الخارجية الأميركية تتوعد بفرض عقوبات جديدة على السودان إذا تدهور الوضع في الجنوب

مصادر أميركية قالت إن واشنطن ستتدخل إذا عادت الحرب إلى السودان * أوكامبو يخاطب جلسة في الكونغرس بحضور سلفا كير الجمعة

أعضاء تابعون لشرطة جنوب السودان يتجولون في جوبا عاصمة الجنوب (أ.ب)
TT

توعدت الولايات المتحدة أمس بفرض عقوبات جديدة على السودان في حال تدهور الأوضاع في جنوبه، وذلك قبل 4 أشهر من إجراء استفتاء قد يفضي إلى انفصال جنوب السودان.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن سكوت غريشن الموفد الخاص للرئيس باراك أوباما كان ذكر بأهداف الولايات المتحدة خلال محادثاته الجارية في الخرطوم وجوبا، كبرى مدن جنوب السودان. وأضاف البيان أن غريشن «حذر بوضوح شديد من أنه ستكون هناك سلسلة من التداعيات إذا تدهور الوضع في السودان أو لم يتم إحراز تقدم، بينها فرض عقوبات إضافية». وتابع بيان الدبلوماسية الأميركية: «قبل أقل من 115 يوما على الاستفتاء حول انفصال الجنوب.. دخل السودان في مرحلة دقيقة. على القادة السياسيين في السودان أن يختاروا بين التسوية والمواجهة، بين الحرب والسلام». إلى ذلك، قالت مصادر أميركية أمس إن الولايات المتحدة ربما تتدخل في السودان، إذا عادت الحرب إلى جنوبه، في إطار السياسة الأميركية العالمية والحرب ضد الإرهاب. وقالت المصادر إن الوضع في جنوب السودان قد يؤثر على الحملة الأميركية ضد الإرهاب، كما قد يؤثر على أسواق النفط. وحذرت المصادر الرئيس السوداني عمر البشير، من عرقلة إجراء الاستفتاء المقرر له يناير (كانون الثاني) المقبل في جنوب السودان. ونقلت صحيفة «كريستيان سيانس مونيتور»، عن خبراء في الشأن السوداني، قولهم إن تأخير الاستفتاء أو عرقلته، من قبل الحكومة السودانية سيؤدي إلى عودة الحرب الأهلية، مشيرة إلى أن «البشير والصفوة المروجة للحرب التي تحيط به مستعدون للحرب». ودعت الصحيفة الرئيس باراك أوباما لإجراء اتصالات مع حكومة الصين للضغط على الرئيس البشير ليضمن إجراء استفتاء حر ونزيه. وقالت إن الاستفتاء سيكون «اختبارا حقيقيا» لسياسة أوباما نحو السودان. وقالت الصحيفة إن «قادة السودان عمليون. وإذا ساهم أوباما مساهمة مباشرة في وضع سياسة السودان، وإذا قدم إغراءات مناسبة، يقدر على كسب قادة السودان».

وأشارت الصحيفة إلى أن فوز أوباما بجائزة نوبل للسلام السنة الماضية «كان مفاجأة له قبل غيره». لهذا، يقدر على أن يبرهن على أنه يستحق الجائزة إذا منع عودة الحرب إلى السودان. وشجعت الصحيفة أوباما ليسلك «طريق الإغراءات، لا طريق العقوبات في هذا الوقت الحرج». وقالت إن هذا «يتماشى مع طبيعة أوباما في تفضيل الجزرة على العصا، وفي استعمال الوسائل الدبلوماسية والإغراءات أكثر من الضغوط والتهديدات».

إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة أن مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو سيشارك الجمعة في جلسة استماع لكتلة النواب السود بالكونغرس الأميركي، التي يخاطبها النائب الأول للرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت. وستكون الجلسة تحت شعار «تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، والعدالة، والمساءلة، ودور السياسة الأميركية». وكشفت الكتلة خلال دعوة وزعتها على الصحافيين مشاركة أوكامبو، ومخاطبة الجلسة. كما يشارك في الجلسة كبير مستشاري الرئيس الصومالي، عبد الكريم جاما، وسفير جنوب أفريقيا في واشنطن إبراهيم رسول، وراجيف شاه المسؤول التنفيذي لهيئة المعونة الأميركية، وجون برندرغاست مؤسس حركة «إيناف» (كفاية) الأميركية التي تعنى بقضايا الإبادة الجماعية، وجونيتا كول مديرة المتحف القومي للفن الأفريقي في العاصمة الأميركية واشنطن.

