باكستان توجه نداء استغاثة للعالم بعد تشرد 15 مليونا من مواطنيها في الفيضانات

نجل زرداري يدافع عنه.. ويفتح في بريطانيا مركزا لجمع المساعدات لضحايا السيول

TT

وجهت الحكومة الباكستانية نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي لمساعدتها على إنقاذ وإجلاء ضحايا أسوأ فيضانات تعرفها منذ قرن، فيما دافع بيلاوال بوتو زرداري، نجل الرئيس الباكستاني علي آصف زرداري، عن والده أمام الانتقادات الموجهة له بسبب رفضه قطع جولته الأوروبية، وافتتح من ناحية أخرى في بريطانيا، التي درس في إحدى جامعاتها العريقة القانون، مركزا لجمع المساعدات لضحايا السيول في بلاده.

وواصلت السلطات الباكستانية أمس إجلاء مئات العائلات المتضررة من الفيضانات الضخمة التي طالت جنوب البلاد وخلفت نحو 15 مليون منكوب في باكستان، قبل أن تنتقل إلى الهند المجاورة. وتضرر نحو ثلاثة ملايين شخص في جنوب باكستان خصوصا ولاية السند التي يعبرها نهر الهندوس وتم إجلاء مليون شخص ليرتفع إجمالي عدد المنكوبين إلى 15 مليونا في مختلف أنحاء البلاد على ما أفادت السلطات المحلية. وأعلن وزير الري في ولاية السند جام سيف الله دهاريجو أن «سكان بعض المناطق يرفضون ترك منازلهم وممتلكاتهم. إننا نرغمهم على الرحيل لأن حياتهم معرضة للخطر». وأضاف أن «مستوى فيضان النهر مرتفع بشكل استثنائي فيما لا تزال أمطار متقطعة تتهاطل».

ونقل السكان الذين تم إجلاؤهم إلى ملاجئ مؤقتة وخصوصا في مبان حكومية مثل المدارس أو في خيام. وأعلنت الأمم المتحدة أن الاحتياجات هائلة في بلد فقير أنهكته هجمات الإسلاميين المتطرفين. واعتبرت من جهتها أن أكثر من 4.5 مليون باكستاني تضرروا من السيول التي غمرت قرى بكاملها وخلفت ما لا يقل عن 1600 قتيل في ظرف أسبوعين. وتوقعت أجهزة الأرصاد الجوية استمرار الأمطار يومين آخرين في الجنوب. ولا يزال الإنذار المرتفع قائما في ولاية السند لمواجهة خطر «فوري» و«مرتفع جدا» للفيضانات. كذلك يتوقع هطول أمطار غزيرة في ولاية خيبر بختونخوا حيث خلفت الفيضانات حسب مسؤول عمليات الإغاثة الجنرال غهايوور محمود 1400 قتيل و213 مفقودا في هذه الولاية وحدها. وعلقت السلطات، من باب الاحتياط، بعض النشاطات في عدة محطات كهربائية ما يهدد بحرمان جزء من البلاد من الكهرباء التي لا تنتج منها سوى ما يغطي 80% من احتياجاتها. وأعلن مسؤول محلي أمس أن السيول تسربت إلى داخل محطة كهرباء في البنجاب. وقالت رنا عبد الرزاق التي تعمل مهندسة في محطة للطاقة حيث احتمى نحو 100 من ضحايا السيول فوق أحد الأسطح: «منازلنا غمرتها المياه تماما. ظللت أضع لعب أولادي في أماكن أعلى في منزلي لحمايتها من المياه. لكن فقدت كل شيء. لا أستطيع إبلاغكم كم هو سيئ أن ترى هذه اللعب تطفو على المياه». ووجه رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني نداء إلى المجتمع الدولي طالبا مساعدة فورية لبلاده التي تعاني من «أسوأ فيضانات في تاريخها». وبعد الولايات المتحدة وإيطاليا أعلنت أستراليا أمس زيادة مساعدتها إلى باكستان بمقدار الضعفين لتبلغ 9.2 مليون دولار أميركي. وتسببت الأمطار الغزيرة في المنطقة أيضا في فيضانات استثنائية في الهند المجاورة وخلفت 132 قتيلا ومئات المفقودين في كشمير (شمال). وأعلن مسؤول في الشرطة فضل عدم كشف اسمه «مقتل 132 شخصا وفقدان 250» بينما تحدثت قناة «إن دي تي في» عن 400 مفقود على الأقل.

بدوره، دافع الرئيس الباكستاني علي آصف زرداري الذي يقوم بزيارة إلى بريطانيا عن نفسه أمام الانتقادات التي وجهت إليه بشأن رفضه قطع زيارته والعودة للوطن خلال الفيضانات. وقال زرداري في برنامج «نيوز نايت» الذي بثه تلفزيون «هيئة الإذاعة البريطانية» الليلة قبل الماضية: «هناك مسؤول تنفيذي في البلاد. البرلمان منعقد ومجلس الشيوخ منعقد. إنها مسؤولية رئيس الوزراء وهو يضطلع بمسؤولياته». وكان مقررا أن يوجه الرئيس الباكستاني أمس كلمة إلى الجالية الباكستانية في بريطانيا بعد محادثاته مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون التي اتفق فيها الزعيمان على بذل مزيد من الجهود لمكافحة الإرهاب. وقال انار جول أحد ضحايا السيول بشمال غربي باكستان «رئيسنا يزور الدول الأجنبية في حين نغرق نحن هنا. الحكومة لا تفعل شيئا. انظروا إلى اوضاعنا. لا نزال نجلس في المطر. ليس لدينا خيام. لا نحصل على أي شيء من أي جهة». كذلك، دافع بيلاوال بوتو زرداري بشدة أمس عن الجولة التي يقوم بها والده الرئيس علي آصف زرداري في أوروبا هذا الأسبوع في الوقت الذي تواجه فيه باكستان أسوأ فيضانات منذ ثمانين سنة. وأكد ابن الرئيس وبي نظير بوتو رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة التي اغتيلت في اعتداء سنة 2007، أن والده يساهم في جمع الأموال لحل الأزمة الإنسانية في باكستان. وقال خريج أكسفورد خلال وجوده في سفارة باكستان في لندن لفتح مركز لجمع المساعدات لبلاده مدافعا عن والده «إنه يبذل كل ما بوسعه وما يعتبره الأفضل لمساعدة الشعب الباكستاني. إن الوقت غير مناسب للألاعيب السياسية». وأضاف: «لو كان في باكستان لما استطاع جمع هذه الأموال» في إشارة إلى المساعدة التي حصدها الرئيس زرداري في فرنسا وبريطانيا وأبوظبي. وتابع «لو اعتقد أنه سيكون أكثر فائدة في باكستان لكنت على يقين من أنه كان سيبقى هناك».