الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة تستبعدان التوصل إلى اتفاق منتصف الشهر الحالي

مسؤول ملف دارفور يحذر من تكرار اتفاق أبوجا خلال مفاوضات الدوحة ويرفض خلق منبر جديد

TT

استبعدت الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة التوصل إلى اتفاق سلام في دارفور بينهما خلال المفاوضات الجارية في الدوحة بحلول المهلة التي حددها الوسيط المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي جبريل باسولي منتصف يوليو (تموز) الجاري، ففي الوقت الذي اعتبرت فيه الخرطوم أن منهج الوساطة كان مختلا بتركيزها على حركة العدل والمساواة دون بقية الحركات، لكنها حذرت رغم ذلك من مغبة خلق منبر تفاوض موازٍ أو بديل للدوحة في إشارة إلى الجماهيرية الليبية.

وقال مسؤول ملف دارفور، الدكتور غازي صلاح الدين، في تقرير أمام البرلمان حول موقف المفاوضات بطلب من نواب دارفور، إن تركيز جهود السلام على التفاوض مع الحركات (يعطي انطباعا خاطئا بأن السلام يمكن اختزاله في التفاوض وتلخيصه في استرضاء تلك الحركات)، مستدلا باتفاقية أبوجا (نيجيريا) التي وقعتها الحكومة السودانية مع حركة تحرير السودان فصيل مني أركو مناوي، الذي تم تعيينه وفق الاتفاقية كبير مساعدي البشير، غير أنه تم استبعاده من المنصب بعد انتخاب البشير في منصب الرئيس.

وحذر صلاح الدين من تكرار اتفاق أبوجا في المفاوضات التي تجري في الدوحة، مشيرا إلى أن التمييز (غير المتوازن في العملية السياسية) سيفضي إلى تعزيز المزايدات السياسية، رافضا خلق منابر تفاوض جديدة وفقا لما تدعو إليه حركة العدل والمساواة بزعامة الدكتور خليل إبراهيم، وقال إن هناك ثلاث معضلات ستواجه تلك الدعوة، «أولها مدى التغيير الجوهري الذي يمكن أن تحدثه المبادرة الجديدة بما يبرر التخلي عن المبادرة الحالية، إلى جانب أن المبادرة الحالية تحظى بمشروعية دولية وإقليمية من الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة». وأضاف: «إنها تحتاج إلى وقت للحصول على مشروعية داخلية من المؤسسات المنتخبة»، داعيا للالتزام بالمبادرة الحالية وعدم تعريضها لاختبار يضعفها والبحث عن طرائق لتفعيلها في نفس الوقت، نافيا وجود تنافس بين أطراف عربية حول ملف دارفور».

ودعا صلاح الدين إلى ضرورة مراجعة وتقييم المبادرة العربية الأفريقية التي ترعاها قطر، وقال إنه سيتوجه إلى الدوحة قبل الخامس عشر من الشهر الجاري للعمل على دفع مفاوضات الدوحة، مؤكدا في تصريحات صحافية سابقة عقب لقائه بالوسيط الدولي جبريل باسولي، أن الوفد الحكومي سيقدم جملة من الأفكار لتفعيل المحادثات، وقال إن اللقاء بحث آفاق ومستقبل المبادرة العربية الأفريقية الخاصة بدارفور التي ترعاها قطر، ومراجعة ما تحقق من مكاسب حتى الآن، ممثلة في توقيع اتفاقيات إطارية، وإشراك المجتمع المدني الدارفوري وبعض الفئات المتأثرة والمتضررة في الإقليم، وأضاف: «لكن أيضا أجرينا نقدا موضوعيا للمبادرة، حيث إنها بعد مرور أكثر من عام لم تستوفِ الأهداف المرسومة لها»، مشددا على التزام حكومته بالمبادرة، ومشيرا إلى أن الحكومة ستمضي في تنفيذ الاستراتيجية الجديدة للتعامل مع مشكلة دارفور التي تقوم على «العمل القريب من المواطن»، والتركيز على إيصال عائدات السلام العملية للمواطن وبناء مؤسسات الحكم في دارفور وقضايا السلم والقضايا الإنسانية، بجانب العلاقات مع دول الجوار، وكيفية جعله عاملا إيجابيا. ودعا صلاح الدين إلى إعادة «اختراع» المبادرة القطرية للبدء في إعطاء نتائج ملموسة ونهائية لقضية دارفور حتى تصل عائدات السلام إلى المواطن.

في غضون ذلك شدد وزير الدفاع السابق، النائب عن المؤتمر الوطني، إبراهيم سليمان، على عدم التعويل على الحسم العسكري لتسوية الأزمة، وانتقد طلب السودان من تشاد إبعاد رئيس حركة العدل والمساواة، الدكتور خليل إبراهيم، من أراضيها، وتابع: «كان الأوفق أن نستبقي خليل بأنجمينا ونطلب من الرئيس ديبي الضغط عليه وتليين مواقفه»، مستدلا بالدور الذي لعبه الرئيس ديبي في حمل زعيم حركة العدل والمساواة على توقيع الاتفاق الإطاري في أنجمينا فبراير (شباط) الماضي.

من جهته قال نائب الأمين العام لحركة التحرير والعدالة ورئيس لجنة تقاسم الثروة في المفاوضات هاشم حماد لـ«الشرق الأوسط» إن حركته تستبعد التوصل إلى اتفاق في وقت قريب، معتبرا أن القضية بها تعقيدات لا يمكن أن يتم الحديث بسقف زمني محدد، وقال: «من الأفضل أن لا يتم تحديد سقف زمني، ولنا عظة وسابقة في الاتفاق الإطاري في شهر مارس (آذار) الماضي». وأضاف أن الحكومة غير جادة في دفع استحقاق السلام، وأن المناخ العام في المفاوضات يشير إلى أنها تحاول شراء الوقت وأنها لا تتعظ من تجاربها السابقة، وتابع: «الحكومة هي التي تسعى إلى تكرار اتفاق أبوجا من فوق منبر الدوحة، ومحاولاتها اختزال القضية في منظمات المجتمع المدني»، وقال إن الخيارات الأخرى أمام حركته متاحة في حال تنصلت الحكومة عن طريق التفاوض، لكنه عاد وقال إن حركته ملتزمة بمفاوضات الدوحة والمبادرة العربية - الأفريقية، وأضاف: «نحن لدينا ثقل سياسي وعسكري معروف ولا يمكن التعامل معنا بالتهديد كما فعل البشير قبل أسبوع، ولا نقبل اتفاق توزيع وظائف»، مشددا على أن حركته تسعى لتحقيق السلام ووقف معاناة شعب دارفور، داعيا رئيسي حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور والعدل والمساواة دكتور خليل إبراهيم الانضمام إلى المفاوضات في الدوحة، وقال إن منبر الدوحة يلقى الدعم والمؤازرة من المجتمع الدولي.