الهند تعرض استخدام أراضيها لتعكر التوافق الباكستاني ـ الأميركي

إسلام أباد بلغت أن الهند وإسرائيل قد تستغلان التوتر لضرب منشآتها النووية

TT

أفادت مصادر مطلعة أن نيودلهي عرضت على الولايات المتحدة استخدام القواعد العسكرية الهندية في شن الهجمات الانتقامية المحتملة ضد قواعد تنظيم «القاعدة» التابع لأسامة بن لادن في أفغانستان. ورأى مراقبون أن العرض الهندي جاء ليعكر أجواء التوافق الباكستاني ـ الأميركي الأخير حول التعاون المشترك لمكافحة الإرهاب. وكان الرئيس الباكستاني برويز مشرف قد أعرب في الآونة الأخيرة للوفد الأميركي الذي زاره في اسلام اباد عن تحفظ باكستان حول التعاون المحتمل بين الولايات المتحدة اذا اشتركت كل من الهند واسرائيل في العمليات العسكرية التي تعتزم القوات الأميركية شنها في الأيام المقبلة. وكانت تقارير قد اشارت الى ان الجنرال مشرف وافق على التعاون مع اميركا لانه ابلغ بأن الهند واسرائيل قد تستغلان فرصة التوتر لضرب المنشآت النووية الباكستانية.

ولم يناقش المسؤولون الهنود بشكل علني قرارهم الذي توصلوا إليه خلال اجتماع لمجلس الوزراء حول الامن بعد اقل من يومين من الهجمات الأخيرة على الولايات المتحدة، خشية إثارة مشاعر الأقلية الإسلامية في الهند على ما يبدو. وقد أبلغ المسؤولون الهنود الولايات المتحدة أنهم سيسمحون للقوات والمعدات الأميركية بالوجود على الأراضي الهندية بصفة مؤقتة، في حال تقدمهم بمثل هذا الطلب. وبالرغم من ان المسؤولين الهنود ذكروا ان الولايات المتحدة لم تطلب رسميا استخدام التسهيلات الهندية، فان مسؤولين ومحللين عسكريين غربيين رأوا أن هذا العرض سيمنح القوات الأميركية دعما مهما في حال امتنعت اسلام اباد عن الاستجابة والسماح للأميركيين باستخدام القواعد والأجواء الباكستانية.

وبدا أن العرض الهندي صيغ بحيث يبدو أحسن للأميركيين من الموقف الباكستاني، إذ لم تشترط الهند سوى توقيت المدة، في حين اشترطت اسلام اباد أن تكون القوات المعنية متعددة الجنسيات وتضم ممثلين من الدول الإسلامية. وقال مسؤول هندي في هذا الصدد «لقد قدمنا دعما واضحا وغير مشروط لأية تحركات يمكن ان تتخذها الولايات المتحدة للتعامل مع مشكلة الارهاب الدولي».

لكن وجود القوات الاميركية في الهند سيمثل تحديا لباكستان، لعدم وجود حدود بين الهند وافغانستان، مما يستدعي مرور أية قوات أميركية محتملة عبر الأجواء الباكستانية في حال أرادت شن هجماتها ضد مواقع بن لادن.

واوضح مسؤولون أميركيون أن أهمية العرض الهندي تكمن فيما توفره القواعد الجوية الهندية من إيواء للمقاتلات الأميركية واعادة تموين القاذفات طويلة المدى بالوقود، كما أن اجهزة الاستخبارات الهندية التي تابعت لمدة طويلة الجماعات الإسلامية في أفغانستان وفي كشمير قد تساعد الأميركيين بمعلومات «قيمة». وذكر المسؤولون الهنود انهم قدموا بالفعل للولايات المتحدة تقارير استخبارية عدة عن حركة طالبان الأفغانية وعن معسكرات جماعة بن لادن في أفغانستان.

وفي حال سمحت الهند للقوات الأميركية باستخدام قواعدها العسكرية، فإن ذلك سيكون سابقة في التاريخ الهندي. وقال مسؤول أميركي في هذا الصدد «بعد 72 ساعة فقط من الهجوم (على نيويورك وواشنطن)، ألغت الهند سياسة استمرت لعقود طويلة فيما يتعلق بالتعاون مع الولايات المتحدة». وخلال حرب الخليج، كانت الهند قد سمحت للطائرات الاميركية بإعادة التمويل بالوقود في قواعد بالمحيط الهادئ، مما أثار انتقادات داخلية كبيرة.

وقد بدا المسؤولون الأميركيون قلقين إزاء الرفض الشعبي الباكستاني الشديد للتعاون مع الولايات المتحدة من جهة وإزاء الترسانة النووية الباكستانية من جهة أخرى.

وقد يثير الوجود الأميركي سواء في باكستان أو الهند ردود أفعال غاضبة لدى كل من الشعبين الباكستاني والأفغاني، وهو ما قد يصنع «السيناريو الكابوس» في المنطقة وفق ما يراه ايفو دالدر المساعد السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي.

* خدمة «واشنطن بوست» و«لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»