بوش يطالب طالبان بتسليم قادة تنظيم «القاعدة» فورا والسماح لأميركا بتفتيش معسكرات التدريب

دعا الجيش الأميركي إلى أن يكون مستعدا وقال إن المعركة ستكون حملة طويلة واستحدث منصب وزير للأمن الداخلي في حكومته

TT

ألقى الرئيس الأميركي جورج بوش ليلة اول من امس خطاباً غير عادي، امام الكونغرس بمجلسي الشيوخ والنواب، وصفه الكثيرون بأنه ربما سيكون اهم خطاب في فترة رئاسته، تحدث فيه الى الشعب الاميركي والعالم عن الحرب التي ستخوضها بلاده ضد الارهاب في العالم، رداً على التفجيرات الارهابية التي وقعت في واشنطن ونيويورك في الحادي عشر من الشهر الجاري، حيث سيظل يوماً لن ينسى في تاريخ الولايات المتحدة.

وطلب من دول العالم ان تنضم الى الولايات المتحدة في هذه الحرب او الحملة التي ستخوضها بلاده ضد الارهاب وهي متحدة شعباً وحكومة وكونغرساً.

وفي شيء من التحديد الحذر قال الرئيس بوش، رداً على سؤال تطرحه اميركا على نفسها، وهو من الذي هاجمنا؟ ان منظمة «القاعدة» وزعيمها المدعو اسامة بن لادن مسؤولة عن تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك، ووزارة الدفاع (البنتاغون) في واشنطن. وقال: «ان «القاعدة» للارهاب، مثل «المافيا» للجريمة، ولكن هدفها (القاعدة) ليس المال، وانما هدفها فرض معتقداتها المتطرفة على الناس في كل مكان في العالم».

وأضاف: ان الأدلة التي تجمعت، تؤكد ان منظمة «القاعدة» وهي نفسها التي فجرت السفارتين الاميركيتين في كينيا وتنزانيا، والمسؤولة عن تفجير المدمرة «كول»، هي المسؤولة عن التفجيرات الاخيرة، وان هذه المنظمة وزعيمها المدعو اسامة بن لادن على صلة ومرتبطة بمنظمات عديدة في بلدان عدة، بما في ذلك حركة الجهاد الاسلامي في مصر، والحركة الاسلامية في اوزبكستان، وهناك الآلاف من هؤلاء الارهابيين في اكثر من 60 بلداً، مجندون من تلك البلدان والدول المجاورة، يؤخذون الى معسكرات في اماكن مثل افغانستان، حيث يتم تدريبهم على تكتيك الارهاب، ثم يعادون الى بلدانهم، او يرسلون للاختباء في بلدان حول العالم للقيام بأعمال الارهاب والشر والتدمير. وقال: «ان لقيادة «القاعدة» تأثيراً عظيماً على حركة طالبان الحاكمة في افغانستان».

وهاجم حركة طالبان التي تحكم الشعب الافغاني بأسلوب وحشي وقمعي، واشار الى معاناة الافغان تحت حكمها. وأدان طالبان قائلاً: «ان الولايات المتحدة تحترم الشعب الافغاني، ولكننا ندين هذا النظام، لا لأنه يقمع شعبه وبوحشية فقط، بل لأنه يشكل تهديداً في كل مكان عبر دعم وتمويل وايواء الارهابيين، وهو بذلك يرتكب الجرائم».

وأعلن الرئيس بوش ان «حربنا ضد الارهاب تبدأ بـ«القاعدة» ولكنها لا تنتهي معها هناك، ولن تنتهي قبل ايجاد وتحديد كل مجموعة ارهابية في العالم وكل دولة تدعمها».

واعلن عدة مطالب اميركية، حذر طالبان بأن عليها ان تستجيب لها فوراً، وتنفذها وإلا فانها ستلاقي المصير الذي سيلاقيه الارهابيون، وهي يجب على طالبان ان تنفذ المطالب التالية، وفوراً:

* تسليم جميع قادة «القاعدة» الموجودين في افغانستان الى الولايات المتحدة.