وأكدت المصادر وقوف النواب السود إلى جانب قيام استفتاء سكان جنوب السودان في موعده ودعم خيار الجنوبيين بما في ذلك خيار الانفصال عن الشمال، بالإضافة إلى الضغط على المجتمع الدولي لتصعيد قضية جرائم حرب إقليم دارفور المضطرب والضغط على الرئيس السوداني عمر البشير الذي توجه له المحكمة تهما بارتكاب إبادة جماعية.

إلى ذلك، شرعت حكومة جنوب السودان في ترتيبات عملية لإعادة مليون ونصف من السودانيين الجنوبيين في الشمال وفي مصر، إلى الجنوب للمشاركة في الاستفتاء. وأكد منسق العودة الطوعية للجنوبيين السودانيين كور ماج شول أن السلطات في الجنوب شرعت في الترتيبات ووضع اللمسات الأخيرة لاستقبال الجنوبيين الذين يعيشون في الشمال وفي مصر. وأشار إلى أن حكومة الجنوب بالتعاون مع الشركاء الدوليين وحكومة الوحدة الوطنية ستقوم بتخصيص مناطق استقبال (معسكرات) للعائدين لمدة 3 أشهر في مدينتي واو وجوبا، وأضاف أن منظمة الغذاء العالمي تعهدت بتوفير الغذاء للعائدين طيلة هذه الفترة على أن يتم العمل على إعادة توطينهم بعد ذلك في مناطقهم الأصلية.

وطالب شول، منظمات الأمم المتحدة والشركاء الدوليين بدعم مناطق الاستقبال وتوفير الخيام والغذاء والمعونات الصحية والتعليمية الطارئة، قبل أن يصف «جيش الرب» بأنه أكبر مهدد لعودة الجنوبيين، على أن العودة الطوعية حق إنساني كفلته اتفاقية السلام ولا علاقة له بالاستفتاء.

في غضون ذلك، بدأ وزير الخارجية الإريتري عثمان صالح، والمسؤول السياسي في الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة يماني قبراب مباحثات في الخرطوم خلال زيارة بدأت أمس. وكشفت مصادر «الشرق الأوسط» أن الوفد الإريتري بدأ مباحثات ذات طابع أمني بلقاء مستشار الرئيس السوداني الفريق صلاح عبد الله قوش. وتوقعت المصادر أن تتركز المباحثات على استفتاء الجنوب ودارفور.

وفي السياق ذاته، قال الناطق باسم الخارجية السودانية معاوية عثمان خالد لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد سيلتقي عددا من المسؤولين بالدولة لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك وجهود إحلال السلام في السودان وسير تنفيذ اتفاقية السلام وتطورات الأوضاع في دارفور على ضوء استراتيجية الحكومة الجديدة لمعالجة الوضع في دارفور. كما ستبحث الزيارة في التنسيق بين الخرطوم وأسمرة خلال اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في الأسبوع المقبل.

يذكر أن إريتريا ترفض التدخل الدولي في شأن السودان وقرار المحكمة الجنائية بتسليم الرئيس البشير في جرائم دارفور. وفي السياق ذاته، أكد رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي دعم أديس أبابا لوحدة السودان، وعبر عن ثقته في حنكة وحكمة شريكي الحكم في السودان اللذين أنجزا اتفاق السلام الشامل للعمل المشترك لخدمة الأهداف التي تعزز السلام والوحدة والاستقرار في السودان والمنطقة بكاملها. وكان زيناوي قد استقبل مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان إسماعيل الذي حمل رسالة من البشير لزيناوي تتعلق بالتطورات السودانية. ويشارك إسماعيل في مؤتمر للحزب الحاكم في إثيوبيا اليوم.