زعيم المعارضة في «أرض الصومال» يفوز في الانتخابات الرئاسية

الرئيس الجديد يعلن عزمه مضاعفة الجهود لحشد الاعتراف باستقلال إقليمه

TT

فاز زعيم المعارضة في إقليم أرض الصومال، أحمد محمد سيلانيو، بالانتخابات الرئاسية التي جرت في الإقليم في 26 يونيو (حزيران) المنصرم. وكان فوز سيلانيو متوقعا على نطاق واسع. وأعلن رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات عيسي يوسف محمد فوز زعيم حزب «كولمي» المعارض أحمد سيلانيو في الانتخابات الرئاسية بعد حصوله على أكثر من 49 في المائة من أصوات الناخبين. وقال يوسف معلنا النتائج: «حصل زعيم حزب كولمي على 49.5 في المائة فيما حصل أقرب منافسيه الرئيس الحالي طاهر ريالي كاهين زعيم حزب أودوب الحاكم علي 33.2 في المائة من مجموع أصوات الناخبين، أما زعيم حزب العدالة والتنمية (أوعد) فجاء في المرتبة الثالثة وحصل على 17.1 في المائة من الأصوات». واعترف زعيم حزب العدالة المهندس فيصل علي ورابي بالهزيمة، وهنأ الرئيس المنتخب على الفوز.

وبعد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية قال أحمد سيلانيو الرئيس الجديد لإقليم أرض الصومال إنه مسرور بالنتيجة التي جاءت لصالحه، وأشاد بمنافسيه على قبول النتيجة. وأعلن الرئيس الجديد عن عزمه مضاعفة الجهود لحشد الاعتراف باستقلال هذه المنطقة بعد فترة سلمية جديدة جعلت منها نموذجا ديمقراطيا في القرن الأفريقي. وأعلن سيلانيو لوكالة «فرانس برس» غداة الإعلان عن فوزه «سأقاتل بقوة خلال فترة ولايتي للاعتراف بأرض الصومال». وقال سيلانيو: «على العالم أن يعترف بديمقراطيتنا»، في حين رفض المجتمع الدولي هذا الاعتراف حتى اليوم. وكان الرئيس طاهر ريالي قد أعلن قبيل ساعات من إعلان النتيجة أنه سيقبل نتائج الانتخابات أيا كانت، وأنه سيسلم السلطة بشكل سلمي في حال هزم في الانتخابات، وقال متحدثا من خلال مؤتمر صحافي عقده بالقصر الرئاسي في هرجيسا: «إذا فاز غيري في الانتخابات فسأحترم ذلك، وأغادر المنصب بشرف وأمانة، ولن أكون سببا في انهيار السلام والديمقراطية التي ناضلت من أجلها لسنوات طويلة».

ولد أحمد سيلانيو، الرئيس المنتخب لأرض الصومال في مدينة برعو بشمال الصومال عام 1936، وتلقى تعليمه الأساسي والثانوي في مدرستي «الشيخ» الشهيرة في برعو، ونال درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة مانشستر عام 1965. وقد شغل سيلانيو مناصب عدة في حكومات الصومال، في عهد حكم الرئيس محمد سياد بري في السبعينات وأوائل الثمانينات، من بينها وزارتا التجارة والتخطيط، قبل أن يفر إلى الخارج ليقود الحركة القومية الصومالية الانفصالية (إس إن إم) التي حاربت ضد حكومة سياد بري في المناطق الشمالية في البلاد، وكان سيلانيو من أبرز الداعين إلى انفصال الشمال عن جمهورية الصومال. وأصبح رئيس الحركة الانفصالية في الفترة ما بين 1984 و1990. وفي 18 مايو 1991، أي بعد 5 أشهر فقط من سقوط نظام محمد سياد بري واندلاع الحرب الأهلية في الصومال أعلن الإقليم انفصاله عن بقية أجزاء الصومال الأخرى.

