طهران: مستعدون للتفاوض حول الملف النووي.. ومسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر التفاصيل

وزير الدفاع الإسرائيلي: الإيرانيون يكسبون الوقت.. وندعو إلى عدم استبعاد أي خيار لمواجهتهم

إيرانيون يرددون شعارات مناوئة لإسرائيل لدى حضورهم صلاة الجمعة التي أقيمت في جامعة طهران، أمس (رويترز)
TT

أعلنت إيران، أمس، استعدادها لبدء مفاوضات على الفور مع الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا حول تبادل الوقود النووي، إلا أنها شددت في الوقت نفسه على أنها «لن تتنازل» عن حقها في التخصيب، ولكنها قد تعلقه على مستوى أعلى لعدة سنوات إذا أمكن التوصل إلى اتفاق لمبادلة الوقود. وبينما أعربت الصين عن رفضها العقوبات الأوروبية التي فرضت مؤخرا على طهران، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك العقوبات غير كافية، داعيا «الأصدقاء» إلى عدم استبعاد أي خيار لمواجهة الطموحات النووية الإيرانية.

وقال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة النووية، علي أكبر صالحي، متحدثا لوكالة «مهر»: «نحن مستعدون لبدء مفاوضات مع الجانب الآخر اعتبارا من الأيام المقبلة»، حول تبادل الوقود النووي.

وأدلى صالحي بتصريحاته ردا على إعلان الولايات المتحدة، الأربعاء، احتمال عقد اجتماع مقبل حول هذه المسألة. وقالت وزارة الخارجية الأميركية: «نحن مستعدون تماما لمواصلة المفاوضات مع إيران حول تفاصيل عرضنا الأولي فيما يتعلق بمفاعل الأبحاث في طهران». غير أن صالحي أكد أنه من غير الوارد بالنسبة لإيران أن تعد بوقف تخصيب اليورانيوم، ولكنه أضاف أنه يمكن تعليق التخصيب الأعلى درجة. وقال إن «التخصيب بنسبة 20 في المائة حقنا، ولن نتنازل أبدا عن هذا الحق. لكن على الرغم من هذا الحق ولأن الحاجة إليه لن يتم الشعور بها (في حال تبادل الوقود) لا توجد ضرورة للقيام به»، مضيفا: «نفضل تأمين الوقود لمفاعل طهران من الخارج لأن إنتاجه محليا غير اقتصادي».

ومن جانبها، تعاملت الإدارة الأميركية بحذر مع التصريحات الإيرانية باستعدادها استئناف المحادثات حول برنامجها النووي مع الدول الكبرى. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «علينا أن ننتظر ونرى المزيد من التفاصيل» حول الرد الإيراني.

وتعتبر الإدارة الأميركية تصريحات سابقة لإيران بالاستعداد للمحادثات لم تكن «جدية» في السابق، لذلك لا تريد أن تستبق الأمور برد مباشر على التصريحات الإيرانية الأخيرة.

ويأتي الاستعداد الإيراني للحوار بعد أسابيع من التشنج مع إصدار عقوبات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا ضد إيران. واعتبر المسؤول أن «الهدف من وراء الضغط هو الوصول إلى حل» للملف النووي، مضيفا: «لهذا السبب أبقينا خيار الحوار مفتوحا». وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ترفض تحديد «شروط» لاستئناف المحادثات، فإن مسؤولين أميركيين أبدوا رغبة في إظهار إيران حسن نية وجدية من خلال «خطوات إيجابية» قبل بدء محادثات جديدة.

وكانت مجموعة الدول الست (الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والصين، وألمانيا) قد عرضت في أكتوبر (تشرين الأول) 2009 على إيران مبادلة قسم من مخزون اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 5.3% مقابل وقود مخصب بنسبة 20% يتم إنتاجه في الخارج ويخصص لمفاعل طهران للأبحاث الطبية.

