«القاعدة» تتبنى الهجوم على «المخابرات» في عدن.. وحكم بإعدام 4 وتخفيف سجن سوريين

اعتقال 10 أشخاص في حضرموت بتهم الإرهاب بينهم سعودي

حراس يمنيون يقتادون متهمي «القاعدة» الذين أيدت الأحكام ضدهم محكمة في صنعاء أمس (أ.ب)
TT

اعتقلت أجهزة الأمن اليمنية، أمس، 10 أشخاص يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم القاعدة الذي بدوره أعلن تبنيه للهجوم الإرهابي الذي استهدف مبنى جهاز الأمن السياسي (المخابرات) في مدينة عدن، العاصمة التجارية والاقتصادية للبلاد، في يونيو (حزيران).

وقالت الأجهزة الأمنية في محافظة حضرموت، بجنوب شرقي البلاد، إنها اعتقلت، أمس، 8 أشخاص يشتبه في انتمائهم إلى خلية تابعة لتنظيم القاعدة، إضافة إلى شخصين جرى اعتقالهما أثناء مداهمة أحد المنازل في منطقة فوه، غرب مدينة المكلا، عاصمة المحافظة، يوم الاثنين الماضي.

وقال مصدر أمني يمني إن اعتقال الأشخاص الـ8، جرى بعد تمشيط «وادي المتضررين» بمنطقة فوه، حيث كان يختبئ هناك الأشخاص الذين تمكنوا من الفرار من المنزل الذي تمت مداهمته، وأضافت المصادر الأمنية أن التحقيقات التي أجريت مع الشخصين اللذين اعتقلا الاثنين الماضي، كشفت عن أن المنزل الذي تمت مداهمته، كان يستخدم كوكر لأفراد الخلية للتخطيط والإعداد للعمليات الإرهابية، وأن الحزام الناسف الذي عثر عليه معدا للتفجير، كان يفترض أن تنفذ به عملية إرهابية اليوم التالي ليوم المداهمة، أي الثلاثاء الماضي، قبل أن تفشل العملية الاستباقية مخطط أفراد الخلية.

كما كشفت التحقيقات التي أجرتها أجهزة الأمن، عن أن المواطن السعودي الذي قالت أجهزة الأمن إنه ضمن أفراد الخلية وأشارت إليه بكنية «إبراهيم»، يدعى عبد الله فراج محمد محمود لجوبر، وأنه من «المطلوبين أمنيا للسلطات اليمنية والسعودية»، وأضافت أجهزة الأمن أن الوثائق التي عثر عليها في منزل أفراد الخلية بفوه، تحتوي على «معلومات في غاية الأهمية» ومن شأنها «مساعدة الأجهزة الأمنية على تفكيك خلايا إرهابية أخرى وإلقاء القبض على عدد من عناصر تنظيم القاعدة في اليمن».

وتبنى تنظيم القاعدة، أمس، الهجوم الإرهابي الذي استهدف في الـ19 من يونيو الماضي، مبنى جهاز الأمن السياسي (المخابرات) الواقع في حي «التواهي» بمدينة عدن، العاصمة الاقتصادية للبلاد وحاضرة جنوبها، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل 11 شخصا، هم 7 جنود و3 نساء وطفل.

وقال التنظيم في بيان نشره على أحد المواقع الإسلامية على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، إن الهجوم كان ردا على ما سماه «العدوان الغاشم» الذي استهدف مناطق في «وادي عبيدة» بمحافظة مأرب، شرق البلاد، ويقصد بذلك العمليات الأمنية التي نفذتها أجهزة الأمن اليمنية في تلك المنطقة، الأسابيع الماضية.

وكذب تنظيم القاعدة الرواية الرسمية حول عدد القتلى في الهجوم على مبنى المخابرات في عدن، وقال إن العملية أسفرت عن مقتل 24 شخصا، وليس 11 حسبما أعلن رسميا، وقال البيان إن القتلى الذين سقطوا في هجوم عدن، ضالعون فيما وصف بـ«حملة اضطهاد استهدفت إرضاء واشنطن».

وفي صنعاء، أيدت محكمة استئناف أمن الدولة والإرهاب الجزائية المتخصصة، أمس، حكما ابتدائيا قضى بإعدام 4 من أفراد «خلية تريم» الإرهابية، والمدانون هم: راوي حمد سالم بن سعدون الصيعري، وسلطان علي سليمان الصيعري، وسعيد نايف سعيد سنكر، وعلي محسن صالح العكبري. وخففت المحكمة الحكم بحق شخصين آخرين هما: هيثم سعيد مبارك بن سعد وخالد مسلم سالم باتيس، وذلك من الإعدام إلى الحبس 12 عاما، كما خففت عقوبة الحبس بحق ثلاثة مواطنين سوريين هم: محمد عطية أحمد الوهيبي، ومحمود أحمد محمد درويش، ومحمد خليل إسماعيل الشطي، من 15 سنة إلى 10 سنوات، وكذا تخفيف مدة الحبس لمواطن سوري يدعى عدنان خليل إسماعيل الشطي، من 12 سنة إلى 10 سنوات، وشملت أحكام التخفيف مواطنين يمنيين هما أحمد مطهر أبو بكر باغزوان وحسام محمد حسين الجاوي العمودي، الأول من 12 سنة إلى 8 سنوات والثاني من 10 سنوات إلى 8 سنوات، أيضا.

