مسؤولو البنتاعون ظلوا يتابعون على التلفزيون تفجيرات مركز التجارة رغم إخطار تلقاه البنتاغون باتجاه طائرة مخطوفة إلى واشنطن

TT

قال كبير المتحدثين باسم وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) أمس إن مسؤولين في الوزارة لم يكونوا على علم بأن طائرة «أميركان إيرلاينز» المخطوفة يوم الثلاثاء الماضي كانت تندفع باتجاه مبنى البنتاغون، على الرغم من تحذير إدارة الطيران الفيدرالي لقيادة الدفاعات الجوية العسكرية بالأمر.

وصرح الاميرال كريغ كويغلي لمحطة «ان. بي. سي» التلفزيونية الأميركية أن مسؤولين في البنتاغون سارعوا في الحال بارسال طائرات من قاعدة لانغلي الجوية في فرجينيا، لكنها لم تصل في الموعد المناسب لمنع الهجوم. واضاف انه لم تكن هناك اجراءات فورية لاخلاء البنتاغون لان المسؤولين لم تكن لديهم مؤشرات على ان الطائرة قد تتوجه الى مقر وزارة الدفاع الاميركية. وتابع انه «لو خطر ذلك ببالنا لكان شيئا رائعا».

وقد أصابت المسؤولين في البنتاغون خلال الدقائق الـ 35 التي فصلت بين اصطدام الطائرة الثانية بمبنى التجارة الدولي في نيويورك وارتطام الطائرة الثالثة بمبنى البنتاغون، حالات من التردد والخوف وعدم التحضير الكافي لإجلاء كبار المسؤولين العسكريين.

ويوضح تسلسل للاحداث أعدته وزارة الدفاع الاميركية أن المسؤولين في البنتاغون أخطروا قبل 12 دقيقة من الهجوم، من قبل إدارة الطيران الفيدرالي المدني بعملية خطف طائرة مدنية وأنها في طريقها إلى واشنطن. لكن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وكبار مساعديه لم يكونوا على ادراك بالخطر الداهم الا بعد أن انفجرت الطائرة المحملة بالوقود عند اصطدامها بمبنى البنتاغون. ولم يتلق المسؤولون الآخرون في البنتاغون أيضا تحذيرا بهدف اتخاذ الاجراءات المطلوبة مثل إجلاء الموظفين البالغ عددهم 20 ألفاً أو إخطارهم باتخاذ إجراءات وقائية معينة.

وتوضح مصادر البنتاغون أن طائرتي «اف. 16» ارسلتا استجابة لإخطار إدارة الطيران الفيدرالي لكنهما أقلعتا من قاعدة لانغلي الجوية بولاية فرجينيا التي تبعد 210 كلم عن مبنى وزارة الدفاع، في حين كان من الممكن ارسال طائرتين اخريين من قاعدة «اندروز» الجوية التي تبعد 24 كلم فقط. وبعد دقيقتين فقط من تحليق طائرتي الـ «إف. 16» في الجو، كانت طائرة «أميركان إيرلاينز» قد اصطدمت بمبنى البنتاغون موقعة 188 قتيلا بمن فيهم كل من كان داخل الطائرة.

ولم تكشف التفاصيل التي تم الإعلان عنها أول من أمس مدى هشاشة استعدادات وزارة الدفاع الأميركية لحماية البنتاغون فحسب، وإنما أيضا لحماية موظفيها الـ 20 ألفاً والأجواء الأميركية والطائرات الأميركية المدنية من احتمال تحويلها لأسلحة تفجيرية.

وقد وصف أحد جنرالات الدفاع الجوي الأميركي الهجمات قائلا إنها «عبارة عن شيء لم نره أو نفكر فيه أبداً من قبل». ويقول مسؤولون آخرون في الدفاع الجوي انه حتى في حال تعقب المختطفين في أجواء نيويورك وواشنطن من قبل الطائرات العسكرية الأميركية، فإن هذه الأخيرة لم تجرب أبدا إجراءات عملية حول كيفية مواجهة الطائرات الانتحارية المخطوفة. ويضيف المسؤولون أن مثل هذه التمارين العسكرية تعاملت دائما مع مهام خارج الأراضي الأميركية فوق المحيطين الأطلسي أو الهادئ، ويكون حينها للطيارين الأميركيين الوقت الكافي لاستشارة البيت الأبيض وإمكانية تحويل مسار الخاطفين. ويقول المسؤولون في الدفاع الجوي أيضا إنه لا يمكن إسقاط أي طائرة مدنية إلا بالحصول على موافقة من البيت الأبيض.

وقد كشفت هجمات الثلاثاء الماضي عن مدى الفارق الكبير بين العمليات الإرهابية الجديدة والتهديدات التي كانت سائدة أثناء الحرب الباردة حين كان طيران الدفاع الأميركي يسعى لمنع المهاجمين السوفيات من دخول المجال الجوي الأميركي وليس تعقب الطائرات المدنية التي تنطلق من المطارات الداخلية بالولايات المتحدة.

لكن ضعف الاستعدادات في البنتاغون لم يكن مقتصرا على تعقب الطائرات المخطوفة وإنما تعداها لكيفية التعامل مع الوضع على الأرض. ففين حين علم المسؤولون في البنتاغون عن هجمة نيويورك الأولى، فإنهم لم يتحركوا وإنما بقوا في مكاتبهم يشاهدون على شاشات التلفزيون الهجمة الثانية، ولم يدر بخلدهم أن المقر العسكري الرئيسي للولايات المتحدة قد يكون هو الآخر معرضا للهجوم.

فبعد أن علم وزير الدفاع رامسفيلد بهجمات نيويورك، بقي في مكتبه بالجناح الشرقي في مبنى البنتاغون للاستماع إلى تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية «سي. آي. إيه» كان مبرمجا من السابق. وفي حين هرع مساعدون إلى مركز القيادة لمتابعة الأزمة، فإنهم بقوا مستبعدين احتمال قدوم طائرة أخرى باتجاههم.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»