مبارك وبيريس بحثا توفير الأجواء المواتية لإطلاق العملية التفاوضية

الرئاسة المصرية: على إسرائيل بناء الثقة في الضفة الغربية وقطاع غزة

صبي فلسطيني يجمع الحطب من أمام أحد الانفاق في مدينة رفح الحدودية مع مصر (رويترز)
TT

استقبل الرئيس المصري حسني مبارك أمس الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، في إطار المساعي الجارية التي تبذلها أطراف المنطقة لاستئناف مفاوضات جادة لتحقيق السلام. وقالت الرئاسة المصرية إن على إسرائيل بناء الثقة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير سليمان عواد، ردا على سؤال، أن المباحثات لم تتطرق إلى الوضع في لبنان مؤكدا أن المفاوضات ركزت على عملية السلام على الجانب الفلسطيني.

وقال إن الرئيس مبارك استقبل الرئيس بيريس في إطار الجهود المستمرة لكل الأطراف الإقليمية والدولية لإحياء عملية السلام والشروع في مفاوضات جادة تنتقل إلى التفاوض المباشر بعد تهيئة الأجواء المواتية التي تكفل نجاح هذه المفاوضات وتحقيق سلام طال انتظاره بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وقال عواد إن مشاورات الرئيس مبارك مع بيريس استمرت ساعة ونصف الساعة، وإنها تأتي لمتابعة الاتصالات التي أجراها الرئيس مبارك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيرا ومع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ومع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والإدارة الأميركية، مضيفا أن الهدف من هذه المشاورات هو أن تظل عملية السلام جادة وأن تكون المفاوضات في إطار زمني محدد وفق مرجعيات واضحة.

وأوضح السفير عواد أن مشاورات الرئيس مبارك مع الرئيس الإسرائيلي أعقبها مأدبة غداء تم خلالها استكمال التشاور حول الوضع الإقليمي فيما يتعلق بعملية السلام، قائلا إن الرئيس مبارك ركز في مشاوراته على وجود رغبة أكيدة في التوصل إلى سلام بإطلاق مفاوضات مباشرة بعد أن أعطت لجنة المتابعة العربية الضوء الأخضر للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) للانتقال من التفاوض غير المباشر إلى التفاوض المباشر، وتأكيد الرئيس مبارك على ضرورة أن تكون هذه المفاوضات جادة ومستمرة وذات إطار زمني محدد ومرجعيات واضحة، وكذا ضرورة توفير الأجواء المواتية لإطلاق هذه العملية التفاوضية.

وأشار عواد إلى أن هناك الكثير من الاستحقاقات على الأرض في إطار الإجراءات المطلوبة من إسرائيل من قبيل بناء الثقة سواء في الضفة الغربية مثل وقف الاقتحامات ورفع الحواجز وتسهيل انتقال المواطنين وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وهناك أيضا استحقاقات بناء الثقة المطلوبة في قطاع غزة مثل إنهاء حالة الحصار الذي يسبب معاناة لأكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني هم سكان القطاع.

وقال عواد إن العنصر الثالث بعد المرجعيات الواضحة والإطار الزمني الواضح وبعد تهيئة الأجواء لإجراء مفاوضات جادة لبناء الثقة يتمثل في إطلاق هذه المفاوضات حيث لا بد أن يتوقف الجانب الإسرائيلي عن أي مواقف استفزازية تعرقل سير المفاوضات وتهدد بفشلها.

وأضاف عواد أن الرئيس الإسرائيلي أكد للرئيس مبارك التزام إسرائيل بالسلام والتزام الائتلاف الحاكم الحالي في إسرائيل برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالسلام مشيرا إلى أن بيريس أبدى اتفاقه مع ما ذكره الرئيس مبارك بشأن الركائز الثلاث المطلوبة في الوقت الحالي.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت المباحثات بين الرئيس مبارك والرئيس الإسرائيلي قد تناولت ضرورة وقف المستوطنات قال السفير عواد إن هذا الموضوع يدخل في إجراءات بناء الثقة المطلوبة حيث إن الاستيطان - كما ذكر الرئيس مبارك مرارا وراء الأبواب المغلقة في مشاوراته مع القادة الدوليين والإقليميين وكما ذكر علنا في خطاباته - يلتهم الأراضي الفلسطينية والخوف الحالي والحقيقي هو أن لا يتبقى للشعب الفلسطيني من الأراضي ما يقيم عليه في المستقبل دولته المستقلة.