وبين عامي 1997 - 2000 تقلد سيلانيو عدة مناصب وزارية في حكومة أرض الصومال بقيادة محمد إبراهيم عقال، من بينها وزارتا المالية والتخطيط والتعاون الدولي. وفي عام 2002 أسس حزب كولمي المعارض وخاض انتخابات 2003 في أرض الصومال، التي فاز بها الرئيس طاهر ريالي بفارق 80 صوتا فقط. وأحمد سيلانيو متزوج وأب لثلاثة أبناء وبنتين. ويصبح سيلانيو رابع رئيس لإقليم أرض الصومال الذي لم يحصل بعد على اعتراف دولي، رغم استقرارها النسبي وإنشاء مؤسسات ديمقراطية فيها. وكما ينص دستور أرض الصومال، يجب أن تصدق المحكمة العليا على النتائج خلال 15 يوما، وأن يسلم الرئيس الحالي السلطة خلال 30 يوما.

وذكر رئيس اللجنة الانتخابية أيضا أن الانتخابات التي نظمت في الإقليم الأسبوع الماضي كانت مهمة لشعب أرض الصومال وتمثل خطوة أخرى نحو نشر الديمقراطية في البلاد. وأضاف: «الانتخابات كانت حرة ونزيهة كما شهد بذلك المراقبون الدوليون وهي خطوة ستؤدي إلى الاعتراف بالبلاد». وكان المراقبون الدوليون - الذين شاركوا في الإشراف على الانتخابات الرئاسية في أرض الصومال - قد صرحوا بأن الانتخابات في أرض الصومال كانت حرة ونزيهة، كما جرت في أجواء هادئة عموما، رغم بعض المخالفات التي حدثت أثناء الحملات الانتخابية التي سبقت عملية الاقتراع، مثل استخدام الحزب الحاكم أموالا عامة ووسائل الإعلام الحكومية وعربات حكومية في الحملة الانتخابية، إضافة إلى اختفاء بعض صناديق الاقتراع في بعض المحافظات. وقال مايكل والس منسق مجموعة المراقبين الدوليين في مؤتمر صحافي في هرجيسا عاصمة الإقليم، إن عملية الاقتراع في أرض الصومال جرت بطريقة سلمية وديمقراطية، وعبرت عن إرادة الشعب، وأوفت بالمعايير الدولية. وأضاف: «شارك العشرات من المراقبين الدوليين إلى جانب أكثر من 800 مراقب محلي في الإشراف على الانتخابات الرئاسية في أرض الصومال».

على صعيد آخر تتواصل المعارك العنيفة في العاصمة الصومالية بين القوات الحكومية التي تدعهما قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام من جهة، وبين مقاتلي حركة الشباب المجاهدين من جهة ثانية. وقد دخلت المعارك يومها الرابع على التوالي، فيما لا يزال الرئيس شريف وبرفقته عدد من الوزراء من بينهم وزير الأمن الوطني ونواب وقادة الجيش والشرطة والأمن موجودين في الخطوط الأمامية للقتال لرفع معنويات القوات. وشوهدت دبابات قوات الاتحاد الأفريقي في الخطوط الأمامية وهي تدعم القوات الحكومية. وقال وزير الأمن الصومالي عبد الله سان بلولشي إن الحكومة قررت إطلاق حملة عسكرية لتطهير العاصمة من المتمردين، وذلك بالتزامن مع الذكرى الخمسين لاستقلال البلاد.

وأضاف: «أحرزت القوات الحكومية حتى الآن تقدما كبيرا في المعركة وأجبرت المتمردين على التراجع، وأن القوات الحكومية تمكنت من استعادة السيطرة على عدة مناطق استولت عليها حركة الشباب بشمال العاصمة من بينها مبنى المخابرات، والمقر السابق لقيادة الشرطة وفندق جلوبال وأجزاء أخرى من حي عبد العزيز. ولم يفصح الوزير الصومالي عن عدد القتلى والجرحى في صفوف القوات الحكومية. ووفقا للمصادر الطبية فإن المعارك التي لا تزال متواصلة أسفرت عن مقتل نحو 35 شخصا معظمهم مدنيون، وإصابة أكثر من 60 آخرين بجروح. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن 13 شخصا قتلوا في مكان واحد بمنطقة سوق بعاد شمال مقديشو، عندما سقطت قذيفة هاون على منزل كانوا يحتمون به من القصف المدفعي المتبادل بين الأطراف المتقاتلة.