وضمن سلسلة الأحكام، أيدت المحكمة حكما ابتدائيا قضى بالحبس 15 عاما لكل من: محمد سعيد أحمد باعويضان، وعبد الله علي صلاح باوزير (سعودي الجنسية)، وكذا تأييد 12 سنة لجمال عيسى صلاح جابر، و8 سنوات لمسعود منصور بن ثابت النهدي.

وأدين أفراد «خلية تريم» أمام القضاء اليمني بـ«ارتكاب أفعال إرهابية خلال عامي 2007 و2008 في مناطق مختلفة من اليمن»، وتمثلت، تلك الأفعال، في «مهاجمة الأجانب في الشركات وأماكن تجمعاتهم السكنية ومهاجمة السياح والمنشآت الحيوية والنفطية والمعسكرات والنقاط الأمنية»، وكذا «تعريض سلامة وأمن المجتمع للخطر وتنفيذ عدة عمليات إرهابية في أكثر من محافظة يمنية، منها حضرموت وعدن وصنعاء وغيرها»، وأيضا، «مهاجمة مدرسة (7 يوليو للبنات) في صنعاء المجاورة للسفارة الأميركية والمجمع السكني في حدة والهجوم الإرهابي الذي استهدف السياح البلجيك في مديرية دوعن بمحافظة حضرموت في الـ18 من يناير (كانون الثاني) 2008 والذي أودى بحياة سائحتين بلجيكيتين ويمني وإصابة يمنيين اثنين وبلجيكي، بالإضافة إلى القيام بالهجوم الانتحاري الذي استهدف معسكر قوات الأمن المركزي والأمن العام في سيئون في الـ25 من يوليو (تموز) 2008 والذي أدى إلى استشهاد جندي وإصابة 17 آخرين بينهم 7 نساء، ومهاجمة عدة نقاط أمنية في حضرموت وضرب أنبوب النفط في حضرموت واستهداف شركة نفط صينية في الخشعة، ومصفاة النفط في مدينة البريقة بعدن، والهجوم الإرهابي الذي استهدف مصلحة الجمارك بصنعاء في 30 أبريل (نيسان) 2008 وأدى إلى إلحاق خسائر مادية».

ويخوض اليمن حربا «مفتوحة» ضد تنظيم القاعدة منذ الإعلان عن محاولة التفجير الانتحارية الفاشلة التي قام بها الشاب النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب، الذي حاول تفجير طائرة مدنية أميركية في سماء مدينة ديترويت الأميركية عشية عيد الميلاد الماضي، حيث اتضح أن تنظيم القاعدة استقطبه ودربه، في اليمن، للقيام بالعملية، وأنه كان على صلة بالمتشدد اليمني - الأميركي أنور العولقي الملاحق في اليمن والمطلوب رأسه حيا أو ميتا للولايات المتحدة.

ولتنظيم القاعدة تاريخ إرهابي واسع في اليمن، واستهدافه للولايات المتحدة والمصالح الغربية عموما، فقد قتل 17 بحارا أميركيا من المارينز، في ميناء عدن عندما استهدف التنظيم في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000، السفينة الحربية الأميركية «يو إس إس - كول)، بواسطة انتحاريين كانوا يبحرون بقارب، وكانت السفينة التي عادت، مؤخرا، إلى الخدمة، تتزود بالوقود.

وتعددت أعمال تنظيم القاعدة في مناطق جغرافية كثيرة، أبرزها: عدن، وحضرموت، ومأرب والعاصمة صنعاء، حيث هوجمت مصالح ومنشآت يمنية وغربية وأفواج سياحية وأمنية سقط فيها الكثير من الضحايا اليمنيين والأجانب.

ومنذ الإعلان عن اندماج فرعي تنظيم القاعدة في اليمن والسعودية في تنظيم واحد قبل قرابة عامين، وهو «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب»، الذي يعتقد أن قادته تتخذ من مناطق جبلية يمنية وعرة، ملجأ آمنا، فقد كثف المولود الجديد من هجماته وعملياته في اليمن، ويعتقد الكثير من المراقبين أنه يعد، إلى جانب كونه هدفا للإرهاب، محطة للتخطيط لعمليات إرهابية تستهدف الولايات المتحدة، كما هو الحال مع محاولة الشاب النيجيري. وخلال السنوات القليلة الماضية، ازداد عدد المطلوبين لأجهزة الأمن اليمنية بتهمة أو شبهة الانتماء إلى «القاعدة»، فبعد أن كان العدد محدودا ولا يتجاوز عدد أصابع اليدين، مطلع العقد الحالي، أصبح العدد، اليوم، بالعشرات وربما أكثر من ذلك، هذا فضلا عن العشرات ممن يقبعون في سجون المخابرات من دون محاكمة، أو ممن يحاكمون أمام محاكم أمن الدولة والإرهاب في أكثر من محافظة.

وعززت الحرب ضد الإرهاب، التعاون الأمني بين الحكومة اليمنية ودول كثيرة في المنطقة والغرب، وفي المقام الأول الولايات المتحدة الأميركية ثم المملكة العربية السعودية التي عانت وتعاني من إرهاب «القاعدة».

وفشلت محاولة السلطات اليمنية في الحوار مع عناصر «القاعدة» أو ممن يسمون بـ«التائبين»، وذلك بعد عودة الكثير ممن أعلنوا التراجع عن أفكار «القاعدة» والتوبة من الإرهاب والامتثال لولي الأمر، إلى ممارسة الأنشطة الإرهابية، ولعل ذلك، بحسب مراقبين، ما يؤخر إطلاق سراح المعتقلين اليمنيين في قاعدة غوانتانامو الأميركية.