أوباما: لسنا في حرب مع الإسلام.. وأكثر ما كان يعجبني في بوش تركيزه على ذلك

تعهد بمواصلة ملاحقة بن لادن والسعي إلى السلام في الشرق الأوسط حتى إذا فشلت المفاوضات

اوباما خلال المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (رويترز)
TT

وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما رسالة واضحة للشعب الأميركي أمس، خاصة المسلمين الأميركيين، بأن الولايات المتحدة لن تفرق بين مسلم وغير مسلم من مواطنيها، مؤكدا أنه «من الضروري أن نوضح من هو العدو».

وحذر أوباما في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض أمس من أن «(القاعدة) تراهن على حرب بين الولايات المتحدة والمسلمين»، مضيفا أنه يجب عدم التفرقة بين «هم المسلمين ونحن، فالجميع يشكل نحن». وفي تصريحات حماسية قال أوباما «لدي مسلمون يحاربون في أفغانستان ويرتدون زي القوات الأميركية المسلحة. إنهم يعرضون حياتهم للخطر من أجلنا وعلينا أن نوضح لهم أننا لا نفرق بينهم وبيننا». وشدد على أن ذكرى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) يوم غد فرصة مهمة للتأكيد على مبدأ الشمولية وحماية موقع المسلمين في الولايات المتحدة.

وفي ثامن مؤتمر صحافي موسع منذ توليه الرئاسة، كان من المفترض أن يخصص مؤتمر أوباما الصحافي لتناول الوضع الاقتصادي في البلاد.

وفي تصريحاته في مقدمة المؤتمر الصحافي تناول أوباما الاقتصاد وأهمية خلق فرص العمل، إلا أن حيزا كبيرا من المؤتمر خصص لبحث أوضاع المسلمين في الولايات المتحدة خاصة على خلفية تهديد القس المتطرف تيري جونز بحرق نسخ من المصحف الشريف، بالإضافة إلى مواجهة «القاعدة» بعد 9 سنوات من وقوع هجمات 11 سبتمبر. وكرر أوباما مرات عدة في المؤتمر الصحافي أهمية التفرقة بين تنظيم القاعدة «وأقلية صغيرة جدا» من المسلمين الذين يقومون بأعمال عنف، وغالبية المسلمين حول العالم «الذين يرفضون العنف ويريدون علاقات جيدة مع الولايات المتحدة».

وبينما تحدث أوباما عن حرصه على علاقات جيدة مع المسلمين، مؤكدا «لسنا في حرب مع الإسلام»، فإنه في الوقت نفسه تعهد بمواجهة تنظيم القاعدة والسعي لتفكيكه. وقال «علينا أن نكون واضحين بشأن من هو العدو، وهو أقلية صغيرة تقوم بعمليات عنف، وقد استهدفت المسلمين أكثر من أي مجموعة أخرى». وذكر أوباما الأميركيين بأن القوات الأميركية في أفغانستان «لأن هجمات 11 سبتمبر انطلقت منها»، مضيفا «نريد أن نفكك (القاعدة) ونمنع أي هجمات ضد الولايات المتحدة من أن تنطلق من أفغانستان مجددا». وأكد أوباما أن «ملاحقة (رئيس تنظيم القاعدة) أسامة بن لادن و(نائبه أيمن) الظواهري أولوية بالنسبة لنا وفي غاية الأهمية». ولفت إلى أهمية إبقاء علاقات جيدة مع المسلمين «لأننا بحاجة لكل الحلفاء في مواجهة (القاعدة)». وفي ما يخص إغلاق معتقل غوانتانامو، اقر أوباما بأن هذه الموضوع «أخفقنا في تحقيق تعهدنا الانتخابي بإغلاقه»، لكنه أكد مواصلة الجهود لتحقيق هذا الوعد الانتخابي من دون تحديد فترة زمنية لذلك.

وفي ما يخص إحياء ذكرى 11 سبتمبر، قال أوباما «لا نتذكر فقط وجع القلب من هجمات 11 سبتمبر، لكن قدرة الأميركيين على المثابرة وقيم هذا البلد»، مطالبا بـ«إعادة إحياء روح الاتحاد التي ولدت بعد الهجمات». وأضاف «يجب ألا نسمح لمجموعة صغيرة بأن تخيفنا»، مؤكدا «نحن أقوى منهم». وفي ما يخص الانقسام والتوتر في ما يخص وضع المسلمين في الولايات المتحدة على الرغم من وعود أوباما بـ«بداية جديدة» مع المسلمين بعد انتخابه للرئاسة، قال الرئيس الأميركي «عندما يعاني البلد من التوتر بشكل عام ويعاني من وضع صعب، يمكن أن يظهر الخوف والانقسام والشكوك». لكنه أضاف أنه من الضروري مواجهة هذه الحالة. وفي إشارة نادرة إلى سلفه، الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، قال أوباما «من أكثر الأمور التي أعجبت بها في الرئيس بوش أنه كان شديد الوضوح في التعبير عن أننا لسنا في حرب مع الإسلام بل في حرب ضد الإرهابيين الذين يحاولون سرقة راية الإسلام». وأضاف أن بوش «شدد على أننا لسنا منقسمين بحسب الدين أو الطائفية، بل نحن متحدون ضد الذين يحاولون أن يضرونا»، محذرا من أن «علينا أن نكون حذرين من أن نتجه ضد بعضنا بعضا، وعلينا أن نذكر الأميركيين بأننا أمة واحدة تحت تعليمات الرب، بعض النظر عما نسميه، فهو رب واحد».