وحول ما إذا كان بيريس قد طرح موعدا محددا لبدء المفاوضات المباشرة قال عواد إنه لا يستطيع التكهن بموعد إطلاق التفاوض المباشر، مشيرا إلى أن لجنة المبادرة العربية في اجتماعها الأخير أعطت الرئيس أبو مازن الضوء الأخضر لتحديد موعد هذا التفاوض مشيرا إلى أن الرئيس أبو مازن له رؤيته في العناصر التي يجب أن تتوافر لخلق الأجواء المواتية لإطلاق هذه المفاوضات موضحا أن أي نزاع بين أي طرفين دوليين لا يحل إلا بالتفاوض و«التفاوض بطبيعته مباشر بحيث ينظر كل طرف في عين خصمه ويفاوضه بالحجة مقابل الحجة وأن يجري هذا التفاوض بدعم إقليمي ودولي».

وردا على سؤال حول استمرار تمسك الجانب الفلسطيني بمطالبه بالنسبة لوقف الاستيطان الإسرائيلي وحدود عام 1967 ووجود برنامج زمني للتفاوض قال السفير عواد إن العرض الذي قدمه الجانب الفلسطيني خلال اجتماع لجنة المتابعة العربية منذ أيام قليلة كان عرضا موضوعيا وواضحا ولم يصور الأمور بأكثر مما تحتمل ولم يزعم نجاح المفاوضات غير المباشرة، وكما أن الجانب الفلسطيني لم يدخل هذه المفاوضات المباشرة بضمانات أكيدة ومكتوبة ولكنه استند إلى خطاب تلقاه من الرئيس الأميركي يتضمن الكثير من الإجراءات المطلوبة لبناء الثقة من الجانب الإسرائيلي كما يتضمن الإشارة على نحو واضح وصريح إلى أن مرجعية التفاوض هي حدود عام 1967.

وأشار عواد إلى أن الجانب العربي عندما أعطى الرئيس الفلسطيني الضوء الأخضر في اجتماع لجنة المتابعة للمضي في المفاوضات المباشرة لم يتنازل عن الثوابت العربية لعملية السلام بل إنه تمسك بتلك الثوابت وحددها في رسالة وجهها إلى الرئيس الأميركي وتعكف الإدارة الأميركية حاليا على دراستها مضيفا أن التفاوض المباشر برعاية أميركية يجب أن يتسع لرعاية مكملة من جانب أطراف الرباعية الدولية وهم الأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة «وهي رعاية يجب أن تذلل العقبات المتوقع أن تتواجد خلال المفاوضات».

وتابع أن تلك المفاوضات يجب أن تشمل قضايا الحل النهائي الست المعروفة دون استثناء وهذا ما أكدته رسالة وزراء الخارجية العرب في لجنة المتابعة إلى الرئيس الأميركي و«دعونا ننتظر»، مؤكدا أنه من الأفضل عدم إضاعة الوقت في ظروف يتم فيها التهام الأراضي الفلسطينية من جانب المستعمرات والمستوطنات الإسرائيلية «وهو الأمر الذي يهدد أساس وإمكانية قيام الدولة الفلسطينية».

وأضاف أن لجنة المتابعة العربية استطاعت بحكمة القادة العرب أن تأخذ القرار المناسب وأن تضع إسرائيل ورعاة عملية السلام – وأهمهم الراعي الأميركي – على المحك.

وردا على سؤال حول ما يتردد عن فكرة انعقاد مؤتمر دولي للسلام قال السفير عواد إن هناك الكثير من الأطروحات «فما زال المؤتمر الذي دعت إليه روسيا مطروحا، وقد أكدت روسيا حرصها على استضافته عند وصول التفاوض المباشر إلى محطة أساسية تشهد اختراقا خاصا في موضوع الحدود كما نعتقد أن هناك أيضا حديثا مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي باعتباره والرئيس مبارك رئيسين للاتحاد من أجل المتوسط لعقد قمة في الخريف المقبل وهناك الكثير من الأفكار في هذا الإطار، ولكن ليس المهم هو عقد هذا المؤتمر أو ذاك وإنما المهم أن يثبت الجانب الإسرائيلي حسن النية في إطلاق المفاوضات المباشرة وفق إطار زمني محدد حتى لا تتم المفاوضات بغرض التفاوض ولكن بهدف الوصول إلى اتفاق سلام وفي إطار زمني محدد لا يجعل من التفاوض عملية بلا نهاية، مشيرا إلى أن التزام الجانب الأميركي بالرعاية الكاملة لعملية السلام وتذليل ما يعترضها من عقبات هو الآن على المحك».