حزب الله يطالب الحريري بـ«الاعتذار» لدمشق ويعتبر تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «اعتراف»

مصدر حكومي: منتقدو رئيس الحكومة لا ينطقون باسم الرئاسة السورية

TT

بقي حديث رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لـ«الشرق الأوسط» مدار أخذ ورد، خصوصا لجهة ما ذكره عن وجود أشخاص ضللوا التحقيق في قضية اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، وتسببوا في إساءة للعلاقات اللبنانية - السورية، بحيث اعتبر حزب الله أن «الاعتراف بالخطأ لا يكفي، لأن المطلوب تصحيح المسار وتقديم اعتذار علني لسورية» (بسبب اتهامها في اغتيال الحريري).

فقد رأى مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله النائب السابق عمار الموسوي أن تصريحات رئيس الوزراء سعد الحريري لصحيفة «الشرق الأوسط» هي «بمثابة اعترافات، وليست اعتذارا، كما أنها ليست سوى مجرد بداية»، معربا عن اعتقاده بأن «الاعتراف بالخطأ غير كاف، لأن المطلوب إعادة تصويب كل هذا المسار، وإلا لا أعرف كيف يمكن بناء وطن في حال عدم الاعتذار لسورية».

وردا على هذا الموقف أكد مصدر حكومي بارز لـ«الشرق الأوسط» أن «التعليقات والتصريحات التي تصدر عن أطراف سياسية أو عن سياسيين حول موقف الرئيس الحريري، لا نفترض أن هؤلاء ينطقون باسم سورية أو الرئاسة السورية»، وقال: «لا نفترض أن هناك دفاتر شروط موضوعة لنعلم أن ما أدلى به الرئيس الحريري يكفي أو لا يكفي لتصحيح العلاقات اللبنانية - السورية، لأن ما قاله رئيس الحكومة في حديثه لـ(الشرق الأوسط) مقتنع به ويؤكده مجددا، لأن كل عمليات التضليل وتوجيه المحكمة باتجاهات خاطئة كانت سيئة ومكلفة، لا سيما عندما أساءت للعلاقات اللبنانية - السورية، ومنها ما سمي شهود الزور». ولفت المصدر الحكومي إلى أن «هناك كثيرا من محاولات تضليل التحقيق منذ الساعات الأولى لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، ومن ثم محاولة توجيه المحكمة باتجاهات مختلفة، وهي أمور مسيئة للمحكمة وللحقيقة وللتحقيق وللعلاقات اللبنانية - السورية، لكن هذا الأمر على أهميته والضرر الآتي منه، حتى لو كان هناك ظلم ومن المؤكد أنه حصل ظلم، لا يعني أن عمل المحكمة سيتوقف أو يعلق بانتظار الدخول بموضوع شهود الزور قضائيا». وأضاف: «ما قاله الرئيس الحريري عن وجود مضللين للتحقيق مقتنع به تماما، لأنه لا يدافع عن مضللين، وما قاله أيضا عن أن توجيه الاتهام السياسي إلى سورية أساء للعلاقات بين البلدين مقتنع به أيضا، وهذا أمر أنهاه الرئيس الحريري منذ مدة عندما تواصل مباشرة مع الرئيس بشار الأسد وهذا ليس جديدا، وما قاله لـ(الشرق الأوسط) كان له وقعه لجهة الطريقة التي ورد فيها التصريح وتوقيته، لكن هذا لا يستتبع دفتر شروط، وأن يؤخذ كلامه إلى مكان آخر». وردا على سؤال عما إذا كان موقف الرئيس الحريري الإيجابي جدا تجاه سورية نابع من قناعة أم أنه جاء ثمرة للتقارب السعودي - السوري، قال المصدر الحكومي: «لا شك أن مرحلة الـ2005 وما تلاها أججت المواقف ليس فقط عند السياسيين بل عند معظم اللبنانيين، غير أن عامل الوقت من جهة والمتغيرات في لبنان والعالم العربي وظروف عام 2008 ومؤتمر الدوحة أرست وضعا جديدا في لبنان أنتج حكومات وحدة وطنية، لكن من دون شك فإن التقارب السعودي - السوري كان له التأثير الأكبر في تقريب وجهات النظر اللبنانية - السورية وفي تحول المشهد العربي وتغيرات في الموقف اللبناني خلال السنتين الأخيرتين».

من جهته، نوه المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب، عضو كتلة التحرير والتنمية النائب علي حسن خليل بـ«المواقف الشجاعة التي تحلى بها الرئيس سعد الحريري»، معتبرا أنه «يعبر في مراجعته للتجربة السياسية الماضية عن ضرورة إعادة وتطوير العلاقات اللبنانية - السورية لما فيه مصلحة البلدين».

وأشار عضو اللقاء الديمقراطي النائب أنطوان طعمة إلى أن «سورية اتهمت سياسيا بمقتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ونفي رئيس الحكومة سعد الحريري لتورط سورية في الموضوع جاء سياسيا أيضا». ولفت إلى أن «المحكمة الدولية تستعمل سياسيا وللتوظيف السياسي».

بدوره أشاد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمة طعمة بمبادرة رئيس الحكومة سعد الحريري «التي اتسمت بالشجاعة والوطنية، ومن شأنها أن تشكل عامل أمان واطمئنان للبنان ولعلاقاته مع دمشق ولتحصين الساحة اللبنانية الداخلية في مواجهة الأخطار المحدقة به». ولفت إلى أن «المظلة السعودية - السورية تقي لبنان الأخطار وترسخ الاستقرار»، مؤكدا أن «دور رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط يصب في خانة تمتين الجبهة الداخلية عبر اتصالاته ومشاوراته مع الأطراف المعنيين لدرء الأخطار ولجم التصعيد السياسي والشروع في حوار هادئ»، داعيا «كل الأفرقاء على حد سواء إلى العقلانية والهدوء لأن النبرة العالية والتصعيد لن يوصلا إلى أي مكان سوى إلى شحن النفوس».