وكرر أوباما موقفه المعارض لخطط القس المتطرف تيري جونز لحرق نسخ من المصحف الشريف، قائلا «فكرة أن يحرق أحد نسخا من كتاب مقدس لديانة شخص آخر تتعارض كليا مع مبادئ هذا البلد».

وأضاف «كقائد عام للقوات المسلحة، إنني أرى مظاهرات في أفغانستان تهدد قواتنا هناك، وعلي أن أرسل رسالة واضحة بأن مثل هذه التصرفات تهدد رجالنا ونساءنا وتعرضهم للخطر». وتابع «لا شك أنه عندما يحاول شخص أن يستفز ويثير مشاعر أكثر من مليار مسلم، ولدينا نحن جنود في دول مسلمة، فإن الأمر سيكون صعبا جدا». ولفت أوباما إلى قلقه من أن «أناسا حول هذا البلد سيتصورون أن هذه طريقة للحصول على الانتباه، لكنك لا تلعب ألعابا تعرض حياة قواتنا للخطر» من أجل الشهرة. وأضاف «في عصر الإنترنت هذا أمر يمكن أن يسبب لنا خطرا جديا».

وفي ما يخص بناء مركز إسلامي بالقرب من موقع مركز التجارة العالمي في نيويورك الذي استهدف في هجمات 11 سبتمبر، كرر أوباما موقفه الداعم لحرية الدين وممارسة الطقوس الدينية في كل أرجاء الولايات المتحدة. وقال «أينما يمكن بناء كنسية أو معبد يهودي أو معبد هندوسي، يمكن بناء مسجد». وبينما أكد أنه يتفهم مشاعر عائلات ضحايا 11 سبتمبر، قال أوباما «نحن لسنا في حرب ضد الإسلام».

وبينما ارتكز مؤتمر أوباما الصحافي على الوضع الداخلي للولايات المتحدة، إذا كان في ما يخص العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين في البلاد أو الوضع الاقتصادي، فإنه أجاب عن سؤالين حول السلام في الشرق الأوسط. وردا على سؤال حول مخاوف من فشل المفاوضات الحالية بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال أوباما «جاء الرئيس عباس ورئيس الوزراء نتنياهو هنا بشعور بأهمية الهدف وبروح ودية أكثر مما توقع الكثيرون».

وأضاف أنهما «جديان في ما يخض التفاوض، وأكدا على هدف حل الدولتين، واتفقا على جدول لقاءات كل أسبوعين نشارك فيها بفعالية». وأفاد بأن هناك فرصا لإنجاح هذه المفاوضات لأن «الطريق لأمن إسرائيل ولسيادة فلسطينية لا يمكن سلوكه من دون مفاوضات».

وفي ما يخص موعد انتهاء فترة تجديد الاستيطان الإسرائيلي وإمكانية وقف المفاوضات الحالية بسبب رفض الحكومة الإسرائيلية لتمديد هذه الفترة، قال أوباما إن هذه قضية جدية وقد بحثها مع نتنياهو وعباس. وأضاف أنه أبلغ نتنياهو أنه «يجب أن تتقدم المحادثات بطريقة بناءة، وفي حال تم التوصل إلى اتفاق حول ما هي أراض إسرائيلية وفلسطينية فإنه يمكن للإسرائيليين بناء ما يريدونه في أرض ليس عليها نزاع».

وتابع أنه أيضا قال لعباس إن عليه أن يظهر «بناء أيضا وجديا في المفاوضات» من أجل ضمان مواصلتها.

وأقر أوباما بأن هناك «مجموعة كاملة في المنطقة من الذين يحاولون إضعاف المفاوضات، من الرافضين والمشككين، لكنها مجازفة علينا أن نجازفها» في السعي إلى السلام. وكرر أوباما أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط يأتي ضمن «مصالح الأمن الوطني الأميركي» بالإضافة إلى استقرار المنطقة. وعلى الرغم المصاعب التي أقر أوباما بوجودها، فإنه قال إن «مجازفة» المفاوضات مجدية «لأن البديل هو إبقاء الوضع على ما هو، لكن هذا أمر لا يمكن استدامته». وأضاف «في حال فشلت هذه المحادثات، سنحاول مرة أخرى».

واعتبر أن إنجاح المحادثات سيغير الأوضاع في المنطقة بشكل إيجابي، خاصة في «مساعدتنا على التعامل مع إيران التي ترفض التخلي عن طموحاتها النووية وتساعدنا في مواجهة المنظمات الإرهابية».