توتر متنام بين الحكومات وشركات الاتصالات حول الخصوصية والأمن

خبراء: الإمارات تركز على «بلاك بيري» أكثر من «جي ميل» وخدمات أخرى مشفرة

TT

يُظهر تهديد الإمارات منع خدمات على أجهزة «بلاك بيري» مثل البريد الإلكتروني والرسائل النصية، توترا متناميا بين شركات الاتصالات والحكومات بشأن تحقيق توازن بين الأمن القومي والخصوصية.

وفي الوقت الذي ترغب فيه شركات الاتصال في أن تكون قادرة على ضمان حماية رسائل عملائهم من أي تطفل، تصر الحكومات بصورة متزايدة على أن تكون قادرة على الوصول إلى الرسائل الإلكترونية للإجهاز على المجرمين وكشف المؤامرات الإرهابية.

ويوم الاثنين، سعت شركة «ريسيرتش إن موشن»، وهي الشركة الكندية التي تصنع أجهزة «بلاك بيري»، إلى طمأنة عملائها من أن الخدمات لا تزال آمنة، وذلك بعد يوم من إعلان دولة الإمارات أنها سوف تحظر الكثير من خدمات أجهزة «بلاك بيري» بسبب مخاوف ترتبط بالأمن القومي.

ويقول خبراء أمنيون إن مطالب الإمارات بالتمكن من الوصول إلى الاتصالات التي تتدفق عبر شبكة «بلاك بيري» تشبه مطالب حكومات أخرى في مختلف أنحاء العالم. وتوجد لدى الكثير من الدول قوانين ولوائح تشترط على مقدمي خدمات الاتصالات أن تمنح هيئات حكومية القدرة على الوصول إلى نظمهم لاعتراض اتصالات بإذن من المحكمة.

وتأتي المطالب أيضا في وقت ترد فيه تقارير عن قيام حكومات دول أخرى، من بينها الهند والسعودية والكويت والبحرين، بالنظر في شروط جديدة تضعها على خدمات مثل «بلاك بيري» لضمان أنه يمكنها مراقبة الرسائل الإلكترونية.

ويقول أنطوني روتكويسكي، الرئيس التنفيذي داخل شركة الاستشارات «نتماجيك وشركاه» المتخصصة في القضايا الفنية والتنظيمية المرتبطة بالأمن الإلكتروني: «الشروط المرتبطة بالقدرة على الوصول إلى اتصالات عن نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم موجودة».

وفي الوقت نفسه، تعرض شركات الاتصالات الإلكترونية بصورة متزايدة إجراءات أمنية مثل التشفير. وعلى سبيل المثال، بعد هجوم إلكتروني بدأ من الصين واستهداف خوادم شركة «غوغل» وخدمة «جي ميل» بدأت الشركة في تشفير جميع الرسائل عبر البريد الإلكتروني خلال تنقلها.

ومع زيادة حجم محتوى الاتصالات المشفرة، تطلب الحكومات معلومات أخرى مثل مَن يتواصل معهم العملاء، ومتى يحدث ذلك، حسب ما يقوله روتكويسكي. ويمكن أن تكون هذه المعلومات مفيدة من أجل المساعدة في الحصول على معلومات استخباراتية.

ويقول خبراء أمنيون إن خدمة «بلاك بيري»، التي تستخدم شبكة خاصة بها لنقل رسائل البريد الإلكترونية والرسائل النصية، ربما تجعل الوصول إلى هذه البيانات أكثر صعوبة، لا سيما داخل الدول التي لا توجد بها خوادم تتحكم في هذه الشبكة. ويقول هؤلاء الخبراء أيضا إن هذا هو السبب في أن «ريسيرتش إن موشن» تدخل في مواجهات متكررة مع حكومات. وقد أثارت خدمات أخرى مثل «سكاي بي» مخاوف أيضا داخل بعض الدول.

وأصدرت شركة «ريسيرتش إن موشن» بيانا يوم أول من أمس لم يتناول مباشرة نزاع الشركة مع دولة الإمارات أو علاقتها مع الدول الأخرى، وأشارت إلى «سرية» نقاشات مع حكومات معينة. وقال الشركة إنها: «تحترم الشركة الشروط التنظيمية التي تفرضها الحكومة والاحتياجات الأمنية والخصوصية ذات الصلة بالمؤسسات والعملاء».

وفي خطاب مفتوح إلى العملاء قالت الشركة، التي تعمل في أكثر من 175 دولة، إن نظامها الأمني مصمم لضمان أنه لن يمكن لأحد حتى الشركة الوصول من دون إذن إلى بيانات العملاء.

ويقول خبراء أمنيون إنه ليست واضحة طبيعة الشروط التي طلبتها دولة الإمارات من الشركة وما إذا كانت هذه الاشتراطات صعبة بالمقارنة مع تلك التي طلبتها حكومات أخرى.

ويقول بروس شنير، مسؤول التقنية الأمنية الأول في شركة الاتصالات العملاقة «بي تي» داخل بريطانيا: «هناك الكثير من الأمور التي لا نعلمها، ولا نعرف ما الذي تقوم به الشركة داخل دول أخرى».

ويقول خبراء إن دولة الإمارات، التي تعد مركزا اقتصاديا هاما داخل منطقة الشرق الأوسط، قد تركز على خدمة «بلاك بيري» أكثر من «جي ميل» وخدمات أخرى مشفرة بسبب أنها تقدم من خلال نواقل اتصالات محلية وزادت شعبيتها بصورة كبيرة هناك.

وتعد خدمات «بلاك بيري» هدفا بصورة مستمرة لأنها «ملائمة وواسعة الاستخدام، ولأنها تعتمد على شبكتها فقط»، حسب ما يقوله مارك روتنبرغ، المدير التنفيذي لـ«مركز معلومات الخصوصية الإلكتروني»، وهي منظمة تدافع عن الخصوصية داخل واشنطن. وأضاف: «دولة الإمارات في وضع يدفعها إلى أن تطلب من (غوغل) أن لا تشفر رسائل البريد الإلكتروني».

ويتفق الكثير من المحللين على أن حكومة الإمارات تبدو مهتمة بالحصول على تنازلات من شركة «ريسيرتش إن موشين» أكثر من رغبتها في منع الوصول إلى خدمات بيانات «بلاك بيري». وقالت الحكومة إن خدمة التليفونات لن تتأثر.

ويقول جوناثان زيترين، الأستاذ في كلية القانون بجامعة هارفارد والمؤسس المشارك لمركز بيركمان للمجتمع والإنترنت: «القول بأن هذه القيود لن تطبق حتى أكتوبر (تشرين الأول) يعد نوعا من التهديد، حيث تقول الحكومة ذلك من أجل الوصول إلى مفاوضات مع الشركة وللضغط على المسؤولين التنفيذيين الذين يخشون من وقف خدماتهم».

ولكن، لا يزال بعض رجال الأعمال داخل دبي ينتظرون لمعرفة هل سيتم التوصل إلى اتفاق بين الشركة والحكومة الإماراتية قبل الموعد النهائي المحدد بشهر أكتوبر. ويقول بلير لوك، المدير الإداري لإدارة الأصول داخل «المال كابيتال» في دبي: «الناس ينظرون ليروا ما ستسفر عنه الأيام».

* خدمة «نيويورك تايمز»