* اطلاق جميع الاجانب المحتجزين في افغانستان ومنهم الرعايا الاميركيون المسجونون ظلماً.

* حماية جميع الأجانب الموجودين في افغانستان بمن فيهم الصحافيون، والدبلوماسيون وموظفو منظمات الاغاثة الانسانية.

* اغلاق كل معسكر تدريب للارهابيين في افغانستان فوراً وتسليم كل ارهابي، وكل شخص في بنية وجهاز الدعم للارهاب الى السلطات الملائمة.

* السماح للولايات المتحدة بشكل كامل بالوصول الى معسكرات تدريب الارهابيين للقيام بالتفتيش للتأكد من انها اغلقت ولم تعد تعمل.

وأعلن محذراً ومتوعداً طالبان، وسط عاصفة من التصفيق تعكس تأييد الكونغرس له، والرغبة العارمة في بدء العمل العسكري، فقال: ان هذه المطالب غير قابلة للتفاوض وعلى طالبان ان تلبيها فوراً ومن دون تأخير، والا فان طالبان ستلاقي مصير الارهابيين.

وخاطب المسلمين في كافة انحاء العالم، وجدد التأكيد على ان الاميركيين يحترمون المسلمين والدين الاسلامي، الذي يعتنقه ملايين الاميركيين والكثير من الملايين في بلدان نعتبرها صديقة اميركا. وجدد التأكيد على ان الاسلام دين السلام والتسامح، وان الذين يرتكبون هذه الاعمال الشريرة باسم الله، يكذبون على الله، وان الارهابيين خائنون لدينهم، ويحاولون اختطاف الاسلام رهينة.

وأكد ان «الحرب ليست ضد المسلمين والعرب، انما هي ضد الارهاب والارهابيين، وان العدو المشترك هو شبكة متطرفين وإرهابيين، وهي حرب تبدأ بـ«القاعدة» ولن تنتهي عندها او معها. كما ان عدونا هو كل حكومة تدعم الارهابيين». وجدد دعوته الى الاميركيين وحذرهم قائلاً: انه يجب على كل واحد ألا يوجه اتهاماً او يقوم بمعاملة سيئة او يتفوه بالفاظ سيئة ضد احد بسبب دينه او عرقه.

وذكّر الرئيس بوش دول العالم، من تحت قبة الكونغرس، ان الأدلة التي جمعتها اجهزة التحقيق تؤكد ان الكونغرس كان هدفاً لتفجير ارهابي، لكنه لم ينجح بسبب سقوط الطائرة الرابعة بعد عراك بين الخاطفين والمسافرين على الطائرة.

وحذر دول العالم واعطاها خيارين لا ثالث لهما قائلا: «ان كل بلد، اعتباراً من هذا اليوم، يستمر في دعم الارهابيين او توفير المأوى لهم، ستصنفه الولايات المتحدة نظاماً معادياً، وان كل بلد في كل منطقة عليه اتخاذ القرار اما ان يكون معنا، او ان يكون مع الارهابيين».

وتطرق الى كيف ستخوض اميركا الحرب ضد الارهاب من بعض جوانبها فقال: «اننا سنوجه كل مصادرنا، وكل وسائلنا الدبلوماسية، وكل ادواتنا الاستخبارية، وكل اجهزة الامن، وكل نفوذ وتأثير اقتصادي لنا، وكل السلاح الضروري في الحرب لهزيمة الارهاب وسحقه».

وقال الرئيس بوش ببعض التفصيل: «ان الحرب لن تكون مثل الحرب ضد العراق قبل 10 سنوات... ولن تشبه الحرب الجوية في كوسوفو قبل عامين... ان مدى ردنا سيكون اكثر من كونه رداً خاطفاً وهجمات معزولة».

