أوباما يؤكد إنهاء العمليات القتالية في العراق ولكن يتوقع المزيد من «التضحيات الأميركية»

خطاب الرئيس الأميركي يركز على إنهاء الحرب في العراق.. وتصعيدها في أفغانستان

الرئيس الأميركي باراك أوباما يحيي الحضور بعد إلقائه خطابا عن العراق في أتلانتا أمس (أ.ب)
TT

أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن العمليات القتالية للقوات الأميركية في العراق ستنتهي في الموعد المحدد وهو 31 أغسطس (آب). وألقى أوباما خطابا حول «إنهاء الحرب بمسؤولية» في العراق يوم أمس أمام حشد من الجنود الأميركيين المتجمعين في مؤتمر المقاتلين الأميركيين ذوي الاحتياجات الخاصة، من دون الإشارة إلى العملية السياسية المتعثرة في العراق وعدم تشكيل الحكومة فيه بعد 5 أشهر من الانتخابات.

ومن اللافت أن أوباما لم ينطق بكلمات «النجاح» أو «النصر» في حديثه عن إنهاء العمليات القتالية في العراق، إذ كان يتحدث عن «إنهاء الحرب بمسؤولية» بهدوء. وكان من الواضح أن الخطاب موجه للرأي العام الأميركي ولمعالجة تراجع شعبية الرئيس الأميركي خلال الأشهر الماضية بسبب مشكلات داخلية بالإضافة إلى الأوضاع المتدنية في أفغانستان. وحاول أوباما من خلال خطابه أمس إعادة الانتباه إلى وفائه بعهد انتخابي أساسي وهو إخراج القوات الأميركية من العراق. وبدأ حديثه عن سحب القوات من العراق بالقول: «كمرشح للرئاسة، تعهدت بإنهاء الحرب في العراق بمسؤولية، وبعد فترة قصيرة من تولي المنصب، أعلنت استراتيجيتنا الجديدة للعراق وبالانتقال إلى مسؤولية عراقية كاملة». وأضاف: «أوضحت أن بحلول 31 أغسطس (آب) 2010، مهمة أميركا القتالية في العراق ستنتهي، وهذا بالضبط ما نقوم به، كما وعدنا وبالجدول المحدد».

وتحدث أوباما عن المرحلة المقبلة للقوات الأميركية، قائلا: «كما اتفقنا مع الحكومة العراقية، سنبقي قوة انتقالية (في العراق) حتى إزالة كل قواتنا من العراق بحلول العام المقبل». وأوضح: «خلال هذه الفترة، سيكون لدى قواتنا مهمة محددة، دعم وتدريب القوات العراقية، يشاركون العراقيين في مهمات مكافحة الإرهاب وحماية جهودنا المدنية والعسكرية». وفي شبه إنذار إلى الشعب الأميركي بتوقع المزيد من القتلى بين صفوف الجنود الأميركيين في العراق، قال: «ما زال هناك أطراف لديهم قنابل وطلقات رصاص سيحاولون وقف تقدم العراق والحقيقة الصعبة أننا لن نرى نهاية التضحية الأميركية في العراق».

وعدد أوباما الخطوات التي اتخذتها الإدارة الأميركية والقوات الأميركية لإنهاء المهمة القتالية والاستعداد لسحب كافة القوات بنهاية العام المقبل. وقال: «لقد أغلقنا أو نقلنا سلطة المئات من المعسكرات للعراق»، مضيفا: «نحن ننقل الملايين من الأجهزة في إحدى أكبر العمليات اللوجستية التي رأيناها منذ عقود وبنهاية هذا الشهر سنكون قد أعدنا أكثر من 90 ألف جندي إلى الوطن من العراق منذ تولي السلطة».

ومن الملفت أن أوباما قال إن «العنف في العراق اقرب إلى أقل مستوياته منذ سنوات» على الرغم من أن السلطات العراقية كانت قد أعلنت أول من أمس أن شهر يوليو (تموز) شهد أكبر حالات عنف منذ مايو (أيار) 2008. وأضاف أوباما أن «استمرار» انخفاض العنف «على الرغم من جهود الإرهابيين لعرقلة تقدم العراق نتيجة لتضحية جنودنا وشركائهم العراقيين».

