نائب وزيرة الخارجية الأميركية: سحب القوات مستمر مثلما كان مجدولا.. ونناقش تفاصيل المرحلة النهائية

جاكوب لو لـ«الشرق الأوسط»: العراق المستقر هدف يواجه تحديات.. لكنه ليس مستحيلا

جاكوب لو نائب وزيرة الخارجية الأميركية (أ.ف.ب)
TT

تعمل الولايات المتحدة حاليا على وضع الخطط لسحب القوات الأميركية من العراق على مرحلتين، الأولى في 31 أغسطس (آب) الحالي مع انتهاء العمليات القتالية في العراق، والمرحلة الثانية والنهائية سحب كل القوات الأميركية من العراق بنهاية عام 2011.

وكان نائب وزيرة الخارجية الأميركية للإدارة والموارد جاكوب لو قد زار العراق الأسبوع الماضي لمناقشة الخطط المقبلة لعملية الانسحاب، وجعل وزارة الخارجية الأميركية الجهة المشرفة على العلاقات مع العراق بعد أن حكمتها العلاقات العسكرية منذ حرب 2003.

وشرح لو في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» وضع أسس لمرحلة انتقالية بين 3 إلى 5 سنوات، لدعم استقرار العراق، تعتمد على بناء القدرات، خاصة بناء قدرات الشرطة العراقية. وشدد لو على أن هذه الخطط تسير بالجدول المحدد على الرغم من التأخير في تشكيل الحكومة العراقية. وفي ما يلي نص الحوار.

* لنبدأ بزيارتكم الأخيرة إلى العراق، كيف كانت مشاوراتكم هناك مع المسؤولين العراقيين؟ نسمع من بغداد أن مسؤولين أميركيين يذهبون إلى هناك ومعهم سيناريوهات ومقترحات حول تشكيل الحكومة، لكن هنا في واشنطن نسمع نفيا لذلك.. لماذا هذا التضارب؟

- كانت لدي الكثير من الاجتماعات عندما كنت هناك، شملت لقاءات مع وزير الخارجية (هوشيار زيباري) ووزير الداخلية (جواد البولاني)، والرسالة التي حملتها ببساطة هي أنه من المهم تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، وليس التعبير عن رأي حول هوية تشكيلة تلك الحكومة. وفي اجتماعاتي يمكنني القول إنني قدمت الرأي بأن يكون هناك استعجال، وكلما شكلت الحكومة في أسرع وقت ممكن كان ذلك أفضل. لكن لم تكن هناك توجيهات مثلما يشير سؤالك.

* لكن هناك حاجة للالتزام بالدستور العراقي، فهل تخشون من عدم الالتزام بالدستور مع طول تعليق البرلمان؟

- ملاحظتنا هي أن الحكومة تواصل العمل بطريقة فعالة، ولم يكن هناك فراغ في القضايا التي كنا نحتاج التعامل معها. لا يمكن لي الحديث عن كل التفاصيل الداخلية للعراق، لكن في ما يخص علاقتنا الثنائية أعجبنا خلال الفترة الانتقالية في تشكيل الحكومة أننا استطعنا إبقاء التقدم في العمل على هذه القضايا التي كانت حساسة زمنيا. فمن جهتنا، لم تكن لدينا 5 أشهر نستطيع أن ننتظرها لبدء النقاشات حول الأوضاع، بعد تقليص عدد الجنود الأميركيين. وواصلنا مناقشاتنا، ولدينا كل ثقة في أن الحكومة المقبلة ستواصل هذه المحادثات. من وجهة نظر علاقتنا الثنائية رأينا مواصلة العمل. من الواضح أن هناك قضايا تحتاج عملا تشريعيا، مثل قضايا الطاقة، ومن مصلحة الشعب العراقي أن تكون الحكومة مشكلة تماما، وأن يتقدموا في أجندة القضايا الضرورية لتطوير العراق ورفاهه. لا يوجد أي شك في أن تشكيل الحكومة أمر مهم، وفي أسرع وقت ممكن، لكننا استطعنا العمل مع الحكومة الانتقالية بشكل فعال حول الأمور التي تخصنا.