وطلب من الاميركيين ألا يتوقعوا معركة واحدة بل حملة طويلة «لم يسبق ان رأينا لهامثيلاً، فربما تشمل قصفاً وغارات دراماتيكية، ويمكن رؤيتها على شاشات التلفزيون، وسنقطع امدادات الارهابيين ومصادر تمويلهم، وسنحول مجموعاتهم واحدة ضد الاخرى، وسنطاردهم ونطردهم من مكان الى آخر، حتى لا يجدوا مأوى يرتاحون فيه. وسنسعى مع الدول التي توفر المساعدة والمأوى والدعم للارهابيين لتتوقف عن ذلك.. وكل بلد في كل منطقة امامه اتخاذ القرار اما ان تكون معنا او ان تكون ضدنا». وقال: ان الحرب الآن هي حرب بين الحرية من جهة والرعب والخوف من جهة ثانية.

ودعا الجيش الاميركي الى ان يكون مستعداً ومتأهباً، وقال: «ان رسالتي لقواتنا العسكرية ان تكون مستعدة وأدعوها الى التأهب، وان الساعة التي ستبدأ فيها اميركا العمل قادمة، واننا سنفخر بما ستقومون به..». وكرر التأكيد على انه سيتم تحقيق العدالة، اما بجلب الارهابيين للعدالة، او جلب العدالة اليهم وتطبيقها عليهم.

ورداً على سؤال طرحه، وهو لماذا يكره الارهابيون اميركا فقال: ان الارهابيين يكرهون الولايات المتحدة ويكرهون الحرية لأنها تقف عائقاً في طريقهم، ولكن نهايتهم ستكون مثل نهاية النازية والدكتاتوريين في العالم. والى المقبرة غير المعروفة للأكاذيب والأضاليل المرفوضة».

وأكد ثقته بأن الولايات المتحدة ستنتصر في هذه الحرب مهما طالت، ودعا الاميركيين الى العودة «لحياتهم الطبيعية والتحلي بالصبر والعزيمة حتى في وجه التهديد الارهابي المستمر، والتعاون مع التحقيقات الجارية، والاستمرار في الثقة بالاقتصاد...».

وأعلن انه لمواجهة «التحدي الجديد المفاجئ» يجب اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة امنيا واقتصاديا واستخباراتيا لضمان سلامة النقل الجوي. ومنها البدء بوضع رجال امن على الرحلات الجوية الداخلية، وغيرها من اجراءات لمنع وقوع عمليات خطف وتعزيز الاستخبارات لكشف الخاطفين وافشال خططهم قبل وقوعها. وأشار الى مشروع قانون جديد واجراءات اخرى لتعزيز وتوسيع سلطات وصلاحيات الاجهزة الامنية المختلفة ومنها سلطات الهجرة.

وفي هذا النطاق اعلن الرئيس بوش استحداث منصب وزاري جديد وهو وزير الأمن الداخلي، وأسنده الى صديقه الحميم حاكم ولاية بنسلفانيا توم ريدج، حيث يرفع تقريره للرئيس مباشرة، وسيعمد اليه بالاشراف على جميع العمليات المتعلقة بالأمن الداخلي.

وشكر الرئيس بوش دول العالم على ما تعهدت به من دعم وتعاون لمحاربة الارهاب، ودعاها الى الانضمام لبلاده، وتقديم المساعدات في كافة المجالات امنية واستخباراتية ومعلوماتية.

الجدير ذكره ان خطاب الرئيس بوش جاء في ختام يوم كان حافلاً باللقاء والمحادثات مع عدد من القادة ووزراء الخارجية الاجانب بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ووزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل. كما يذكر ان جلسة الكونغرس التي خاطب الرئيس الشعب امامها تمت في اجواء اجراءات امنية لا سابقة لها حيث قامت بالحراسة طائرات حربية جوية، وقوات امنية وشرطة سرية خوفاً وتحسباً من اعمال ارهابية، خصوصاً ان الكونغرس كان هدفاً يوم التفجيرات الارهابية الانتحارية. ولذلك غاب ريتشارد تشيني عن حضور الجلسة، وهو أمر لم يسبق له مثيل في مثل هذه المناسبات، حرصاً على امنه وسلامته وليتابع اعمال الحكومة والادارة من مكان آمن.