محكمة أميركية ترفض تعليق محاكمة خضر الكندي

وثائق غوانتانامو: بوش تحايل على المحكمة العليا بنقل معتقلي القاعدة إلى سجون سرية

TT

بينما رفضت، أول من أمس، المحكمة العليا (التي تفسر الدستور) طلبا بوقف محاكمة عسكرية تجري في قاعدة غوانتانامو لمعتقل متهم بالإرهاب، مع توقع أن تصدر حكما شاملا على المحاكمات العسكرية في المستقبل، كشفت وثائق أن الرئيس السابق، بوش الابن، تحايل على المحكمة العليا قبل ست سنوات عندما أمر بنقل معتقلين من غوانتانامو إلى سجون سرية خارج أميركا، حتى لا ينطبق عليهم قرار المحكمة في ذلك الوقت، بالسماح لهم باستشارة محامين، والمثول أمام محكمة للدفاع عن أنفسهم.

وحصلت وكالة «أسوشييتد برس» على وثائق ومعلومات سرية، أوضحت أن رمزي بن شيبة، وأبو زبيدة، ومصطفى الهوساوي، والنشيري، نقلوا في بداية سنة 2003 إلى قاعدة غوانتانامو. ولكن، مع نهاية تلك السنة، وافقت محكمة استئناف فيدرالية على طلب من محامي بعض المعتقلين بأنهم لا بد لهم من اللجوء إلى محكمة، وعلى إعلان اعتراضهم على اعتقالهم، بدلا من منعهم من محامين، ومن زيارات منظمات دولية، مثل منظمة العفو الدولية، ومنظمة الصليب الأحمر. لكن في ذلك الوقت، رفض الرئيس بوش القرار، وأمر وزارة العدل برفع استئناف إلى المحكمة العليا. وقبل نهاية السنة، أعلنت المحكمة العليا أنها ستنظر في الاستئناف، وحسب الوثائق التي كشفت، توقع بوش ومستشاروه أن المحكمة العليا ستؤيد قرار محكمة الاستئناف. وأمروا بنقل المعتقلين إلى خارج غوانتانامو، وعلى الرغم من أن غوانتانامو قاعدة عسكرية أميركية في كوبا، تعتبر خاضعة للقوانين الأميركية.

لهذا تحولت مسؤولية المعتقلين من القوات المسلحة إلى وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). ومع بداية سنة 2004، نقلت «سي آي إيه» المعتقلين الأربعة إلى سجون سرية خارج الولايات المتحدة. وحسب معلومات «أسوشييتد برس»، نقلت المعتقلين طائرة خاصة من غوانتانامو إلى الرباط، في المغرب. وفي اليوم التالي، أصدرت المحكمة العليا قرارها التاريخي بأن الدستور الأميركي يسمح للمعتقلين بالاتصال بمحامين، وبالمثول أمام محكمة للاعتراض على اعتقالهم. لم تستطع الوثائق متابعة طائرة المعتقلين، بعد أن هبطت في المغرب، لكنها أشارت إلى أن المعتقلين وزعوا على سجون سرية، سميت فيما بعد «بلاك هولز» (حفرا سوداء) كانت في أكثر من دولة. وأمس، قلل جورج ليتل، متحدث باسم «سي آي إيه» من أهمية الموضوع، وقال: «صارت هذه أشياء تاريخية، ما يسمى بالسجون السرية، والحفر السوداء، والتحقيقات المتطورة»، وأضاف: «على أي حال، كانت كلها حسب استشارات من وزارة العدل»، وقال مراقبون في واشنطن إن وضع المعتقلين في «حفر سوداء» في دول خارجية كان سرا حتى سنة 2008، عندما كشفته صحيفة «واشنطن بوست». في ذلك الوقت، وقبيل الكشف، اتصل البيت الأبيض بالصحيفة، وذهب رئيس تحريرها إلى البيت الأبيض، وقابل بوش، لكنه رفض طلب بوش بعدم كشف «الحفر السوداء». في ذلك الوقت، لم تعلن أسماء المعتقلين في هذه السجون السرية. لهذا، كشفت «أسوشييتد برس» سرا جديدا بإعلان الأسماء. غير أن الأسماء لا تشمل خالد شيخ محمد. ويعتقد أنه ربما كان في مجموعة أخرى. وأول من أمس، رفضت المحكمة العليا طلبا من محامين يدافعون عن عمر خضر، مواطن كندي من أصل مصري، معتقل في غوانتانامو. طلب المحامون وقف مثوله أمام محكمة عسكرية، وإعلان أن المحكمة العسكرية لا تكفل للمتهم كل حقوقه الدستورية.

وكانت محكمة استئناف فيدرالية أيضا رفضت طلب وقف المحاكمة العسكرية؛ لم تفصل المحكمة العليا رأيها، لكنها اتفقت مع قرار محكمة الاستئناف.

وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن المحكمة العليا لم تعلن أن المحكمة العسكرية غير دستورية. لكنها وافقت على استمرار محاكمة عمر.

لهذا يتوقع أن تصدر المحكمة العليا في وقت لاحق حكما حاسما في موضوع المحاكم العسكرية، خاصة أن عمر هو أول معتقل يمثل مثولا كاملا، أمام محكمة عسكرية كاملة. في الماضي، استمعت محاكم عسكرية في غوانتانامو إلى شهادات معتقلين، لكنها لم تجر مداولات نهائية للإدانة وإصدار الحكم.

في وقت سابق، قال مسؤولون أميركيون إن المحكمة العسكرية تريد إقناع عمر بالاعتراف مقابل إصدار حكم مخفف عليه، والهدف هو تحاشي محاكمة طويلة تلفت الأنظار أكثر إلى أن «العسكريين الأميركيين يحاكمون مسلما قاصرا».

في سنة 2002، اعتقلت القوات الأميركية في أفغانستان خضر، وكان عمره 15 سنة، بتهمة قتل جندي أميركي هناك. وفي وقت لاحق، أضيفت تهم أخرى، من بينها محاولة قتل آخرين، أميركيين وغير أميركيين، عسكريين ومدنيين.

وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إن العسكريين الأميركيين لاحظوا أن محاكمة خضر أثارت اهتماما كبيرا في العالم، خاصة في العالم الإسلامي، وخاصة في وطنه كندا. وإن العسكريين الأميركيين يخشون أن محاكمة مطولة ستزيد الاهتمام، وستعطي صورة سلبية لهم وللمحكمة العسكرية في غوانتانامو.