غير أن طهران رفضت هذا العرض الذي قدمته مجموعة فيينا برعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقدمت بدورها في مايو (أيار) عرضا مضادا برعاية تركيا والبرازيل ينص على إرسال 1200 كلغ من اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 5.3% إلى تركيا، حيث يتم تخزينه في انتظار تلقي 120 كلغ من الوقود لمفاعل طهران.

وتجاهلت الدول الست هذا العرض الإيراني، وأفضت جهود واشنطن لإقناع شركائها بتشديد الضغط الدبلوماسي إلى إقرار عقوبات جديدة بحق إيران في الأمم المتحدة.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، أن واشنطن تدرس الرد الإيراني على أسئلة مجموعة فيينا حول عرضها المضاد. وتخصيب اليورانيوم في صلب الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني. ويوضح الخبراء أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وهي نسبة تقتصر استخداماتها على المجال المدني، يسمح لطهران بالاقتراب نظريا من عتبة التخصيب بنسبة 90% المستخدم في صنع السلاح الذري.

إلى ذلك، ضمت الصين صوتها، أمس، إلى صوت روسيا لـ«التنديد بالعقوبات الأحادية الجانب»، التي أقرها الاتحاد الأوروبي الاثنين الماضي.

وقالت الصين إنها لا توافق على عقوبات جديدة أشد فرضها الاتحاد الأوروبي على إيران ورحبت بعرض إيران العودة دون شروط للمفاوضات بشأن اتفاق لتبادل الوقود النووي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، جيانغ يو، إن الصين ما زالت تأمل في حل الأمور الشائكة التي تحيط بطموحات إيران النووية من خلال المفاوضات.

وأضافت جيانغ، في بيان نشر بموقع الوزارة على الإنترنت: «الصين لا توافق على عقوبات الاتحاد الأوروبي من جانب واحد على إيران.. نأمل أن يمكن لجميع الأطراف ذات الصلة دعم حل دبلوماسي وحل المسألة النووية الإيرانية بصورة ملائمة من خلال الحوار والمفاوضات». وأدانت الصين أيضا الولايات المتحدة في وقت سابق من الشهر الحالي لفرضها عقوبات من جانبها على إيران، وقالت إن واشنطن لا ينبغي أن تتخذ مثل هذه الخطوات من جانب واحد خارج قرارات مجلس الأمن.

وقالت جيانغ في بيانها إنها ترحب بعرض إيراني جديد لبحث اتفاق وقود لمفاعل في طهران وتأمل أن يفيد في الجهود لحل «المسألة النووية الإيرانية من خلال الحوار والمفاوضات».

وفي سياق متصل، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أن العقوبات التي أقرتها الأمم المتحدة بحق إيران لن تجدي في حمل طهران على وقف برنامج تخصيب اليورانيوم.

وقال باراك متحدثا لشبكة «إم إس إن بي سي» الأميركية إن إيران «مصممة على امتلاك الأسلحة النووية، هذا واضح، ولا أعتقد أن العقوبات ستكون مجدية». وتابع الوزير أنه في حال لم تأت العقوبات بنتيجة «ننصح أصدقاءنا بعدم استبعاد أي خيار. هكذا نفكر نحن». لكنه أشار إلى أن بلاده مستعدة رغم تشكيكها، لإمهال المجموعة الجديدة من العقوبات الدولية ضد إيران بعض الوقت لرؤية ما إذا كانت ستأتي بأي نتيجة. وقال «نعتقد أن الوقت ما زال مناسبا لفرض العقوبات.. ولرؤية ما إذا كانت مجدية، لكن علينا أن ندرك أنه لا يمكننا أن نغمض أعيننا حيال وقائع قاسية جدا».

وأعرب باراك عن ارتياحه لإقرار العقوبات الدولية الجديدة، لكنه أبدى في المقابل أسفه لـ«التخفيف من حدة (النص) من أجل حشد دعم واسع».

كما حذر باراك من أن إيران سبق أن سعت في الماضي إلى كسب الوقت. وقال إن الإيرانيين «يتقدمون، ويتوقفون، ويفتحون، ويغلقون، يقومون بخطوتين يمينا، ثم يتقدمون، يتراجعون. إنهم مصممون على حيازة أسلحة نووية».