إسرائيل تتهم حماس بمسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ على إيلات وتتهم مصر بالإهمال وحتى بالتواطؤ

زعمت أن في سيناء منطقة جبلية تحت السيطرة الكاملة للإرهاب.. ومصادر أمنية مصرية تجزم بعدم إطلاق صواريخ من سيناء

رجب طيب اردوغان، هو الاسم الذي اطلقه اسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة، على حفيده الجديد في مخيم الشاطيء في غزة امس (أ ب)
TT

بعد تصريحاتها الحذرة، خرجت أوساط أمنية وسياسية في إسرائيل بتصريحات حادة حازمة، أمس، جزمت فيها أن حركة حماس تتحمل بشكل مباشر المسؤولية عن إطلاق الصواريخ على إيلات والعقبة. وتتهم السلطات المصرية بالتقاعس والإهمال وحتى التواطؤ في معالجة الموضوع، مدعية أن المنطقة التي أطلقت منها الصواريخ واقعة تحت السيطرة الكاملة للإرهاب وأن قوات الأمن المصرية لا تدخلها.

وكان المسؤولون الإسرائيليون قد حرصوا في بداية الحدث على القول بأن إطلاق الصواريخ من سيناء المصرية على إيلات والعقبة يبين كم هي المصلحة مشتركة للدول الثلاث، مصر والأردن وإسرائيل، في مكافحة الإرهاب. وبهذه الروح تفوه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي أجرى اتصالين هاتفيين مع كل من الرئيس حسني مبارك والملك عبد الله بن الحسين. وأعرب رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع، الجنرال عاموس جلعاد، عن ثقته بأن المصريين سيحققون في الموضوع وطلب انتظار نتائج التحقيق قبل التعليق عليه. ولكن اللهجة الإسرائيلية اختلفت، أمس. وخرجت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتصريحات جازمة لمسؤولين سياسيين وعسكريين يقولون إن «إطلاق الصواريخ نحو إيلات عمل إرهابي مخطط ومنظم، استهدف إيلات بالذات وليس مدينة العقبة الأردنية التي وقعت فيها الإصابات». ويرفضون تحميل المسؤولية لما يعرف باسم «الجهاد العالمي» أو «القاعدة». ويؤكدون أن هذين التنظيمين يعملان في سيناء ضد أهداف مصرية في الأساس، ولكن هناك خلايا إرهابية تابعة لحماس ولحزب الله اللبناني هي التي تعمل ضد أهداف إسرائيلية.

وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن المسؤولين الإسرائيليين المذكورين كشفوا وجود «بؤرة إرهاب كبرى» في الجنوب الشرقي من سيناء تعرف باسم جبل الهلال تسيطر عليها قبيلة بدوية تتعاون مع حماس. وقالوا إن البدو يسمونها «جبل الحلال»، باعتبار أن كل ما يفعلونه في هذه المنطقة متاح وأن قوات الأمن المصرية لا تدخل هذه المنطقة، خوفا من الصدام مع تلك القبائل أو بدافع تلقي بعض الضباط الرشوة. وأضافوا أن قوات الأمن المصرية التي باشرت عمليات التحقيق والتمشيط بحثا عن منفذي الهجوم، ركزت نشاطها في المنطقة الساحلية الممتدة ما بين طابا ونويبع. ولكنها بشكل متعمد تجاهلت جبل الهلال، الذي تعتقد إسرائيل أن مطلقي الصواريخ انطلقوا منه وعادوا إليه ويختبئون فيه. وترى أن قصاصي الأثر البدو ونشطاء حماس وحزب الله وغيرهم يعرفون المنطقة بالشبر أكثر بما لا يقاس من رجال الأمن المصريين.

ونقلت صحيفة «هآرتس» عن جهات في المخابرات العامة في إسرائيل قولها إنه «مثلما أدرك الإخوان المسلمون في مصر أن نقطة ضعف الدولة هي السياحة فيها، أدركت حماس وحزب الله أن نقطة ضعف إسرائيل هي السياحة في إيلات. فقادة حماس، لم يعودوا معنيين بإطلاق الصواريخ في اتجاه بلدات الجنوب الإسرائيلية. فهذا يكلفها ثمنا باهظا، وقد يؤدي بها إلى حرب أخرى في قطاع غزة، شبيهة بعملية (الرصاص المسكوب) وأقسى منها، وقد يجعلها تخسر ما أنجزته من مكاسب على صعيد انفتاح عدد من دول الغرب في اتجاهها، خصوصا دول أوروبا. لذلك، تلجأ إلى قصف إيلات»، علما أن قصفا مشابها تعرضت له إيلات قبل شهرين، وفي حينه أيضا أخطأ مطلقو الصواريخ الهدف فأرسلوا ثلاثة صواريخ، سقط أحدهما قرب البحر في إيلات وصاروخان اثنان على مدينة العقبة الأردنية، فلم يصب أحد بأذى في إسرائيل بينما جاءت الإصابات في العقبة.

