طهران ترسل إشارات متناقضة حول التخصيب عشية تدشين محطة بوشهر النووية

إيران تختبر الصاروخ «قيام».. والحرس الثوري يتوعد بضرب مصالح «الأعداء» في أي مكان

مصورون يتجمعون امام مجمع بوشهر النووي استعداداً لافتتاحه اليوم حيث يحضر مراسم الافتتاح مسؤولون في منظمة الطاقة النووية الايرانية ومسؤولون بهيئة الذرية في روسيا (إ.ب.أ)
TT

تناقضت تصريحات المسؤولين الإيرانيين، أمس، حول البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل، ففي حين أعطى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إشارات تدل على مرونة موقف طهران إزاء المجتمع الدولي، من خلال إعلانه استعداد بلاده لبدء المفاوضات فورا، ووقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، أكد رئيس البرنامج النووي الإيراني، علي أكبر صالحي، أن الجمهورية الإسلامية ستواصل التخصيب لتتمكن من توفير الوقود لمحطة بوشهر النووية، التي يفترض أن تدشن اليوم. وجاء ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه طهران أمس عن «نجاحها» في تجربة إطلاق صاروخ أرض - أرض من طراز «قيام 1»، مؤكدة أن للصاروخ الجديد «قدرة تكتيكية كبيرة تحد من فرص رصده»، بينما أكد الحرس الثوري الإيراني استعداده «للتصدي بقوة» لأميركا وإسرائيل والاستفادة من إمكانية «تعبئة الأمة الإسلامية لاستهداف مصالح العدو في أي مكان تحدده».

ونقلت صحيفة «يوميوري شيمبون» اليابانية أمس، عن أحمدي نجاد قوله إن بلاده مستعدة للعودة دون شروط إلى محادثات نووية متعثرة مع القوى العالمية، حول خطة لمبادلة مواد نووية بوقود. ونقلت الصحيفة عن أحمدي نجاد قوله لها في مقابلة إن إيران كانت منفتحة لاستئناف المحادثات في أواخر أغسطس (آب) أو أوائل سبتمبر (أيلول) مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا.

وقال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الأربعاء إن بلاده لن تجري محادثات مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني ما لم ترفع العقوبات، وتوقف التهديدات العسكرية.

وعقد آخر اجتماع بين إيران والولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وروسيا وألمانيا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما بحثوا إرسال إيران كمية من اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى الخارج، مقابل حصولها على وقود نووي لمفاعل في طهران ينتج نظائر مشعة للأغراض الطبية.

وقال أحمدي نجاد في المقابلة: «نعد بوقف تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 20 في المائة إذا ضمنا الحصول على إمدادات الوقود»، حسبما أوردته وكالة «رويترز».

وقالت إيران في فبراير (شباط) الماضي إنها بدأت تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 20 في المائة، ويقول محللون إن ذلك يعني أنها قادرة على زيادة هذه النسبة إلى مستوى يصلح لإنتاج أسلحة خلال شهور إذا أرادت. وتقول إيران إن أنشطتها لأغراض سلمية فقط.

لكن الصحيفة اليابانية قالت إن أحمدي نجاد رفض دعوات تطالب إيران بوقف كل أنشطة تخصيب اليورانيوم، بما في ذلك إنتاج يورانيوم منخفض التخصيب، ونقلت عنه القول: «من حقنا تخصيب اليورانيوم، لم نبادر قط بشن حرب أو نرغب في امتلاك قنابل نووية».

وفرض مجلس الأمن حزمة رابعة من العقوبات على إيران في يونيو (حزيران) الماضي. كما تعرضت إيران أيضا لإجراءات أكثر شدة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى تخشى أن تكون برامج طهران النووية ستارا لامتلاك قنبلة.

ومن جانبه، أكد رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، استمرار نشاطات التخصيب لتوفير الوقود لمحطة بوشهر النووية. وقال صالحي لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) إن «التخصيب لإنتاج وقود لمحطة بوشهر ومنشآت أخرى سيتواصل».

وتطلق إيران اليوم أول مفاعل نووي لها بنته روسيا قرب مرفأ بوشهر (جنوب)، على الرغم من العقوبات الدولية التي تستهدف البرنامج النووي الإيراني الذي يشتبه في أنه يخفي طموحات عسكرية.

وسيبدأ التقنيون الروس والإيرانيون في المحطة اليوم بشحن 165 من قضبان الوقود في المفاعل النووي، ليصبح عندها رسميا منشأة نووية. لكن صالحي قال إن إيران ستقوم بتخصيب اليورانيوم محليا لأنها قد لا تستطيع شراء الوقود من موسكو لتشغيل المحطة. وأضاف أن «بوشهر يمكن أن يعمل ستين عاما وننوي استخدامه لأربعين عاما. لنفترض أننا سنشتري الوقود لعشر سنوات من روسيا! وماذا سنفعل (...) للسنوات التالية». وأوضح المسؤول الإيراني أن الاتفاق مع روسيا لا ينص على أن تشتري طهران الوقود من موسكو دائما، لأن «محضر الاتفاق يقضي بأن يلبوا طلباتنا إذا طلبنا منهم ذلك».

في غضون ذلك، أعلن وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي أمس أن طهران أجرت بنجاح تجربة إطلاق صاروخ أرض - أرض من طراز «قيام 1». وعرض التلفزيون الرسمي صورا للصاروخ «قيام» وقد كتبت عليه عبارة «يا مهدي» أثناء إطلاقه من موقع صحراوي. ولم ترد أي تفاصيل حول مدى الصاروخ أو تاريخ التجربة.

وقال الوزير إن «للصاروخ مميزات تقنية جديدة وقدرة تكتيكية فريدة»، مضيفا أن هذا «الصاروخ أرض - أرض ليست له أجنحة وبالتالي فإن لديه قدرة تكتيكية كبيرة تحد من فرص رصده». وتملك إيران حاليا عشرات الصواريخ المتوسطة المدى (ألفي كلم) وهي تعمل حثيثا على تطوير قدرتها البالستية، وخصوصا عبر برنامج فضائي.

وفي سياق متصل، أعلن الحرس الثوري الإيراني استعداده «للتصدي بقوة» لأميركا وإسرائيل والاستفادة من إمكانية «تعبئة الأمة الإسلامية لاستهداف مصالح العدو في أي مكان تحدده». وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء أن الحرس الثوري أكد في بيان أن قدراته الدفاعية «بلغت أقصى درجات الاستعداد لردع أي تهديد أو حماقة محتملة يرتكبها الأعداء الكبار والصغار»، وأضاف البيان أن قوات الحرس الثوري «سترد بكل قوة وحزم (على أي هجوم محتمل) بالاستفادة من إمكانية تعبئة الأمة الإسلامية لاستهداف مصالح العدو في أي مكان تحدده وتلحق الهزيمة النكراء بالأعداء».