بدءا باستقبال وزير الخارجية التركي في بريطانيا الأسبوع المقبل بناء على دعوتي».

وأشار إلى أن بريطانيا «تريد أن تعمل عن كثب مع تركيا حول مجموعة من قضايا السياسة الخارجية، من دون أن يعني ذلك أننا سنتفق عليها جميعها على الفور.. لكن هدف الدبلوماسية ليس أن تلتقي من يشارك الرأي دائما». وأكد أن حكومته ستولي اهتماما كبيرا لقضية السلام في الشرق الأوسط، مشيرا إلى دعمه جهود الإدارة الأميركية ومبعوثها إلى المنطقة في هذا المجال.

ولم يتجاهل هيغ الجدل الدائر حول إمكانية تأثير الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بريطانيا على الدور الطموح الذي تريد أن تلعبه على المنبر العالمي، إلا أنه رفض هذا الطرح. وكان وزير الخزانة جورج أوزبورن قد أعلن أن حكومته ستبدأ تطبيق سياسة تخفيض النفقات في القطاع العام لمعالجة الدين العام المرتفع، وستتأثر بهذه الخطة موازنة وزارتي الخارجية والدفاع.

إلا أن وزير الخارجية البريطاني قال إن تخفيض النفقات لن يؤثر على عمل هاتين الوزارتين، لأن السياسة الجديدة ستعتمد على إدارة الموارد الموجودة بشكل أكثر فعالية، مقابل وقف الهدر. وقال «البعض يجادل بأن مواردنا المحدودة لا يمكنها أن تدعم سياسة خارجية طموحة بهذا الشكل. وهذا صحيح، وبالطبع كما الوزارات الأخرى، على وزارة الخارجية أن تجد أماكن توفر فيها حيث المستطاع.. لكن لن نقدر على تأمين التعافي الاقتصادي ولا مستقبلنا الأمني وازدهارنا، من دون أن نبحث عن فرص جديدة وشركاء جدد».

وفي إطار مقاربته الجديدة، أعلن أن رئيس الحكومة ديفيد كاميرون أطلق فريق عمل مشتركا مع دولة الإمارات العربية المتحدة «كجزء من جهودنا لرفع العلاقات مع دول الخليج». وقال «سيؤدي ذلك إلى تطوير خيارات لتقوية علاقاتنا في جميع المجالات». وتحدث هيغ أيضا عن خطط الحكومة الائتلافية لتقوية العلاقات مع الهند، المستعمرة البريطانية السابقة والقوة الاقتصادية الناشئة.

وعلى الرغم من أن حزب المحافظين الذي يرأس الحكومة الائتلافية ينظر إلى الاتحاد الأوروبي بعين الريبة، ويؤيد استقلالية أكبر لبريطانيا عن الاتحاد، فإن وزير الخارجية طرح أمس خطة تجعل بريطانيا شريكا أكبر في الاتحاد الأوروبي. واعترف ضمنيا بالدور القوي الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي على المسرح الدولي. وقال هيغ إن بريطانيا ليست ممثلة بالشكل المناسب اليوم في الاتحاد الأوروبي، ووعد بأن تعمل حكومته على تصحيح الأمر، ملقيا اللوم أيضا على حزب العمال لتجاهله ذلك. وقال «لقد بذلنا جهودا مبكرة للعب دور في المؤسسات المتعددة الأطراف، وأظهرنا أننا ناشطون بشكل كبير في مقاربتنا للاتحاد الأوروبي ودوره كمجموعة على الصعيد العالمي». وأضاف «لقد أهملوا (حكومات حزب العمال) التأكد من أن أعدادا كافية من الكفاءات البريطانية تعمل في مؤسسات الاتحاد الأوروبي.. بريطانيا تمثل 12% من سكان الاتحاد الأوروبي، ورغم ذلك فإن نسبة البريطانيين في مؤسسات الاتحاد الأوروبي تبلغ 1.8%».