وسائل الإعلام الأميركية تتصارع مع مأزق قصة حرق المصحف

«غوغل نيوز»: 13 ألف قصة مستقلة عن القس المتطرف

TT

أحرق أو لا أحرق؟ تلك هي المشكلة التي واجهت القس المسيحي المغمور تيري جونز، حيث اقترب موعد المهلة النهائية التي حددها لنفسه لتدنيس المصحف. ولكن بالنسبة لوسائل الإعلام في الولايات المتحدة وحول العالم كانت المشكلة مختلفة. وهي كيف تُغطى، إخباريا، أفعال استفزازية مقصودة لشخصية متطرفة من دون أن تبرز ردود الأفعال الإسلامية العنيفة، وهو هدفه؟

ويقول روبرت طومسون، أستاذ التلفزيون والثقافة الشعبية في جامعة سيراكيوز، إنه للأسف في عصر التغطية الإخبارية المعتمدة على الإثارة ووسائل الإعلام الاجتماعية ووسائل الإعلام العالمية، فإنه لا يمكن القيام بذلك. ومن ثم فإن تأثير الشخصيات المتطرفة المستفزة، تتجه فقط إلى الزيادة، كما يتنبأ بذلك. وقال لوكالة الأنباء الألمانية: «إنها أكبر قصة لهذا اليوم». وأضاف «إن كل المؤشرات تشير إلى أنها سوف تحدث مرارا وتكرارا». ويأتي أحد مؤشرات الاهتمام الكبير بالموضوع من «غوغل نيوز» حيث إن اقتراح حرق القرآن أوجد نحو 13 ألف قصة مستقلة، مقارنة بـ8 آلاف عن أول مؤتمر صحافي للرئيس الأميركي باراك أوباما، منذ أربعة شهور، ونحو 3000 لانفجار غازي مميت دمر ضاحية بكاملها في سان فرانسيسكو. ويعتقد طومسون أنه في أيام ما قبل الإنترنت وما قبل عصر الأخبار عبر نظام الكابل، فإن السلوك الشاذ الملتوي لرجل مثل جونز، وهو قس لا يتعدى عدد أفراد كنيسته 50 شخصا «لم يكن ليرتقي حتى ليكون خبرا محليا». وقال طومسون «إنه لا يمثل أي شيء.. إنه رجل مجنون». ويبدو أن جونز أحدث تأثيره الأولي على موقع الـ«فيس بوك»، ثم اهتمت الصحافة الإسلامية بنشر تغطيات إخبارية عنه. وبمجرد وصوله إلى هذه النقطة، فإن وسائل الإعلام الأخرى والمؤسسة السياسية لم تستطع تجاهله. وقال أوباما «لا أعتقد تماما أننا الذين خلقنا هذه القصة، ولكنها في عصر الإنترنت شيء يمكن أن يسبب لنا ضررا شديدا في أنحاء العالم، ولذا أخذنا الأمر على محمل الجد». غير أن الصحافيين والسياسيين قد يفعلون أشياء بشكل مختلف. وقال طومسون إنه يجب ألا تكون هناك أبدا أي علاقة بين خطة حرق القرآن واقتراح إقامة مركز ثقافي إسلامي في مانهاتن قرب موقع هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية في عام 2001. وقد وضعت هذه العلاقة بعدما أعلن جونز أنه ألغى خطط حرق نسخ من القرآن مقابل ما زعم أنه التزامات من إمام مسجد نيويورك فيصل عبد الرؤوف لتغيير موقع بناء المسجد. وأوضح الإمام إنه لم يتحدث قط مع جونز، كما أنه لم يقطع على نفسه أي التزامات. وأضاف طومسون أنه كان يجب أن يكون هناك تأكيد أكبر على هامشية جونز والاختبار الدقيق لردود الفعل الإسلامية المتطرفة تجاه خطط الاستفزاز. وقال طومسون «إنه تجديف ضد الدين وضد كل المقدسات. ولكن هذا الشخص لم يسمع عنه أحد». وأضاف «إذا كان ذلك يمكن أن يهدد كل توازن النظام العالمي، فإن كل ما تحتاجه هو 50 شخصا لوضع العالم في معضلة».

وأعرب كاتب العمود مايك توماس بصحيفة «أورلاندو سينتينال» عن المشاعر نفسها، ولكن بشكل مختلف: وكتب يقول «لأنه (جونز) أصبح ظاهرة عالمية، يجب أن يكون ذلك علامة على قرب نهاية العالم». وفي إحدى المدونات، أعطت كيلي ماكبرايد، التي تحاضر عن الأخلاقيات الإعلامية في معهد بوينتر، وهو مركز أبحاث شهير في الصحافة، الصحافيين بعض النقاط عن كيفية تغطية الموضوع.

وكانت أول النقاط: لا تذهب لتتجنب المشاركة في المناخ الشبيه بالسيرك. كما نصحت أيضا الصحافيين بالتخلي عن حيادهم الطبيعي واتخاذ موقف ضد أفعال جونز، وأن يكونوا حكماء بشأن المادة التي يستخدمونها وبشأن الكتابة عن ردود الأفعال أكثر من التعصب. ومنحت رئيس تحرير الصحيفة المحلية لجونز «جانزفيل صن» درجات مرتفعة لأسلوبه المتوازن. ونقلت عن جيم أوستين قوله «إننا نحاول أن نجعل قراءنا على علم دون تحذيرهم أو منح هذا القس الضال شهرة أكثر مما يستحق».