الصومال: معارك دموية بين قوات إقليم بونت ومقاتلي حركة الشباب

حاكم إقليم بونت: قتلنا 13 من عناصر الحركة

TT

اندلعت معارك عنيفة أمس الاثنين في المرتفعات الجبلية «غال غالا» القريبة من مدينة بوصاصو العاصمة التجارية لإقليم بونت بشمال شرقي الصومال، بين متمردي جماعة إسلامية تخطط لتأسيس إمارة إسلامية في شمال شرقي البلاد، وقوات الأمن التابعة لحكومة بونت. وأكد حاكم بونت، عبد الرحمن فارولي، في مؤتمر صحافي عقده أمس في مدنية جاروي، العاصمة الإدارية للإقليم، أن قواته حققت نصرا عسكريا في القتال، واكتسحت مواقع المسلحين، وأنها استولت على معظم المعاقل التي كانوا يتحصنون فيها، وقال «قتلت قوات الأمن في بونت 13 مسلحا على الأقل من حركة الشباب، التي تسيطر على معظم أقاليم جنوب ووسط الصومال وأجزاء من العاصمة مقديشو، من بينهم شخصيات قيادية، وتم إلقاء القبض على عدد آخر بينهم قائد كبير ينتمي لحركة الشباب» على حد تعبيره.

وأضاف فارولي «نفذت قوات الأمن هذه العملية بعد أن هاجم مسلحون إسلاميون مواقع تابعة لقوات الأمن». وكانت حكومة بونت قد أعدت مئات من قوات الشرطة وقوات الدراويش وقوات مكافحة الإرهاب المعروفة لشن هجوم كبير على مخابئ المتشددين في جبال غال غالا؛ لكن المسلحين بادروا بشن الهجوم. وجرى القتال في بلدات غال غالا ولاك وكرن والمنطقة الجبلية الواقعة على بعد نحو 35 كم جنوب مدينة بوصاصو، وكان المسلحون الإسلاميون قد شنوا هجوما مفاجئا على قوات بونت التي كانت تستعد لشن هجوم على معاقل المسلحين. واعترف حاكم بونت بوقوع خسائر بشرية في صفوف قوات الأمن، وقال «العملية بدأت في وقت مبكر من صباح الاثنين، وفقدنا خلالها 3 من جنودنا، وأصيب 7 آخرون» وأفادت مصادر مستقلة وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن المسلحين الإسلاميين استولوا على أسلحة وعتاد عسكري من جنود بونت، وأنهم يسيطرون حاليا على معظم مواقع القتال، فيما تراجعت قوات بونت باتجاه مدينة بوصاصو. وأضافت المصادر «أن 7 جنود من أفراد قوات الأمن لقوا مصرعهم جراء هذا القتال، وأصيب 18 آخرون من بينهم عناصر تابعة لأجهزة الاستخبارات المحلية (بي اي إس)». هذا ولا تعرف الخسائر في صفوف المسلحين الإسلاميين الذين لا يزالون يتحصنون في الجبال. وكانت بونت قد كشفت قبل أيام للمرة الأولى عن وجود خلايا مسلحة من حركة الشباب في الإقليم، تخطط لتنفيذ هجمات في مدن بونت، وأن ميليشيات القيادي محمد سعيد أتم، الموجودة في المناطق الجبلية قرب مدينة بوصاصو تنتمي لحركة الشباب.

ويعد هذا القتال الأول من نوعه في إقليم بونت بين قوات الأمن ومسلحي جماعة سعيد أتم – وهو أحد زعماء الجماعات الإسلامية المسلحة – التي تتهم بأنها ذراع لحركة الشباب المجاهدين، التي تحارب من أجل الإطاحة بالحكومة الصومالية في مقديشو بالأسلحة. وكان زعيم هذه الجماعة يمارس منذ سنوات تهريب الأسلحة بطريقة غير مشروعة ما بين اليمن والصومال. وكان يجمع ميليشيات مسلحة لا يعرف عددها الحقيقي في مرتفعات جبال غال غالا، وهي منطقة جبلية وعرة تقع شرق مدينة بوصاصو، لا يمكن الوصول إليها بسهولة.

