شرطة كركوك تستميل مواطنيها.. بموائد الإفطار

قادتها: إنها رسالة للجماعات الإرهابية بأننا والمواطنين نقف معا

TT

في مسعى لكسب ثقة المواطنين واستمالتهم للتعاون معها في التصدي للجماعات المسلحة، لجأت قيادة شرطة محافظة كركوك في شهر رمضان الحالي، ولأول مرة منذ سقوط النظام السابق عام 2003، إلى إقامة مآدب إفطار في مختلف أماكن العبادة في المدينة المتنوعة عرقيا ومذهبيا.

وتعد كركوك الغنية بالنفط إحدى أهم القضايا الخلافية بين الكتل السياسية، بسبب مطالبة الأكراد بضمها إلى إقليمهم، الأمر الذي يرفضه العرب والتركمان، مما دفع القوات الأميركية إلى البقاء في طرفي المناطق المتنازعة.

وتقيم الشرطة سلسلة المآدب الرمضانية بدعم من وزير الداخلية جواد البولاني، بهدف تعزيز السلم الأهلي وبناء الثقة بين مواطني المدينة. ويقول قائدها اللواء جمال طاهر بكر إن «هذه الخطوة هدفها تعزيز الثقة بين مواطني كركوك وقوات الشرطة (...) إلى جانب كونها رسالة للجماعات الإرهابية بأن قيادة الشرطة وضباطها يقفون مع مواطنيهم لبناء علاقات مميزة». ويضيف، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن «المواطن يشارك في توطيد الأمن بنسبة تزيد على خمسين في المائة».

بدوره، يقول اللواء تورهان يوسف عبد الرحمن، نائب مدير شرطة المحافظة، إن «المبادرة هدفها كسب ثقة المواطن، وهو أمر مؤثر في تحقيق الأمن».

وتقام الموائد في حسينية آل البيت ومسجد النور الكبير والتكية الطالبانية، وتعكس التنوع القومي والطائفي في كركوك. وتتزامن هذه المآدب مع انسحاب الوحدات الأميركية القتالية، بحسب الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن.

ويضيف عبد الرحمن أن «جاهزية القوات الأمنية لا تعتمد فقط على العدد، وإنما على تعاون المواطن، مما يسهم في تعزيز الجهد الاستخباراتي (...) ويضمن الحفاظ على النسيج والانسجام القومي». ويلفت إلى أن «قوات الأمن في كركوك عكست جهودها الأمنية من خلال تفكيك واعتقال قادة ومتورطين في أعمال إرهابية». ويؤكد أن «قوات الأمن تستمد قوتها من وحدة عملها بتنوعها القومي، وهي رسالة واضحة ومهمة للفرقاء السياسيين بأن قضية الأمن خط أحمر، وعلى الجميع أن يسهموا في صناعته في هذه المدينة الحساسة».

من جهته، يؤكد قنبر أصغر عبد الحسن مشاركته في مأدبة إفطار في «حسينية آل البيت، وجلسنا مع كبار قادة الشرطة، وسمعنا همومهم وسعيهم إلى توطيد الأمن في ظل الظروف الصعبة، خصوصا مع تأخر تشكيل الحكومة وانعدام الخدمات خلال الصيف الحار من حيث نقص الكهرباء». ويعاني العراق من نقص حاد في التيار الكهربائي بسبب تقادم البنى التحتية والعمليات التخريبية التي تستهدف شبكات الطاقة.

بدوره، يعتبر نور الدين عمران، وهو تركماني، أن المشاركة «في الإفطار في جامع النور رسالة تعطي انطباعا مختلفا عندما تشاهد قادة الأمن الذين تخشاهم في الطرقات وهم يقومون بخدمة الصائمين». ويضيف «إنها خطوة مميزة بحاجة لأن يحتذي بها الأطراف السياسيون لمساعدة أهالي أغنى مدينة في العالم كي ينعموا بالثروات وترك خلافاتهم ومعالجة كل الملفات العالقة».

أما كامران عزيز هلو، الذي شارك بإفطار أقيم في تكية الطالبانية، فيقول إن المبادرة «جيدة، لكن نتمنى من قوات الأمن النزول إلى الشارع للاطلاع على هموم المواطن (...) نثمن عملهم وجهودهم ليل نهار». لكنه أضاف «لا نزال نتحاشاهم، فهم بحاجة للإعداد ومعالجة الأخطاء التي تشوب عملهم اليومي، وإبداء مرونة أكثر مع المواطنين (...) ومع ذلك إنها خطوة جيدة لاستمالة أهالي كركوك». وأشاد «بعمليات الكشف عن المتورطين أو الوصول للجماعات المسلحة، وبضرورة التعاون المميز بين رجل الأمن وأهل مدينته».

ومسألة كركوك من أعقد مشكلات العراق، بحيث لم يعد الجيش الأميركي انتشار قواته فيها مخافة اندلاع نزاع بين العرب والأكراد. وينتشر أكثر من 11 ألف شرطي لحفظ الأمن منذ ثلاث سنوات في المدينة وأقضيتها ونواحيها، كما يتمركز 12 ألفا من عناصر الجيش العراقي خارج المدن، فضلا عن قوات مشتركة ومركز تنسيق مشترك وأجهزة أمنية متعددة.