الاتحاد الأوروبي يعتزم إصدار وثيقة تدعو السودان للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية

واشنطن تتفهم أسباب عدم اعتقال تشاد للبشير

TT

يعتزم الاتحاد الأوروبي تقديم وثيقة جديدة توصي بدعوة السودان إلى التعاون كليا مع المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرتي توقيف بحق الرئيس السوداني، عمر البشير، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة في دارفور، فيما رفض الاجتماع الوزاري ومندوبو الاتحاد الأفريقي طلب المحكمة الجنائية فتح مكتب لها بأديس أبابا. وتراجعت الخارجية الأميركية خطوة، وأعلنت أنها تتفهم الأسباب التي دعت تشاد لعدم اعتقال البشير عندما زارها خلال قمة الساحل والصحراء.

وأجاز سفراء دول الاتحاد الأوروبي وثيقة يعتزم الاتحاد الأوروبي طرحها على وزراء الخارجية في اجتماعهم بعد غد الاثنين في بروكسل للمصادقة عليها. وأكدت الوثيقة أن «جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة هي التي تثير أكبر قلق لدى المجتمع الدولي، وأنه لا يمكن قبول التهرب من معاقبة هذه الجرائم». وجدد الاتحاد الأوروبي في الوثيقة دعمه للمحكمة الجنائية الدولية، ودعا الحكومة السودانية إلى التعاون كليا معها طبقا لالتزاماتها الدولية. ويدعو الاتحاد الأوروبي كل الأطراف السودانية إلى تسريع استعدادات الاستفتاء حول تقرير مصير الجنوب المقرر في يناير (كانون الثاني) 2011 في إطار اتفاق السلام الذي وضع حدا في 2005 لعقدين من الحرب الأهلية بين شمال وجنوب البلاد.

ويأتي هذا الإنذار الأوروبي في حين يوجد الرئيس السوداني حاليا في تشاد للمشاركة في قمة إقليمية. وأثار قرار تشاد عدم توقيف عمر البشير بهذه المناسبة جدلا حادا لأن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت بحقه مذكرتي توقيف بتهمة جرائم حرب وضد الإنسانية والإبادة في دارفور، غرب السودان، حيث تدور حرب أهلية منذ سبع سنوات.

وفي هذا السياق، أعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده لإرسال بعثة مراقبين إلى الاقتراع، معربا عن قلقه من «القمع السياسي المتزايد» في البلاد، ومن «تدهور الحقوق المدنية والسياسية» في كل أنحاء السودان، وأشار الاتحاد الأوروبي خصوصا إلى إغلاق عدد من الصحف مؤخرا واعتقال صحافيين.

إلى ذلك، أعلنت الولايات المتحدة أنها تدعم تحسين العلاقات بين تشاد والسودان، مشيرة إلى أنها تتفهم سبب عدم اعتقال أنجمينا الرئيس السوداني عمر البشير. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي إن دبلوماسيا أميركيا بحث مع عدد من الزعماء الأفارقة موضوع زيارة البشير، وأشار إلى أن تحسن العلاقات بين الخرطوم وأنجمينا هو «تطور إيجابي». وأضاف أن «تحسن العلاقات بين تشاد والسودان سيكون له تأثير إيجابي على الأرض بما في ذلك في دارفور». وأوضح «ذكرنا تشاد بمسؤولياتها بوصفها موقعة على وثيقة روما»، وأن عليها أن «تواصل احترام التزاماتها تجاه المحكمة الجنائية الدولية». وانتقد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ (الجمعة) المحكمة الجنائية الدولية التي قال إنها تكيل بمكيالين وتتحامل على أفريقيا.

وغادر البشير أنجمينا أمس، فيما أخذ المشاركون في القمة استراحة من الاجتماعات، من دون أن يتحدد موعد استئنافها. وقبل أن يغادر أنجمينا، عقد البشير خلوة مع نظيره التشادي إدريس ديبي. وكان الجانبان التقيا بعيد وصول الرئيس السوداني بعد ظهر الأربعاء. وفي أنجمينا، أقام البشير في فيلا الرئيس التشادي المجاورة للمطار في ظل تدابير أمنية مشددة اتخذها الجانبان التشادي والسوداني.