* وفي ما يخص اقتراب موعد 31 أغسطس لسحب القوات القتالية الأميركية في العراق، ألم يكن من الضروري تشكيل الحكومة الجديدة قبل هذا الموعد.. ألم تتأثر خططكم بهذا التأخير؟

- عملية سحب القوات مستمرة مثلما كانت مجدولة، وهي عملية منتظمة جدا. ليس من السهل تحريك 50 ألف جندي وكل المعدات معهم، وأظن أن جيشنا يمضي حسبما هو مخطط له في ذلك. وبينما ننظر إلى المرحلة المقبلة من الانسحاب بعد عام، لدينا الكثير من العمل الذي يجب أن نقوم به داخل الحكومة الأميركية لننجز ذلك بطريقة فعالة. وعلينا العمل مع شركائنا في العراق لنتأكد من أن لدينا القدرة على معرفة المناطق التي سنستخدمها وكيف ستسير الأمور عندما يكون وجودنا مدنيا. نحن نواصل هذه المشاورات، ولا أرى أي سبب لأن يكون هناك تأخير في الانسحاب عن 31 أغسطس، أو موعد الانسحاب النهائي. هناك الكثير من العمل علينا القيام به، والناس سيعملون جاهدين خلال العام المقبل، لكن لا أرى أي مبرر للتأخر.

* لكن ألم يكن من الأفضل تشكيل حكومة جديدة قبل موعد 31 أغسطس، أم أنك تتصور أنه لا تأثير لتأخير تشكيل الحكومة على ذلك؟

- القضية الحقيقية هي أن هذا أمر مهم للشعب العراقي، أن تكون هناك حكومة عراقية كاملة قادرة على المضي قدما. نحن مرتاحون مع خططنا للانسحاب ونواصلها. نحن نبقي الاتصالات منتظمة مع الحكومة خلال هذه الفترة، والأمر المهم هو تشكيل الحكومة من أجل الشعب العراقي.

* تقول إن هناك الكثير من العمل للقيام به قبل الانسحاب الكامل نهاية عام 2011، هل تعتقد أن اتفاقية وضع القوات الأميركية في العراق واتفاقية الإطار الاستراتيجي، كافيتان لهذه العملية وهل أنتم بحاجة إلى اتفاقات إضافية؟

- نحن نعمل ضمن اتفاقيتي وضع القوات الأميركية والإطار الاستراتيجي. بالطبع من وجهة نظر عمل البرامج المدنية، فإن اتفاقية الإطار الاستراتيجي هي الوثيقة الحاكمة. إنها وثيقة واسعة وصيغت بشكل جيد وفيها رؤية لعلاقة ثنائية وثيقة وتترك الكثير من التفاصيل التي علينا أن نعمل على توضيحها بينما نحدد تفاصيل البرنامج المقبل. نحن نواصل كل تخطيطنا بناء على تلك الاتفاقية.

* بعد 31 أغسطس، من سيكون مسؤولا عن إعطاء أوامر للجنود الأميركيين.. هل ستحتاج القوات الأميركية إلى موافقة عراقية على تحركاتها.. هل سيكون هناك تنسيق على المستوى الدبلوماسي؟

- بالطبع، خلال فترة وجود آخر 50 ألف جندي على الأرض، سيكون هناك حضور، لأن 50 ألف جندي رقم مهم. جيشنا يعمل عن كثب مع القوات الأمنية العراقية، وبشكل متزايد يعمل الجانبان معا، وسمعت قصصا عدة عندما كنت هناك عن أنشطة كانت القوات العراقية تقود فيها عمليات تشارك فيها قوات أميركية. والمخططون العسكريون يعملون على تعزيز هذه العلاقات. وبنهاية العام المقبل، ستكون هناك علاقة ثنائية تقليدية، لكن ستبقى هناك علاقة أمنية بين الولايات المتحدة والعراق، وسيكون هناك مكتب تعاون دفاعي وعلاقات ثنائية طبيعية تحت إشراف رئيس البعثة هناك وليس وجودا قتاليا. ستكون هناك مرحلة انتقالية الآن بينما نسحب القوات في مراحل مختلفة، 50 ألفا هذا العام، و50 ألفا العام المقبل. ويجب أن يفرق المرء بين أغسطس هذا العام والعام المقبل.