وهناك مخاوف كبيرة من أن تتحول منطقة غال غالا الجبلية بشمال شرقي الصومال إلى ملاذ آمن للجماعات الإسلامية المسلحة، حيث كان سعيد أتم يجمع منذ سنوات مسلحين إسلاميين متشددين في جبال ومرتفعات غال غالا التي تعد منطقة ذات أهمية كبيرة باعتبارها منطقة جبلية، لا يمكن الوصول إليها بسهولة، إلا عن طريق المواصلات البدائية، وكان يحلم منذ فترة بإقامة إمارة إسلامية فيها. يشار إلى أن سعيد أتم قد ورد أيضا في لائحة المتهمين بانتهاك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على الصومال في عام 1992، وضمن قائمة الشخصيات المطلوبة من قبل مجلس الأمن الدولي ويعتقد أنه المورد الرئيسي للأسلحة لحركة الشباب.

وفي العاصمة مقديشو تجددت الاشتباكات بين قوات الحكومة الصومالية ومقاتلي حركة الشباب، ودارت المواجهات في أحياء شيبس وبونطيري، بشمال شرقي مقديشو. وأكدت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» مقتل أكثر من 11 مدنيا على الأقل، وجرح نحو 48 آخرين، معظمهم سقطوا جراء قصف مدفعي كثيف قامت به قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام. وقد هددت حركة الشباب بالاستيلاء على القصر الرئاسي قبل الجمعة المقبل. وقال الشيخ مختار روبو أبو منصور القيادي البارز في حركة الشباب «هدفنا التالي هو الاستيلاء على القصر الرئاسي، سنصلي الجمعة المقبلة في فيلا صوماليا (قصر الرئاسة)». ودعا أبو منصور مقاتلي حركة الشباب إلى مواصلة الزحف للاستيلاء على القصر الرئاسي وقواعد قوات الاتحاد الأفريقي. ووجهت حركة الشباب دعوة للسكان لتسجيل أنفسهم كمقاتلين متطوعين للانضمام إلى القتال الجاري. وقالت الحركة إنها فتحت مراكز لتسجيل المتطوعين، ومعسكرات لتدريب المقاتلين الجدد، لضمهم إلى القتال لاحقا. وتجري هذه الحملات لتجنيد السكان في معظم المدن التي تسيطر عليها حركة الشباب بجنوب البلاد.

في هذه الأثناء، قال وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمن عمر عثمان (يريسو) إن فرص بقاء الحكومة الانتقالية ضئيلة جدا، إذا لم يتحرك المجتمع الدولي لإنقاذ الصومال على وجه السرعة. ووصف يريسو وضع الحكومة الانتقالية في الوقت الراهن بالموشك على الانهيار نتيجة الضربات المتتالية من حركة الشباب التي يواصل مقاتلوها الزحف نحو القصر الرئاسي وباتوا على مرمى حجر منه. وقال يريسو في تصريح صحافي أدلى به في نيروبي «الحكومة تعيش حالة استثنائية تستوجب تعزيز القوات الأفريقية في مقديشو». ودعا إلى ضرورة تحرك المجتمع الدولي بسرعة لإنقاذ الصومال ولمواجهة الجماعات الرافضة للسلام والاستقرار في المنطقة، على حد وصفه. وذكر الوزير أنه في حال لم يتم إرسال مزيد من القوات الأفريقية إلى الصومال بسرعة، ولم يتم كذلك توسيع صلاحية تلك القوات لتشمل مهاجمة معاقل المسلحين الإسلاميين واستعمال القوة لحماية مؤسسات الحكومة الصومالية، فإن فرص بقاء الحكومة ستكون ضئيلة جدا.