وأشار أوباما إلى «تغيير التزامنا في العراق من الجهد العسكري الذي قادته قواتنا إلى الجهد المدني الذي قاده دبلوماسيونا». وسعى أوباما من خلال خطابه إلى طي صفحة النقاشات حول الحرب في العراق، قائلا: «شهد وطننا نقاشات شديدة حول الحرب في العراق، هناك وطنيون أيدوا الحرب ووطنيون عارضوها»، لكنه أكد عدم وجود أي خلافات حول دعم القوات الأميركية في البلاد.

وبينما كان الخطاب مخصصا للحديث عن انتهاء العمليات القتالية في العراق، فإن أوباما خصص جزءا منه عن تصعيد الحرب في أفغانستان. وقال: «علينا ألا ننسى، من أفغانستان خططت القاعدة وتدربت لقتل 3 آلاف بريء في 11 سبتمبر (أيلول)»، في إشارة إلى هجمات 11 سبتمبر 2001. وأضاف: «من أفغانستان والمناطق القبلية الباكستانية أطلق الإرهابيون هجمات أخرى ضدنا وضد حلفائنا، وإذا اجتاح تمرد أكبر أفغانستان، سيكون لدى القاعدة والتنظيمات الشريكة لها مساحة أكبر للتخطيط لهجومها المقبل، وكرئيس للولايات المتحدة أرفض أن أسمح لذلك». وعدد أوباما الخطوات التي قام بها في ما يخص الاستراتيجية في أفغانستان، مؤكدا «نحن نواجه تحديات كبيرة في أفغانستان ولكن من المهم أن يعرف الشعب الأميركي أننا نحرز تقدما ونركز على أهداف واضحة ويمكن تحقيقها».

وأكد أوباما أن الولايات المتحدة مع شركائها «تشن هجوم ضد طالبان واستهداف قياداتها وتحديهم في المناطق التي يسيطرون عليها وندرب القوات الأفغانية الوطنية». وأضاف أن هناك جهودا على الصعيد المدني أيضا وخاصة في تولي الحكومة الأفغانية مسؤولياتها ومكافحة الفساد. وأشار أيضا إلى باكستان، مؤكدا أن «ضربات كبيرة ضربت ضد القاعدة وقيادتها» هناك.

وتعهد أوباما للجنود الأميركيين بأنهم سيحصلون على «الاحترام والكرامة»، على عكس «العزل» الذي واجهوه بعد العودة من فيتنام. وخصص أوباما جزءا كبيرا من خطابه للتأكيد على التزامه بشؤونهم ورعايتهم. ووجه أوباما خطابه إلى الجنود الأميركيين والشعب الأميركي بشكل أخص، ليؤكد على قدرته على قيادة الولايات المتحدة لإنهاء وجودها في العراق وتحقيق أهدافها في أفغانستان. وقال نائب الناطق باسم البيت الأبيض بيل بورتون في تصريحات قبل الوصول إلى أتلانتا حيث ألقى أوباما خطابه «ما لا يعرفه الكثير من الأميركيين أنه عندما تولى الرئيس هذه الإدارة كان هناك نحو 144 ألف جندي أميركي في العراق، بنهاية أغسطس سيكون هناك نحو 94 ألف جندي أو أقل» هناك. وأضاف برتون أن خطاب أوباما يأتي ضمن حملة من إدارته للحديث عن «النجاحات» التي حققتها الولايات المتحدة في العراق، موضحا: «سترون الرئيس ونائب الرئيس وبعض أعضاء الإدارة يتحدثون عن النجاحات التي حققناها في العراق». وامتنع بورتون عن الرد مباشرة عن المأزق السياسي في العراق، قائلا: «من المهم التركيز على النجاح الحقيقي بأن لدى الشعب العراقي الديمقراطية.. ووجود أحزاب سياسية وأشخاص يريدون قيادة هذه الديمقراطية علامة على شكل التقدم الذي قاموا به». وردا على سؤال حول تأثير الأزمة السياسية على استقرار العراق، اعتبر بروتون أن العراق «مستقر جدا، من حيث فراغ في الحكم، هناك حكومة عاملة الآن وقادرة على تولي المهمات التي يجب أن تقوم بها الحكومة».