* كيف ستتعاملون مع فرق إعادة الإعمار المحلية حول العراق، خاصة أنكم زرتم مناطق عدة في زيارتكم الأخيرة إلى العراق، منها الموصل والبصرة.. هل ستضيفون أعدادا جديدة من المدنيين إلى تلك الفرق؟

- ستكون في المناطق التي زرتها، وكركوك التي زرتها في الزيارة قبل الأخيرة، برامج متطورة لمعالجة احتياجات المرحلة الانتقالية التي تستغرق بين 3 و5 سنوات. وسنجلب موارد لدعم تدريب قوات الشرطة، وستكون هناك أنشطة حول الحوار السياسي بالإضافة إلى برامج التنمية التقليدية. وفي بعض الأحيان ستكون هناك موارد إضافية، ونحن نعمل الآن على التفاصيل الدقيقة، فسنعمل بقواعد محددة في المناطق التي ليس لدينا وجود كبير فيها، خاصة في ما يخص توصيل برنامج تدريب الشرطة إلى مناطق أوسع. عند زيارة العراق فإن ما يلفت النظر هو الوجود المثير للإعجاب للجيش الأميركي، فإضافة إلى المدنيين هناك قدرة على التحرك بسلام في مناطق مثل الموصل حيث توجد تحديات. نحن واضحون مع الحكومة العراقية بأننا سنبذل كل جهد لتكون سياراتنا وحمايتنا مدنية وليست عسكرية، إلا أن مظهرنا سيكون أثقل (من حيث المعدات) من تحركنا في مدن مثل واشنطن أو عواصم أوروبية. علينا أن نعمل على هذه القضية كي لا تكون هناك أي حالات سوء تفاهم، لكن ستكون هناك فرق يقودها المدنيون ويدعمها المدنيون. سيكون علينا الاعتماد بشكل متزايد على التعاون مع القوات الأمنية العراقية للدعم والقيادة.

* لكن هل ستكون هناك عناصر عسكرية لحماية الوجود المدني الأميركي في العراق؟

- نحن ننوي جعل عمليتنا مدنية بعد الانتهاء من الانسحاب النهائي. لكن بالطبع خلال العام المقبل ستكون هناك قوات أميركية في الموصل، والعام المقبل سيكون مختلفا عن العام الذي يليه. نحن نخطط للفترة التي سينتهي خلالها الجيش الأميركي من الانسحاب، وبعدها الأمن لن يكون عسكريا بل مدنيا، وستكون هناك فرق للأمن الدبلوماسي. هذه مهمة تختبر إمكانياتنا لأنها تمثل متطلبات أمنية كبيرة. إنني واثق من قدرتنا على الوفاء بهذه المتطلبات، ولدينا خطط جيدة، لكن الاستغناء عن حماية الجيش الأميركي ليس أمرا بسيطا.

* كانت هناك تصريحات من الجنرال راي أوديرنو لم يستبعد فيها احتمال طلب نشر قوات حفظ سلام دولية في كركوك ومناطق متنازع عليها أخرى في العراق. هل هذا أمر تناقشونه مع العراقيين.. هل من الممكن أن تشارك قوات دول أخرى مثل تركيا في مثل هذه العملية؟

- لست طرفا في هذه المناقشات، فأترك الأمر ليعلق آخرون عليه.

* ماذا عن التقرير بأن البنتاغون فقد نحو 8 مليارات دولار من أموال العراق.. هل تنظرون في هذه القضية، وكيف يمكن معالجتها؟

- تلك الأموال كانت عسكرية ويراجعها البنتاغون، ولقد ناقشت الأمر مع (رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية) الأدميرال مايك مولن في بغداد الأسبوع الماضي، وقد قال إنهم ينتظرون الحصول على تحليلهم للقضايا.

* الولايات المتحدة ترغب في أن يكون العراق مصدر استقرار واعتدال في المنطقة، هل هذا أمر ممكن في الوضع الراهن؟

- هناك الكثير من التحديات بالطبع، لكن هذا لا يعني أن هذا هدف مستحيل. أعتقد أنه هدف ممكن تحقيقه. نحن نراقب عملية تشكيل الحكومة، وعلى الرغم من أننا نريدها أن تتحقق بشكل أسرع، فإنها عملية تسير بطريقة ديمقراطية. كانت هناك انتخابات ديمقراطية، هناك فئات تحل خلافاتها بشكل ديمقراطي، وفي النهاية هناك بلد يمكنه تطوير قدرته على أن يحكم نفسه بنفسه ليصبح لاعبا مختلفا في إقليمه ويمثل نموذجا مختلفا. لقد قطع العراق شوطا بعيدا وما زال أمامه طريق طويل. فهدف أن يكون العراق مصدر قوة للاستقرار في المنطقة يمكن تحقيقه ويستحق العمل من أجله.

* وهل علاقات العراق مع إيران تشكل أي تحد لهذه الرؤية الأميركية؟

- العلاقات الثنائية العراقية - الإيرانية أمر يخص البلدين، وسأتركه لهما.