السودان: شريكا الحكم يوقعان على وثيقة «مبادئ عامة» لترتيبات ما بعد الاستفتاء

تعهدا بعلاقة جيدة بين الشمال والجنوب ومشاركة القوى السياسية

TT

تعهد شريكا الحكم في السودان (المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير، والحركة الشعبية بزعامة سلفا كير/ جنوب) باستمرار علاقات جيدة بين الشمال والجنوب مهما كانت نتيجة استفتاء السكان الجنوبيين على تقرير مصيرهم العام المقبل، ووقعا على وثيقة اتفاق على مبادئ عامة لترتيبات ما بعد الاستفتاء والدخول في مفاوضات مفصلة الأسبوع المقبل. واتفق فيه الشريكان على إشراك القوى السياسية في عملية ترتيب الاستفتاء. وبدأ الرئيس عمر البشير جولة اتصالات مع زعماء القوى السياسية المعارضة للتمهيد لاجتماع معهم يوم السبت المقبل.

وأشارت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الرئيس السوداني عمر البشير بدأ لقاءات مكثفة مع عدد من زعماء المعارضة تمهيدا لاجتماع لكل القوى السياسية ينعقد يوم السبت المقبل. وأجرى البشير لقاء مع زعيم «الحزب الاتحادي الديمقراطي» الأصل محمد عثمان الميرغني ثم لقاء مع رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، بينما رشحت تسريبات عن لقاء مع زعيم الحزب الشيوعي السوداني محمد إبراهيم نقد. وقالت المصادر إن «لقاءات البشير مع القادة المعارضين تركزت على الترتيبات الخاصة بدعوة القوى السياسية إلى اجتماع السبت للتفاكر حول نزاهة الاستفتاء وأولوية تحقيق الوحدة الطوعية».

وقال المهدي في تصريحات صحافية عقب لقائه البشير ببيت الضيافة «إن حزبه سيشارك في الاجتماع دون تحفظ، باعتبار أن الاستفتاء شأن قومي يتطلب من كل القوى السياسية الوطنية المشاركة في ضمان قيامه بصورة نزيهة وشفافة»، مبينا أن حزب الأمة القومي سيدخل الاجتماع بالرؤى التي يراها كوسيلة صحيحة لنزاهة الاستفتاء وترجيح خيار الوحدة الطوعية.

وفي السياق ذاته، اطمأن اجتماع مؤسسة الرئاسة بمشاركة الرئيس البشير ونائبه الأول سلفا كير ميارديت والثاني علي عثمان محمد طه، على تحسن الأوضاع الأمنية في جنوب السودان واستقرار الوضع الأمني والإنساني في دارفور وترتيبات دعوة رئاسة الجمهورية للقوى السياسية السودانية للمشاركة في الاجتماع التفاكري حول نزاهة الاستفتاء وأولوية الوحدة الذي يعقد بالخرطوم السبت المقبل. وقال وزير الدولة برئاسة الجمهورية ويك مايير إن الاجتماع أمن على ضرورة الإسراع في تنفيذ مقررات وتوجيهات وتوصيات ملتقى ولايات التمازج وإن الرئاسة وجهت حكومة الوحدة الوطنية وحكومة الجنوب والحكومات الولائية بضرورة تنفيذ تلك المقررات والتوصيات.

وأوضح المستشار الصحافي لرئيس الجمهورية، عماد سيد أحمد، أن الاجتماع تداول حول الدعوة التي ستقدم من رئاسة الجمهورية لقيادات القوى السياسية والشخصيات القومية للتفاكر حول ترتيبات ما بعد الاستفتاء وأن الاجتماع أمن على دعوة القوى السياسية الوطنية والشخصيات القومية للاجتماع الذي يعقد السبت بالخرطوم، مؤكدا أن رئاسة الجمهورية تتطلع إلى مشاركة القوى السياسية كافة في هذا الاجتماع. لكن الحركة الشعبية، وهي الشريك الثاني في الحكم، رحبت بتحفظ على الدعوة وتشككت حول هدفها، وقال لـ«الشرق الأوسط» نائب الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان: «هذا أمر جيد، فمن الطبيعى أن يتنادى قادة الأحزاب السودانية للتفاكر والتباحث في الحكم والمعارضة، وما يهمنا في هذه الدعوة أن لا تنحصر في قضية وحيدة قدمت بطريقة تخلو من المواهب ألا وهي - نفرة من أجل وحدة السودان - التي ترتكز على تكميم الأفواه والرقابة على الصحف والكتابة ذات الاتجاه الواحد التي بلغت الذروة الآن في السماح لرأى وحيد وتحديد من يسمح له بالكتابة وباللقاءات الصحافية وبالتصريحات ومنع آخرين بعينهم».

في غضون ذلك، وقع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على وثيقة حول ترتيبات ما بعد استفتاء جنوب السودان. ويعاود الشريكان، من خلال (4) لجان، بحث ترتيبات ما بعد الاستفتاء الثلاثاء المقبل بالخرطوم ولمدة أسبوع، بعد أن زودهما مجموعة من الخبراء الدوليين بأفكار ومقترحات بشأن قضايا المواطنة والجنسية والأمن والاقتصاد وإدارة الموارد الطبيعية وتكييف المعاهدات الدولية. ولعب وسيط مفاوضات السلام الجنرال سيزر سيمبويا، إلى جانب رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي الخاصة بالسودان، ثابو مبيكى، دور المسهلين في مفاوضات جوبا، وقال الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم للصحافيين: «نستطيع أن نقول الآن إننا جاهزون للانخراط في مفاوضات تفصيلية بروح جيدة»، وأشار إلى الطروحات والأفكار التي دفع بها فريق من الخبراء حول المواضيع محل التفاوض. وتمسك باقان بضرورة التأسيس لعلاقات تعاون في كلا الخيارين، سواء أفضى الاستفتاء إلى وحدة أم انفصال. ورأى القيادي بالمؤتمر الوطني، مطرف صديق أن روح اجتماعات جوبا تضع الشريكين أمام المحك وتلزمهما بابتدار مناقشة القضايا التفصيلية بـ«تعمق كامل وشفافية وحسن نية» - بحد قوله - واعتبر أنه تترتب عليهما مسؤولية كبيرة، وتابع «علينا الخروج بأفضل ما يتوقعه الشعب»، وأكد أن اتفاق المبادئ الذي تمّ توقيعه سيكون هاديا لعمل اللجان الأربع، وأعلن مطرف موافقتهم على إشراك القوى السياسية في ترتيبات ما بعد الاستفتاء بعد أن كان حزبه قد قطع في وقت سابق بعدم قبوله ذلك. وقال: «لسنا إقصائيين، والاستفتاء يهم الشعب كله ولا يعني الطرفين»، مؤكدا قبولهم مشاركة القوى السياسية حتى المعارضة إلى جانب المجتمع المدني، وأبان أن رؤساء المجموعات المفاوضة سيحددون كيفية مشاركتهم، وأكد مطرف احترامهم لخيار شعب الجنوب، وتابع: «نريد الوحدة، لكن إذا اختار الجنوبيون غير ذلك، فيتعين أن يكون ذلك الخيار أفضل من الحالي».

من جانبه، قطع رئيس حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، باستحالة التغلب على (20) مشكلة مرتبطة بترتيبات تقرير المصير قبيل موعد الاستفتاء في مطلع يناير «كانون الثاني» القادم، واقترح تكوين (مفوضية حكماء) ترحل إليها الملفات الخلافية، على أن تفرغ منها قبل عام 2012 دون أن تؤثر الخطوة على مواعيد الاستفتاء.