وزعم أحد المسؤولين في تصريح لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حزب الله يمتلك صاروخ سكود، الذي يستطيع به قصف إيلات من الجنوب اللبناني، وأنه، أي حزب الله، وضع نصب عينيه هدف توجيه ضربات إلى فرع السياحة وغيره من الفروع الاقتصادية الإسرائيلية، للمساس بأحد أشد المواقع حساسية في إسرائيل.

بدوره شكك الدكتور صلاح البردويل، القيادي في حركة حماس، في صدق المعطيات الإسرائيلية حول صواريخ «غراد» التي أطلقت في اتجاه «إيلات»، ونفى أي صلة للحركة بها لا من قريب ولا من بعيد، مؤكدا أن الاحتلال يريد البحث عن ذرائع لتبرير عدوانه على قطاع غزة.

وأوضح البردويل في تصريحات لوكالة «قدس برس»، أن مصدر المعلومات عن هذه الصواريخ هو الجهات الإسرائيلية، وقال: «العدو الإسرائيلي معني بالتهديد وباستهداف القادة والشخصيات الميدانية، والرواية المنقولة عن هذه الصواريخ إلى الآن هي الرواية الإسرائيلية، ونحن نشك في صدقيتها، إذ إن الاحتلال يريد البحث عن ذرائع لتبرير عدوانه على قطاع غزة، وهو يعمل على خلط الأوراق والتشويش على الانتقادات الدولية ضده سواء تعلق الأمر بتقرير غولدستون أو بحربه على غزة وحصارها».

من جهة اخرى جزمت مصادر أمنية مصرية بجنوب وشمال سيناء بعدم إطلاق صواريخ من سيناء على إسرائيل، ونفت بشدة أن تكون الصواريخ التي سقطت أول من أمس في إيلات الإسرائيلية والعقبة الأردنية، قد أطلقت من سيناء. وقالت المصادر إنه تم تمشيط معظم المناطق الجنوبية لشبه جزيرة سيناء ولم تظهر حتى الآن أي دلائل مادية تشير إلى إطلاق الصواريخ من الأراضي المصرية. وأضافت أن عمليات التمشيط ما زالت مستمرة بحثا عن أي بقايا لعمليات الإطلاق إذا كانت قد تمت من الجانب المصري. وتابعت: «على الجهات التي أعلنت أن لديها أدلة تثبت إطلاق الصواريخ من مصر أن تظهر هذه الأدلة».

وأكدت المصادر أن لدى السلطات المصرية نقاطا أمنية منتشرة على طول الحدود بين مصر وإسرائيل بدءا من العلامة الدولية رقم 7 جنوبي معبر رفح وحتى طابا إضافة إلى وجود دوريات حدودية راكبة نظرا لحساسية الوضع الأمني بالمنطقة التي تشهد عمليات لتهريب المهاجرين والمخدرات.

وقامت الشرطة حسب هذه المصادر باستجواب عدد من السكان المحليين من البدو حول الواقعة إلا أنهم أكدوا أن الأمور كانت هادئة بالمنطقة وأن إطلاق الصواريخ من الجانب المصري كان سيشعر به السكان نظرا للضجة التي تحدثت هذه الصواريخ عند إطلاقها.

وقالت إن السلطات المصرية مهتمة بمعرفة من الجهة والمكان الذي أطلقت منه هذه الصواريخ باعتبارها مساءلة أمنية تمسها حدودية الجنوبية مع إسرائيل. وأضافت أنه لا توجد أي خلايا لتنظيم القاعدة بسيناء وأن جميع عناصر تنظيم التوحيد والجهات التي نفذت تفجيرات سيناء التي وقعت بين عامي 2004 و2006 قد قتلت في مواجهات مع الشرطة فيما تم اعتقال الباقين من قيادات الصف الثاني والثالث. وتابعت أن هناك تعاونا تاما بين أجهزة الأمن والبدو لرصد وجود أي غرباء داخل أراضي سيناء.