مسؤولة أميركية: الآمال تتضاءل في تحقيق شرق أوسط خال من الأسلحة النووية

المبعوثة الأميركية لحظر انتشار الأسلحة النووية أكدت التزام واشنطن بالحل الدبلوماسي مع إيران

سوزان بيرك
TT

أكدت سوزان بيرك، الممثلة الخاصة للرئيس الأميركي لحظر انتشار الأسلحة النووية، أن الولايات المتحدة ملتزمة بالحلول الدبلوماسية مع إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي، ولكنها أضافت أن «رقصة التانغو تتطلب اثنين». وفي لقاء خاص مع عدد محدود من الصحافيين في لندن، شاركت فيه «الشرق الأوسط»، قالت بيرك إن الآمال في تحقيق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، تنخفض، بسبب التطورات «السيئة» التي حصلت في المنطقة مؤخرا.

وكانت واشنطن قد وافقت على رعاية مؤتمر يعقد في عام 2012 تشارك فيه بلدان الشرق الأوسط لبحث منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. إلا أن بيرك لم تعبر عن الكثير من التفاؤل أمس في إمكانية انعقاد هذا المؤتمر، وقالت: «هناك الكثير يجب فعله قبل التوصل إلى منطقة شرق أوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. نعتقد أنه أمر يمكن تحقيقه، ولكنه يحتاج إلى وقت». وأضاف: «هناك بعض الشروط التي يجب أن تكون متوافرة على الأرض قبل أن نبدأ في التوجه نحو ذلك، وهي متعلقة بالتقدم في عملية السلام وقرارات حول التعاون.. الكثير حصل مؤخرا في الشرق الأوسط، وهو سيئ، جعل إمكانية البحث في منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل صعبا، والأمر لا يتعلق فقط بإيران ولكن بآخرين».

وأشارت السفيرة الأميركية إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما جعلت قضية السلام في الشرق الأوسط ضمن أولوياتها، وحددت مبعوثا خاصا للمنطقة هو جورج ميتشل. وردا على سؤال حول ارتباط التقدم بعملية السلام في المنطقة وتحقيق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، قالت بيرك: «بالطبع من الواضح أن قضية الأمن في المنطقة شرط أساسي مسبق قبل حصول أي تقدم في مباحثات منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط». وأضافت: «تحقيق تقدم في هذه القضية مسألة بالغة الأهمية لتحقيق الأهداف، والإدارة الأميركية تدرك ذلك».

وجددت بيرك نفي وجود أي تعاون نووي بين واشنطن وتل أبيب، وقالت إن الهند هي البلد الوحيد خارج معاهدة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل، وهي التي وقعت معها الولايات المتحدة اتفاقية تعاون نووي. وقالت: «... هناك تعاون مستمر مع إسرائيل، ولكن في مجالات أخرى، غير مرتبطة بهذا الأمر».

ويسود اعتقاد واسع بأن إسرائيل هي البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يمتلك أسلحة دمار شامل، إلا أن إسرائيل لم تؤكد ذلك. كما أن الولايات المتحدة تتجنب الحديث في الموضوع أيضا. وكان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قد وضع شرطا على واشنطن بتوضيح رأيها من الاستراتيجية النووية لإسرائيل، لاستئناف المفاوضات حول برنامج إيران النووي.

وكان مؤتمر متابعة معاهدة منع الانتشار النووي تحدث في بيانه الختامي بعد انعقاده في مايو (أيار) الماضي، عن تنظيم مؤتمر دولي عام 2012 يهدف إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي «بمشاركة دول المنطقة كافة» مما يعني مشاركة إسرائيل وإيران. وجاء ذلك بناء على اقتراح تقدمت به مصر، في محاولة للدفع من أجل توضيح امتلاك إسرائيل لأسلحة نووية.

وقالت الوثيقة الختامية للمؤتمر: «إنه من الضروري أن تنضم إسرائيل إلى المعاهدة وأن تضع منشآتها النووية كافة تحت الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية». لكن إسرائيل، التي لم توقع على اتفاقية حظر الانتشار النووي، وصفت الوثيقة بأنها «معيبة ومنافقة». وقالت إسرائيل إنها ليست ملزمة بقرارات المؤتمر وأكدت أنها لن تنضم إلى معاهدة منع الانتشار النووي. وكانت الإشارة إلى إسرائيل في البيان الختامي قد أثارت حفيظة واشنطن لكنها تراجعت عن موقفها لضمان نجاح الاتفاق. وعبر أوباما فيما بعد عن معارضته الشديدة لذكر إسرائيل من دون غيرها في البيان الختامي، إلا أنه أثنى على القرارات التي توصل إليها المؤتمر.

وتحدثت بيرك بالأمس عن ذلك، وقالت: «أعتقد أن جهودنا لمنع تسمية إسرائيل، هو أنه إذا سمينا بلدا ولم نسم آخر، فلم يكن بإمكاننا أن نسمي إيران لأنها في الغرفة وعضو في الاتفاقية ويمكنها وقف القرار، لذلك قلنا إذا لم يكن بإمكاننا تسمية إيران فلن نسمي أحدا، الجميع يعرف عمن نتكلم». واعتبرت أن ذكر اسرائيل «مؤسف»، لأن «القرار في رأي الكثيرين، يبدو أنه يستثني البلد الوحيد في المنطقة غير العضو في معاهدة حظر انتشار السلاح النووي ولم يخرق أي قرارات». وأضافت: «قلنا في وقت لاحق بشكل واضح، إننا قلقون من أن ذلك لن يساهم في الأجواء المطلوبة لجمع كل البلدان في المنطقة إلى طاولة الحوار».

وكان مؤتمر الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل الذي يعقد كل 5 سنوات، قد أقر في عام 1995 تأسيس منطقة في الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. إلا أنه لم يتم البحث في المسألة جيدا إلا في المؤتمر الذي عقد في العام الحالي. وقالت بيرك عن ذلك: «كانت الأصوات ترتفع مطالبة بأخذ خطوات عملية لتطبيق ذلك، والولايات المتحدة أخذت ذلك بجدية كبيرة وبدأت تعمل مع بلدان في المنطقة والاتحاد الأوروبي وغيره، بحثا عن خطوات عملية في القضية».

وأكدت بيرك التزام الإدارة الأميركية بالحلول الدبلوماسية للتعاطي مع الملف النووي الإيراني، إلا أنها أضافت أن عدم تعاون إيران مع المجتمع الدولي لتوضيح نواياها من برنامجها النووي، سيكون له عواقب. وقالت: «على إيران أن تفهم أن عدم تعاونها يؤدي إلى عواقب».

وتعليقا على تصريحات الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف حول اقتراب إيران من الحصول على سلاح نووي، قالت بيرك: «يساعد ذلك على تأكيد (وجهة نظرنا) من وجود عدم تعاون من بلدان انضمت طوعا إلى اتفاقية حظر السلاح النووي - من دون أن يجبرها أحد على ذلك - وهي لم ولا تتعاون مع الالتزامات التي تفرضها عليها الاتفاقية، وهناك عدد من القرارات الدولية بحقها.. كل هذا يؤكد على ضرورة التعاون معا».