سليمان يؤكد أن لا استراتيجية دفاعية من دون جيش قادر

طاولة الحوار تتمسك بالوفاق الوطني في لبنان

الرئيس اللبناني ميشال سليمان، مترئسا أمس جلسة الحوار اللبناني التي انعقدت في مقر الرئاسة الصيفي في بيت الدين (دالاتي ونهرا)
TT

انتهت جلسة الحوار اللبناني، أمس، التي عقدت برئاسة رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، في المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين، بالتوافق على «مواصلة البحث في الاستراتيجية الوطنية الدفاعية واستكمال تقديم الدراسات الخاصة بهذا الموضوع، والاسترشاد في هذا المجال بالدروس المستفادة من واقعة العديسة»، في إشارة إلى المواجهات التي شهدتها بلدة العديسة الحدودية بين الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية في الثالث من الشهر الحالي.

وبينما تم ترحيل الموعد الجديد لانعقاد هيئة الحوار إلى التاسع عشر من شهر أكتوبر (تشرين الثاني) المقبل، في القصر الجمهوري في بعبدا، اتفق المتحاورون على «التأكيد على أهمية الوفاق الوطني وترسيخ الاستقرار السياسي والأمني والالتزام بالقرارات التي سبق أن توافق عليها أطراف الحوار، لا سيما ما يتعلق منها بالسلاح الفلسطيني غير الشرعي خارج المخيمات، والاستمرار بنهج التهدئة الإعلامية والسياسية».

وغداة إقرار المجلس النيابي حق الإجازة بالعمل وتعويض نهاية الخدمة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومسارعة الجانب الإسرائيلي إلى اعتبار هذه الخطوة مقدمة لتوطين الفلسطينيين في لبنان، شدد المتحاورون على «المضي في الحملة الوطنية الهادفة لتأكيد حق العودة ورفض التوطين».

وبعد انتهاء الحوار، اعتبر الرئيس سليمان أن «النية الطيبة والإرادة الحسنة جعلتا أجواء جلسة الحوار ممتازة». وفي كلمة ألقاها في مستهل الجلسة، التي تغيب عنها لأسباب صحية كل من رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، ووزير الدفاع إلياس المر، عرض سليمان تطور الأوضاع الداخلية والإقليمية، لا سيما منها «إيجابيات القمة الثلاثية التي انعقدت في قصر بعبدا وما صدر عنها من بيان ختامي ومقررات تهدف إلى تحصين الاستقرار ودرء الفتن وتعزيز فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية». وتطرق إلى مواجهة «العديسة» منوها بـ«التصدي البطولي للجيش اللبناني في مواجهة العدوانية الإسرائيلية، وبموقف المقاومة التي وضعت نفسها تحت تصرف الجيش وأبدت استعدادها للمؤازرة».

وأكد أهمية «تعزيز الروح الوطنية وتوحيد القدرات القومية، من دبلوماسية وعسكرية واقتصادية.. لحماية لبنان والدفاع عنه، مما يشكل منطلقا يؤسس لاستراتيجية وطنية دفاعية متكاملة»، وفقا لما دعا إليه البيان الوزاري، مشددا في هذا المجال على «أهمية تسليح الجيش وتوفير العناصر اللازمة لوضع خطة تسليحه موضع التنفيذ، لأننا لا نستطيع بناء استراتيجية دفاعية دون جيش قادر». وانعكست حرارة الجو المرتفعة في قصر بيت الدين، حيث عبر عن انزعاجه منها كل من رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، على مضمون النقاش على طاولة الحوار، مع عرض رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية، سمير جعجع، «مداخلة دفاعية موضوعية ومرحلية، على أثر حادثة العديسة، إلى حين التوصل إلى حل مسألة سلاح حزب الله»، على حد تعبيره. ولاقت مداخلة جعجع امتعاض حزب الله، إذ اعتبر رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أن مداخلة جعجع «لم تكن إيجابية ولا مشجعة». وتعليقا على جدوى استمرار انعقاد هيئة الحوار، في ظل انتظام عمل المؤسسات الدستورية، شدد وزير الدولة ميشال فرعون، في اتصال مع «الشرق الأوسط» على أن «طاولة الحوار، على الرغم من عدم وضع بعض القرارات التي اتخذتها موضع التنفيذ، فإن هذه القرارات مهمة جدا، لا سيما لناحية العلاقة مع سورية وتنظيم السلاح الفلسطيني»، مشددا على أنه «في ظل التوتر الإقليمي ومحاولات استهداف المقاومة والهواجس الموجودة، أهمية طاولة الحوار أنها تبقي الخلاف حول سلاح حزب الله محصورا داخلها انطلاقا من حساسيته ودقته».

وأشار إلى أن «موضوع تسليح الجيش يشكل جزءا من الاستراتيجية الدفاعية لكنه في الوقت عينه ليس مرتبطا ارتباطا مباشرا بها». وأعرب عن اعتقاده بأن «تجهيز الجيش حاجة ماسة وأمر منفصل عن الاستراتيجية الدفاعية التي وضعت في وقت كثر فيه المواقف والتباين حول سلاح حزب الله ومن يمسك قرار الحرب والسلم، فجاءت بديلا للاستمرار في السجال حيال هذه المسائل، لناحية كيفية الاستفادة من خبرة المقاومة وربط سلاحها بالدولة».

وذكر بأن «الجيش اللبناني بعد مرور 20 سنة من الوصاية السورية و30 سنة من عدم وجوده في الجنوب اللبناني، ثمة الكثير من الحاجات الملحة له، إن لناحية العدد أو العتاد»، لافتا إلى وجوب مقاربة مسألة التبرعات للجيش في إطارها المعنوي والرمزي.

وفي سياق المواقف المسجلة على هامش اجتماع هيئة الحوار، قال الرئيس بري، الذي استبق الدخول إلى الاجتماع في لقاء ثنائي مع رئيس الجمهورية: «هذا قصر قلة الدين، وليس بيت الدين»، في إشارة إلى الارتفاع الشديد في درجة الحرارة. ووصف أجواء الاجتماع «بالهادئة بنسبة 70%»، ووافقه في ذلك رئيس الحكومة سعد الحريري. وأعرب الرئيس أمين الجميل عن «تخوفه من التوطين، استنادا إلى تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين اعتبروا تمرير مثل هذه القوانين في مجلس النواب بداية توطين». وفي حين اعتبر انعقاد الحوار في بيت الدين «عودة إلى الجذور»، لفت جعجع إلى أنها المرة الأولى التي يزور فيها بيت الدين «بعد الأحداث»، في إشارة إلى الحرب الأهلية اللبنانية.