من جهة أخرى، رفض الاجتماع الوزاري ومندوبو الاتحاد الأفريقي طلب المحكمة الجنائية بفتح مكتب لها بأديس أبابا، وناقش الاجتماع الذي سيرفع تقريره للرؤساء بعد غد في كمبالا قضايا السودان ودارفور ومفاوضات السلام والاستفتاء والمحكمة الجنائية الدولية، وشارك السودان في الاجتماع بوفد برئاسة سفير السودان في الاتحاد الأفريقي والسفير السوداني في كمبالا. ودعا الاجتماع إلى ضرورة أن يكون الاستفتاء في السودان حرا ونزيها. وقال سفير السودان بأوغندا حسين عوض علي في تصريحات إن الاجتماع الوزاري والمندوبين لدى الاتحاد الأفريقي ناقش عددا من القضايا، منها طلب المحكمة الجنائية بفتح مكتب لها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وإن الدول التي شاركت في الاجتماع أجمعت على رفض طلب فتح مكتب للمحكمة بأديس أبابا. وأضاف أن الرؤية كانت واضحة بعدم فتح المكتب وأن يتم رفع التوصية إلى القمة لمناقشة الرفض. وتابع «الموضوع متروك للقمة للبت فيها».

وكشف السفير السوداني أن الاجتماع ناقش أزمة دارفور ومفاوضات الدوحة، وأكد المجتمعون على ضرورة انسياب المساعدات الإنسانية ودعم قوات اليوناميد بدارفور، وضرورة التوصل لسلام دائم وشامل بدارفور بمشاركة كل الحركات.

وقال مصدر في المحكمة الجنائية الدولية لـ«الشرق الأوسط» إن لدى المحكمة مكاتب في الدول التي تجرى فيها تحقيقات بأمر من قضاة المحكمة. وأضاف أن الدول التي فيها مكاتب للمحكمة هي أوغندا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، والكونغو الديمقراطية. وقال إنه لتعثر الدخول إلى السودان تم فتح مكتبين في تشاد بالعاصمة أنجمينا ومدينة أبشي الحدودية، لوجود لاجئين من دارفور شرق البلاد. وأشار المصدر إلى أن الدول الأطراف في المحكمة الجنائية لديها مكتب في نيويورك، وقال «ربما كان هناك اتجاه لفتح مكتب تنسيق بين المحكمة والاتحاد الأفريقي الذي يتخذ من أديس أبابا مقرا له».

من جهته، انتقد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ أمس المحكمة الجنائية الدولية التي قال إنها تكيل بمكيالين وتتحامل على أفريقيا. وقال بينغ للصحافيين عشية قمة الاتحاد الأفريقي في كمبالا «نحن لسنا ضد المحكمة الجنائية، ونشكل أغلبية (من الموقعين على وثيقة تأسيسها)، لكننا نقول إن أحكامها تبدو أحكاما تكيل بمكيالين، وتتضمن تحاملا على أفريقيا». والبشير مدعو للمشاركة في قمة الاتحاد الأفريقي في كمبالا، لكن دبلوماسيين يتوقعون عدم مشاركته.

ولام جان بينغ المحكمة الجنائية والمدعي العام للمحكمة لوي مورينو أوكامبو لأنهما لا يركزان سوى على الجانب القانوني بالنسبة للوضع في السودان من دون اعتبار لضرورة الحفاظ على السلام، خصوصا مع اقتراب موعد تنفيذ استفتاء حاسم بشأن جنوب السودان. وقال بينغ «علينا أن نجد وسيلة لكي يعمل الكيانان (شمال وجنوب السودان) معا، ولتفادي اندلاع الحرب مجددا، وهذا ما نفعله، لكن أوكامبو لا يأبه لذلك». وأضاف «كل ما يريده هو توقيف البشير، فليوقفه إذن». وذكر بينغ أن «أغلبية الدول الأفريقية قررت عدم تطبيق سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها المحكمة الجنائية الدولية» إزاء أفريقيا.