قيادات كردية: أهداف سياسية وراء تشجيع العرب على شراء الدور والأراضي في كركوك

شبهوا ما يجري بسياسات «التعريب» التي انتهجها صدام

TT

أبدت قيادات كردية في محافظة كركوك مخاوفها من ازدياد وتيرة هجرة عرب جنوب ووسط العراق إلى المدينة مع اقتراب موعد الإحصاء السكاني في العراق المتوقع إجراؤه في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وأكد رئيس الكتلة الكردية في مجلس إدارة محافظة كركوك محمد كمال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أهدافا سياسية تقف وراء تشجيع البعض من عرب المحافظات العراقية الأخرى على تملك الأراضي والدور السكنية في المحافظة بشرائها من أصحابها الكرد»، مشبها ذلك «بنفس سياسات رئيس النظام السابق صدام حسين» الذي سعى إلى تعريب المدينة. وقال «هناك عدد كبير من المهجرين بسبب الحرب الطائفية التي اندلعت في العراق خلال السنوات الماضية، ومعظمهم من سكان محافظات بغداد وديالى والأنبار وصلاح الدين قد لجأوا إلى كركوك بحثا عن مناطق آمنة، وقد رحبنا بهم باعتبارهم ضيوفا علينا، ولكننا لاحظنا أن هؤلاء وغيرهم يعمدون الآن إلى الاستقرار الكامل في المحافظة عن طريق شراء الدور والأراضي والعقارات، وهذا يثير مخاوفنا، خصوصا أننا نقترب من موعد إجراء الإحصاء السكاني العام في العراق، ونخشى أن تستغل هذه العملية لتكرار ما حصل في الموصل عندما ازداد عدد سكانها أضعاف ما تم تثبيته في سجلات الناخبين».

وفي رده على سؤال من «الشرق الأوسط» بأن تثبيت الانتماء إلى أي محافظة أثناء الإحصاء السكاني سيحتاج إلى سجلات أحوال مدنية وإلى مستمسكات قانونية، أجاب كمال «المشكلة أن نسبة 57% من الموظفين المكلفين بإجراء الإحصاء في كركوك هم من عرب المدينة، ولهذا نخشى أن يتجاوز هؤلاء على القوانين فيما يتعلق بالمستمسكات الثبوتية، ولذلك أطالب بأن يتم اعتماد سجلات الأحوال المدنية وبطاقة الأحوال المدنية وكذلك البطاقة التموينية وبطاقة السكن للتثبت من انتماء المواطنين إلى المحافظة، وأن يتم إدراج هؤلاء المهجرين بحقل (الضيف) عند إجراء الإحصاء السكاني». وأشار رئيس الكتلة الكردية بمجلس إدارة المحافظة إلى «أننا نشعر بمخاطر كبيرة من هذا التزايد غير الطبيعي في أعداد العرب بالمحافظة».

لكن قياديا في حركة التغيير المعارضة وهو أيضا عضو بمجلس إدارة المحافظة أكد «أن العملية لم تتحول بعد إلى ظاهرة تثير الخوف، فإن اتجاه 50 - 60 شخصا لشراء الدور والأراضي لا يثير المخاوف». وأكد آوات محمد عضو حركة التغيير «أنا لا أعتقد أن تكون هناك أهداف سياسية من وراء هذه الحالات، فعملية بهذا الحجم تحتاج إلى أموال طائلة، ويجب أن نعرف من هي الجهة التي تخصص مثل هذا المبلغ، وما الهدف من وراء ذلك، كما أعتقد أن شراء أو بيع عدد محدود من الدور والأراضي لن يؤثر على عملية الإحصاء السكاني، لأن عمليات الترقيم والحصر قد حسمت هذا الأمر، وبقيت عملية العد التي ستبدأ مع الإحصاء السكاني في الموعد المحدد، حينذاك يُسجل فقط الأشخاص المنتمون إلى المحافظة، لأن هذا الأمر سيحتاج إلى إبراز الأوراق والمستمسكات الثبوتية، وهذا عرف متبع في جميع الإحصاءات التي تجري في العالم». ونفى محمد أن تكون هذه المسألة قد بحثت في اجتماعات مجلس إدارة المحافظة، مشيرا إلى «أن العملية كما ذكرت لم تتحول إلى ظاهرة نتوقف عندها واتخاذ الإجراءات المضادة لها».

من جهته يرى الباحث يوسف كوران المتخصص بالدراسات الاستراتيجية «أن الظاهرة ليست جديدة، فهي موجودة منذ عدة سنوات، وهناك الكثير من عمليات البيع والشراء تجري في المحافظة على أساس أنه يحق لأي مواطن عراقي في أي مكان كان أن يشتري دورا وأراضي باعتبار ذلك من حقه الدستوري، وفي البداية لم تعترض مجالس إدارات المحافظات على ذلك، ولكن يبدو أن الأمر قد خرج الآن عن نطاق سيطرة مجلس محافظة كركوك، حيث هناك زيادة كبيرة في هذه العمليات». لكن كوران أشار في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن هناك مخاطر سياسية وأمنية من ازدياد هذه الحالة، فمن الناحية السياسية ستعرقل العملية تطبيق المادة 140 الخاصة بكركوك، وهي مادة تهدف إلى تطبيع أوضاع المحافظة، وهذه المادة في الأساس يسير تنفيذها ببطء شديد، وأن تزايد عمليات الشراء والبيع ستسهم في تعقيد أوضاع التطبيع لما ستخلفه من مشكلات لتغيير الواقع الديموغرافي، فنحن حتى الآن لم نستطع تطبيع أوضاع المحافظة وفقا لتلك المادة، وأنا أعتقد أن استمرار هذه الحالة سيضع عبئا آخر على سير عملية التطبيع. ومن الناحية الأمنية فنحن نعرف أن الوافدين أو المهجرين جاءوا بمعظمهم من محافظات الوسط مثل ديالى والرمادي وهؤلاء غير معروفين لدى الأجهزة الأمنية، ولا يمكن والحالة هذه التحقق من انتماءاتهم السياسية وهذا في حد ذاته يشكل خطورة على الوضع الأمني الهش أساسا في المحافظة». وأشار الباحث كوران إلى أن «هناك معلومات تشير إلى أن أحزاب سنية وشيعية تشجع عملية شراء الدور والأراضي جنوب المحافظة، لذلك أعتقد أن جهات سياسية تقف وراء هذه العملية بهدف تغيير الواقع الديموغرافي للمحافظة».