«أزمة مطار بيروت» تستدعي تدخلات سياسية.. وتحرك المطالبة بـ«أمن موحد»

جنبلاط أشاد بشقير وطالب بـ«تعويض معنوي» له عن ملابسات مايو 2008

TT

تحولت قضية مقتل الشاب اللبناني فراس حيدر دهسا بإحدى عجلات طائرة «ناس» السعودية، إلى قضية سياسية داخلية بامتياز، استعملت لتوجيه الرسائل المتبادلة بين الأطراف السياسية اللبنانية، مع استقالة مدير جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير الذي تلقى «إشادات» متفاوتة من قبل قيادات فريق «8 آذار» بالإضافة إلى إشادة لافتة من النائب وليد جنبلاط الذي تعمد الإشارة إلى رغبته بـ«التعويض» على شقير الذي كان جنبلاط أول من سعى لإقالته في مايو (أيار) 2008 متهما إياه بتركيب كاميرات مراقبة لـ«حزب الله» على مدرج الشخصيات المهمة في مطار بيروت، والتي كانت شرارة مواجهة عسكرية واسعة النطاق في لبنان انتهت بإقرار اتفاق الدوحة.

وفيما أعلن وزير الداخلية والبلديات زياد بارود أنه منح رئيس جهاز أمن المطار إجازة شهر بانتظار مجرى التحقيقات في قضية قتيل الطائرة السعودية، وجه جنبلاط في بيان أصدره تحية إلى العميد شقير «الذي بادر إلى وضع استقالته بتصرف وزير الداخلية على خلفية ما حصل في المطار، وهي سابقة أولى من نوعها في لبنان أن يضع مسؤول أمني استقالته طوعا». وقال في بيانه: «أستذكر في هذه المناسبة أن ما جرى في الماضي كان بمثابة سوء فهم نتيجة المذكرة الشهيرة والملابسات التي رافقتها، مما ألحق الكثير من الضرر المعنوي، وأتطلع لأن تكون هذه الكلمات بمثابة تعويض عما جرى بالإضافة إلى اتصالي الهاتفي معه أول من أمس».

وطالب جنبلاط بـ«تحقيق جدي وفوري وشامل ومسؤول عما حصل في مطار رفيق الحريري الدولي وتحميل المسؤوليات وتحديدها بما لا يقبل أي التباس ويحفظ كرامة العميد شقير».

وفيما كان رئيس الحكومة سعد الحريري يترأس اجتماعا وزاريا في المطار لبحث ملف الأمن فيه، كانت المواقف السياسية تتفاوت بين إشادة بشقير من جهة، والمطالبة بتعزيز وضع أمن المطار وإزالة الشوائب و«الأمن الذاتي». من جهة أخرى على لسان نواب كتلة «المستقبل» التي يرأسها الحريري. ودعا وزير النقل والأشغال العامة غازي العريضي المقرب من جنبلاط إلى انتظار نتائج التحقيق بحادثة التسلل إلى الطائرة السعودية ومعرفة ما إذا كان هناك تقصير لتتخذ بحقهم الإجراءات المناسبة. كما أوضح العريضي أن الاجتماع الوزاري الذي عقد برئاسة الحريري في المطار كان مقررا قبل وقوع الحادثة الأخيرة معتبرا أن موضوع المطار يجب أن يبحث بشمولية ومؤكدا أن مواضيع عديدة ستبحث بالاجتماع وخاصة حاجات المطار التقنية.

واعترف عضو كتلة جنبلاط النائب علاء الدين ترو بـ«وجود تسيب أمني في كل المناطق»، ولكنه أشار إلى أن «المطار مرفق حيوي يخضع لمعايير دولية ويجب أن يكون الأمن فيه بشكل كامل وتحت السيطرة الفعلية»، ملاحظا «الفوضى العارمة في المطار خاصة في سفر المسؤولين والمرافقين والكثير من الجهات السياسية التي تسيطر على بعض المرافق. قائلا: «يجب ضبط الموضوع وأن يعامل كل اللبنانيين بالتساوي وليتسنى للأجهزة الأمنية القيام بدورها بفعالية». واعتبر ترو أن رئيس الحكومة يقوم بدوره على أكمل وجه وهو يعرف كيف يعالج المشكلة، ورأى أن زيارته للمطار ليؤكد أن الحكومة جادة بموضوع بسط سلطتها على المطار ومنع الخروق الأمنية ومساعدة الأجهزة الأمنية في القيام بواجباتها على أكمل وجه، مشيرا إلى أن تنحي العميد شقير «سيفتح الباب أمام تعيينات أمنية بشكل واسع».

ورفض القيادي في «تيار المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش «استقالة مدير عام جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير قبل حصول التحقيق، لأنه يمكن أن تكون طريقا ما للهروب مما حصل»، مشددا على «وجوب إجراء تحقيق شفاف للوصول إلى حقيقة ما جرى». واعتبر أن «الأهم يبقى كيفية تسلل الشاب إلى أمن المطار»، مشيرا إلى أن «هذه الأحداث حدثت قبلا في بعض الدول، ولكن المشكلة أن لبنان موضوع تحت المجهر»، وأضاف أن «الأمن حول المطار ليس في يد السلطة الشرعية»، لافتا إلى «تأثير ما حدث من الناحيتين الأمنية والسياحية».

وطالب عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف بضرورة وجود جهاز واحد مسؤول عن أمن مطار «رفيق الحريري الدولي»، واصفا حال المطار الأمنية بـ«المعقدة جدا». وقال: «يجب أن يكون التنسيق أفضل بين جميع الأجهزة الأمنية، وأن تكون هناك مراقبة فاعلة، أي كاميرات في الخارج وليس الداخل، وغيرها من الأمور الأخرى التي تحفظ أمن المطار». وأضاف :«هناك أجهزة أمنية عدة مخولة بمهام مقتصرة عليها، لكن عند حدوث أي خلل كما حصل مع مقتل المواطن اللبناني في حادثة إقلاع الطائرة السعودية من المطار تتراشق هذه الأجهزة الأمنية بالمسؤوليات بين بعضها وتضيع (الطاسة)». ولفت إلى أن «حماية محيط المطار وسوره من مسؤولية جهاز أمن المطار (الجيش اللبناني)»، مؤكدا: «إننا طالبنا في فترة سابقة بضرورة وضع كاميرات مراقبة على المداخل المؤدية إلى المطار وليس داخله، بمعنى آخر من داخل المطار وعلى السور لتأمين الحماية اللازمة».

وفي المقابل، اعتبر وزير السياحة فادي عبود (المقرب من رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون) أن «الذي حصل في مطار بيروت على خلفية وجود جثة فراس حيدر المعلقة بعجلات الطائرة أمر نجده بكل بلدان العالم»، داعيا إلى «الكف عن المتاجرة بهذا الموضوع وغيره من المواضيع»، مشيرا إلى أن «العقل اللبناني لا يحب إلا نظريات المؤامرة ونحن على أبواب موسم سياحي وتحول الموضوع». وطالب عبود باحترام المسؤوليات واحترام البلد مشيرا إلى أن اجتماع المطار اليوم جاء بناء على طلب من وزارة السياحة مشيرا إلى أن الاجتماع مخصص قبل وقوع الحادثة وهو اجتماع لكيفية التنفيذ لبعض الأمور والنقاط كنت قد أثرتها سابقا في مجلس الوزراء».وأضاف: «قد تكون الرقابة الإلكترونية هي الأهم بموضوع أمن المطار وكانت لتخفف الحوادث الأمنية داعيا إلى تركيب كاميرات في المطار ليكون أكثر أمنا».